هل الخلود فی الآیات ـ محل البحث ـ بمعنى البقاء الدائم؟! أو هو بالمعنى اللغوی المراد منه المدّة الطویلة؟
قال بعض المفسّرین: بما أنّ الخلود مقید هنا بقوله (ما دامت السّماوات والأرض) فإنّ الخلود لیس معناه البقاء الأبدی الدائم، لأنّ السّماوات والأرض لا أبدیة لهما... وطبقاً لصریح القرآن فإنّ یوماً سیأتی تنطوی فیه السّماوات وتبدل الأرض إلى أرض اُخرى. (1)
ولکن، مع ملاحظة أنّ مثل هذه التعابیر فی اللغة العربیة یراد بها البقاء الدائم، فالآیات ـ محل البحث ـ أیضاً تبیّن الدوام.
فمثلا تقول العرب: هذا الأمر قائم ما لاح کوکب، أو ما کرّ الجدیدان (اللیل والنهار) أو ما أضاء فجر، أو ما اختلف اللیل والنهار، وأمثالها... وهی کنایة عن البقاء الدائم، ونقرأ عن الإمام علی (علیه السلام) فی نهج البلاغة وذلک حین أشکل علیه بعض المنتقدین الجهلة على تقسیمه من بیت المال بالسویّة وعدم التمییز بین مقامات الناس لتوطید دفة الحکم.
فانزعج الإمام (علیه السلام) وقال: «أتأمرنی أن أطلب النصر بالجور فی من ولیت علیه؟ والله لا أَطور به ما سمر سمیر وما أمّ نجم فی السّماء نجماً» (2) .
ونقرأ فی قصیدة دعبل الخزاعی المعروفة التی أنشدها فی حضرة الإمام علی بن موسى الرض (علیه السلام) هذا البیت:
سأبکیهمُ ما ذرّ فی الأفق شارق *** ونادى منادی الخیر فی الصلوات (3)
وبالطبع فإنّ هذا الاستعمال لیس مخصوصاً بلغة العرب وآدابها، ففی اللغات الاُخرى یوجد مثل هذا الاستعمال أیضاً... على کل حال فإنّ دلالة الآیة على الدوام قطعیة وغیر قابلة للنقاش.