السّعادة والشّقاوة:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 6
سورة هود / الآیة 105 ـ 1081ـ هل أنّ السعادة والشقاوة ذاتیان؟

أشیر فی الآیات المتقدّمة إلى مسألة القیامة واجتماع الناس کلّهم فی تلک المحکمة العظیمة... وهذه الآیات ـ محل البحث ـ بیّنت زاویة من عواقب الناس ومصیرهم فی ذلک الیوم، إذ تقول الآیات أوّلا: (یوم یأت لا تکلّم نفسٌ إلاّ بإذنه).

قد یُتصور أحیاناً أنّ هذه الآیة الدالة على تکلّم الناس فی ذلک الیوم بإذن الله، تنافی الآیات التی تنفی التکلم هناک مطلقاً، کالآیة 65 من سورة یس (الیوم نختم على أفواههم وتکلّمنا أیدیهم وتشهد أرجلهم بما کانوا یکسبون)، وکالآیة 35 من سورة المرسلات حیث نقرأ: (هذا یوم لا ینطقون).

ولهذا السبب قال بعض المفسّرین الکبار: إنّ التکلم هناک «یوم القیامة» لا مفهوم له أساساً. لأنّ التکلم وسیلة لکشف باطن الأشخاص وداخلهم، ولو کان لدینا إحساس نستطیع أن نطّلع به على أفکار کل شخص لم یکن حاجة إلى التکلم أبداً.

فعلى هذا لمّا کانت الأسرار وجمیع الأشیاء تنکشف «یوم القیامة» على حالة «الظهور والبروز» فلا معنى للتکلم أصلا.

وببیان آخر: إنّ الدار الآخرة دار مکافأة وجزاء لا دار عمل، وعلى هذا فلا معنى هناک لاختیار الإنسان وتکلمه حسب رغبته وإرادته، بل هو الإنسان وعمله وما یتعلق به، فلو أراد التکلم فلا یکون کلامه عن اختیار وارادة وحاکیا عمّا فی ضمیره کما فی الدنیا، بل کل ما یتکلم به هناک فهو نوع من الإنعکاس عن أعماله التی تظهر جلیّة ذلک الیوم، أی إنّ الکلام هناک لیس کالکلام فی الدنیا بحیث یستطیع الإنسان على حسب میله أن یتکلم صادقاً أو کاذباً.

وعلى کل حال فإنّ ذلک الیوم هو یوم کشف حقائق الأشیاء وعودة الغیب إلى الشهود، ولا شبه له بهذه الدنیا.

ولکن هذا الإستنتاج من الآیة المتقدّمة لا ینسجم مع ظاهر الآیات الاُخرى فی القرآن، لأنّ القرآن یتحدث عن کثیر من کلام المؤمنین والمجرمین والقادة والجبابرة وأتباعهم، والشیطان والمنخدعین به، وأهل النّار وأهل الجنّة، بحیث یدل على أنّ هناک کلاماً کالکلام فی هذه الدنیا أیضاً.

حتى أنّ بعض الآیات یستفاد منها أنّ قسماً من المجرمین یکذبون فی ردّهم على بعض الأسئلة، کما هو مذکور فی سورة الأنعام الآیات 22 إلى 24 حیث تقول الآیات (ویوم نحشرهم جمیعاً ثمّ نقول للذین أشرکوا أین شرکاؤکم الذین کنتم تزعمون * ثمّ لم تکن فتنتهم إلاّ أن قالوا والله ربّنا ما کنّا مشرکین * انظر کیف کذبوا على أنفسهم وضلّ عنهم ما کانوا یفترون).

فعلى هذا، من المستحسن أن یجاب على السؤال المتعلق بتناقض ظواهر الآیات حول التکلم بما ذکره کثیر من المفسّرین، وهو أنّ الناس یقطعون فی ذلک الیوم مراحل مختلفة... وکل مرحلة لها خصوصیاتها، ففی قسم من المراحل لا یُسألون أبداً حتى أنّ أفواههم یُختم علیها فلا یتکلمون، وإنّما تنطق أعضاء أجسادهم التی حفظت آثار أعمالها بلغة من دون لسان، وفی المراحل الاُخرى یرفع الختم أو القفل عن أفواههم ویتکلمون بإذن الله فیعترفون بأخطائهم وذنوبهم ویلوم المخطئون بعضهم بعضاً، بل یحاولون أن یُلقوا تبعات أوزارهم على غیرهم.

ویشار فی نهایة الآیة إلى تقسیم الناس جمیعاً إلى طائفتین: طائفة محظوظة، واُخرى بائسة تعیسة (فمنهم شقی وسعید).

و«السعید» مشتق من مادة «السعادة» ومعناها توفر أسباب النعمة.

و«الشقی» مشتق من مادة «الشقاء» ومعناه توفر أسباب البلاء والمحنة.

فالسعداء ـ إذاً ـ هم الصالحون الذین یتمتعون بأنواع النعم فی الجنّة والأشقیاء هم المسیئون الذین هم یتقلبون فی أنواع العذاب والعقاب فی جهنم.

ولیس هذا الشقاء ـ على کل حال ـ وتلک السعادة سوى نتیجة الأعمال والأقوال والنیّات التی سلفت من الإنسان فی الدنیا.

والعجیب أنّ بعض المفسّرین یتخذون هذه الآیة ذریعة لعقیدتهم الباطلة فی مجال الجبر، فی حین أنّ الآیة لیس فیها أقلّ دلیل على هذا المعنى، بل هی تتحدث عن السعداء والأشقیاء فی یوم القیامة وأنّهم وصلوا جمیعاً بأعمالهم إلى هذه المرحلة، ولعلهم توهموا هذه النتیجة من هذه الآیة بالخلط بینها وبین بعض الأحادیث التی تتکلم عن شقاء الإنسان أو سعادته وهو فی بطن اُمّه قبل الولادة، ولکن هذه المسألة لیس هنا مجالها إذ لها قصّة اُخرى وحدیث طویل.

ثمّ تشرح الآیات حالات السعداء والأشقیاء فی عبارات موجزة وأخّاذة حیث تقول (فأمّا الذین شقوا ففی النّار لهم فیها زفیر وشهیق) وتضیف حاکیة عن حالهم أیضاً: (خالدین فیها ما دامت السّماوات والأرض إلاّ ما شاء ربّک إنّ ربّک فعال لما یرید * وأمّا الذین سُعدوا ففی الجنّة خالدین فیها ما دامت السّماوات والأرض إلاّ ما شاء ربّک عطاءً غیر مجذوذ).

سورة هود / الآیة 105 ـ 1081ـ هل أنّ السعادة والشقاوة ذاتیان؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma