التّفسیر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 6
سورة هود / الآیة 100 ـ 104 سورة هود / الآیة 105 ـ 108

فی آیات هذه السورة تبیان لقصص سبعة أقوام من الأقوام السابقین ولمحات من تاریخ أنبیائهم، وکل واحد منهم یکشف للإنسان قسماً جدیراً بالنظر من حیاته الملیئة بالحوادث ویحمل بین جنبیه دروساً من العبرة للإنسان.

وهنا إشارة إلى جمیع تلک القصص، فیتحدث القرآن عن صورة مستجمعة لما مرّ من الحوادث والأنباء حیث یقول: (ذلک من أنباء القرى نقصّه علیک منها قائم وحصید).

وکلمة «قائم» تشیر إلى المدن والعمارات التی لا تزال باقیة من الأقوام السابقین، کأرض مصر التی کانت مکان الفراعنة ولا تزال آثار اُولئک الظالمین باقیة بعد الغرق، فالحدائق والبساتین وکثیر من العمارات المذهلة قائمة بعدهم.

وکلمة «حصید» معناها اللغوی قطع النباتات بالمنجل، وفی هذه الکلمة إشارة إلى بعض الأراضی البائرة، کأرض قوم نوح وأرض قوم لوط، حیث إنّ واحدة منهما دمرها الغرق والثانیة اُمطرت بالحجارة.

(وما ظلمناهم ولکن ظلموا أنفسهم) حیث رکنوا ولجأوا إلى الأصنام والآلـهة «المزعومة» (فما أغنت عنهم آلهتهم التی یدعون من دون الله من شیء لما جاء أمر ربّک) بل زادوهم ضرراً وخسراناً (وما زادوهم غیر تتبیب) (1) .

(وکذلک أخذ ربّک إذا أخذ القرى وهی ظالمة) فلا یدعها على حالها و(إنّ أخذه ألیم شدید).

هذا قانون إلـهی عام ومنهج دائم، فما من قوم أو اُمّة من الناس یتجاوزون حدود الله ویمدون أیدیهم للظلم ولا یکترثون لنصائح أنبیائهم ومواعظهم، إلاّ أخذهم الله أخذاً شدیداً واعتصرتهم قبضة العذاب.

هذه الحقیقة تؤکّد أنّ المنهاج السابق منهاج عمومی وسنّة دائمة، وتستفاد من آیات القرآن بصورة جیدة، وهی فی الواقع إنذار لأهل العالم جمیعاً: أن لا تظنوا أنّکم مستثنون من هذا القانون، أو أنّ هذا الحکم مخصوص بالأقوام السابقین.

وبالطبع فإنّ الظلم بمعناه الواسع یشمل جمیع الذنوب، ووصُفت القریة أو المدینةُ بأنّها «ظالمة» مع أنّ الوصف ینبغی أن یکون لساکنیها، فکأنما هناک مسألة دقیقة وهی أنّ أهل هذه المدینة انغمسوا فی الظلم إلى درجة حتى کأنّ المدینة أصبحت مغموسة فی الظلم أیضاً.

وبما إنّ هذا قانون کلّی وعام فإنّ القرآن یقول مباشرةً: (إنّ فی ذلک لآیة لمن خاف عذاب الآخرة).

لانّ الدنیا لا تعدُّ شیئاً إزاء الآخرة، وجمیع ما فی الدنیا حقیر حتى ثوابها وعقابها، والعالم الآخر أوسع ـ من جمیع النواحی ـ من هذه الدنیا، فالمؤمنون بیوم القیامة ینظرون بعین العبرة لدى مشاهدة هذه المُثُل والنماذج فی الدنیا، ویواصلون طریقهم.

وفی ختام الآیة إشارة إلى وصفین من أوصاف یوم القیامة حیث یقول القرآن (ذلک یوم مجموع له الناس وذلک یوم مشهود).

هی إشارة إلى أنّ القوانین والسنن الإلهیة کما هی عامّة فی هذا العالم، فإنّ اجتماع الناس فی تلک المحکمة الإلهیة أیضاً عام، وسیکون فی زمان واحد ویوم مشهود للجمیع یحضره الناس کلّهم ویرونه.

من الطریف هنا أنّ الآیة تقول (ذلک یوم مجموع له الناس) ولم تقل «مجموع فیه الناس» وهذا التعبیر إشارة إلى أنّ یوم القیامة لیس ظرفاً لاجتماع الناس فحسب، بل هو هدف یمضی إلیه الناس فی مسیرهم التکاملی.

ونقرأ فی الآیة 9 من سورة التغابن (یوم یجمعکم لیوم الجمع ذلک یومُ التّغابن).

وبما أنّ البعض قد یتوهم أنّ الحدیث عن ذلک الیوم لم یحن أجله فهو نسیئة وغیر معلوم وقت حلوله، لهذا فإنّ القرآن یقول مباشرة: (وما نؤخره إلاّ لأجل معدود).

وذلک أیضاً لمصلحة واضحة جلیّة لیرى الناس میادین الاختبار والتعلم، ولیتجلى آخر منهج للأنبیاء وتظهر آخر حلقة للتکامل الذی یمکن لهذا العالم أن یستوعبها ثمّ تکون النهایة.

والتعبیر بکلمة «معدود» إشارة إلى قُرب یوم القیامة، لأنّ کل شیء یقع تحت العدّ والحساب فهو محدود وقریب.

والخلاصة أنّ تأخیر ذلک الیوم لا ینبغی أن یغترّ به الظالمون، لأنّ یوم القیامة وإن تأخر فهو آت لا محالة، بل إنّ التعبیر بتأخره أیضاً غیر صحیح.


1. «التتبیب» مشتق من مادة «تبّ» ومعناه الاستمرار فی الضرر، وقد یأتی بمعنى الهلاک أیضاً.
سورة هود / الآیة 100 ـ 104 سورة هود / الآیة 105 ـ 108
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma