تلاحظ فی الرّوایات المتعددة المنقولة عن النّبی (صلى الله علیه وآله) والأئمّة الطاهرین (علیهم السلام) تعبیرات تکشف عن الأهمیّة الکبرى للصلاة فی نظر الإسلام.
یقول أبو عثمان: کنت جالساً مع سلمان الفارسی تحت شجرة فأخذ غصناً یابساً وهزّه حتى تساقطت أوراقه جمیعاً، ثمّ التفت إلیّ وقال: ما سألتنی لم فعلت ذلک؟!
فقلتُ: وما ترید؟!
قال: هذا ما کان من رسول الله (صلى الله علیه وآله) حین کنت جالساً معه تحت شجرة ثمّ سألنی النّبی هذا السؤال وقال: «ما سألتنی لِمَ فعلت ذلک؟».
فقلت له: ولمَ یا رسولَ الله؟
فقال: «إنّ المسلم إذا توضأ فأحسن الوضوء ثمّ صلّى الصلوات الخمس تحاتّت خطایاه کما تحاتّ هذا الورق» ثمّ قرأ الآیة «وأقم الصلاة... الخ». (1)
ونقرأ فی حدیث آخر عن أحد أصحاب رسول الله (صلى الله علیه وآله) واسمه أبو أمامة أنّه قال: «کنت جالساً یوماً فی المسجد مع رسول الله (صلى الله علیه وآله) فجاءه رجل وقال: یا رسول الله، أذنبت ذنباً یستوجب الحدّ فأقم علیَّ الحدّ، فقال (صلى الله علیه وآله) : «أصلیت معنا؟» قال: نعم یا رسول الله، فقال (صلى الله علیه وآله) : «فإن الله غفر ذنبک»... أو «أسقط عنک الحد» (2) .
کما نقل عن علی (علیه السلام) أنه قال: «کنّا مع رسول الله ننتظر الصلاة فقام رجل وقال: یا رسول الله، أذنبت. فأعرض النّبی بوجهه عنه، فلما إنتهت الصلاة قام ذلک الرجل وأعاد کلامه ثانیةً، فقال النّبی (صلى الله علیه وآله) : ألم تصلّ معنا وأحسنت لها الوضوء؟ فقال بلى، فقال: هذه کفارة ذنبک» (3) .
ونقل عن علی (علیه السلام) أیضاً أنّه قال: «قال رسول الله (صلى الله علیه وآله) : إنّما منزلة الصلوات الخمس لاُمتی کنهر جار على باب أحدکم، فما یظن أحدکم لو کان فی جسده درن ثمّ اغتسل فی ذلک النهر خمس مرات، أکان یبقى فی جسده درن؟ فکذلک والله الصلوات الخمس لاُمتی» (4) .
وعلى کل حال، لا مجال للشکّ فی أنّه متى ما أدّیت الصلاة بشرائطها فإنّها تنقل الإنسان إلى عالم من المعنویّة والروحانیّة بحیث توثق علائقه الإیمانیة بالله، وتغسل عن قلبه وروحه الأدران وآثار الذنوب.
الصلاة تجیر الإنسان من الذنب، وتجلو صدأ القلوب.
الصلاة تجذّر الملکات السامیة للإنسان فی أعماق الروح البشریة، والصلاة تقوی الإرادة وتطهر القلب والروح، وبهذا الترتیب فإن الصلاة الواعیة الفاعلة هی مذهب تربوی عظیم.
1. تفسیر مجمع البیان، ذیل الآیة مورد البحث; بحارالانوار، ج 79، ص 319، ص 208 بتفاوت یسیر.
2. تفسیر مجمع البیان، ذیل الآیة مورد البحث.
3. المصدر السابق.
4. تفسیر مجمع البیان، ذیل الآیة مورد البحث.
