بالرغم من أنّ العالم الغربی ملیء بالانحرافات الجنسیة، وأنّ هذه الأعمال السیئة قد باتت متعارفة بحیث ذکروا أنّ بعض الدول کبریطانیا وطبقاً لقانون صدر بکل وقاحة من المجلس النیابی «البرلمان» فیها یجوّز هذا الموضوع «اللواط أو السحاق» ولکن شیوع هذه المنکرات لا یخفف من قبحها ومن مفاسدها الأخلاقیة والاجتماعیة والنفسیة.

بعض أتباع المذاهب المادّیة الذین تلوّثوا بمثل هذه المنکرات یقولون: نحن لا نجد محذوراً طبیّاً فی هذا الأمر.

ولکنّهم لم یلتفتوا إلى أنّ کل انحراف جنسی له أثره السلبی فی روحیة الإنسان وبنائه النفسی یفقده توازنه.

توضیح ذلک، أنّ الإنسان الطبیعی والسلیم یمیل إلى المخالف من جنسه، أی إنّ الرجل یمیل إلى المرأة، والمرأة تمیل إلى الرجل، وهذا المیل من أشدّ الغرائز المتجذرة فیه، والضامن لبقاء نسله، فأیّ عمل یؤدّی إلى تحویر هذا المیل الطبیعی عن مساره فسیوجد نوعاً من المرض والانحراف النفسی فی الإنسان.

فالرجل الذی یمیل إلى نظیره من جنسه، لیس رجلا کاملا، وقد عُدّ هذا الانحراف فی کتب الاُمور الجنسیة «هموسکوالیسیم» أی المیل الجنسی للمماثل من أهم الانحرافات.

والاستمرار على هذا العمل وإدامته یمیت فی الفرد المیل الجنسی إلى المخالف، والشخص الذی یسلّم نفسه لممارسة هذا العمل معه یشعر شیئاً فشیئاً «بإحساسات المرأة» ویورث هذا العمل الطرفین «الفاعل والمفعول» ضعفاً مفرطاً فی الجنس حتى أنّه لا یستطیع بعد مدّة على المعاشرة الطبیعیة مع جنسه المخالف.

ومع ملاحظة أنّ الإحساسات الجنسیّة ]بالنسبة للرجل والمرأة[ لها تأثیرها فی أعضاء بدن کل منهما، کما أنّ لها تأثیرها على روحیة کلٍّ منهما وأخلاقه، تتّضح أنّ فقدان الإحساسات الطبیعیة إلى أی درجة سیؤثر على روح الإنسان وجسمه حتى أنّه من الممکن أن یبتلى الأفراد هؤلاء بالضعف الجنسی الذی یؤدّی إلى عدم القدرة على الإنجاب والتولید.

وهؤلاء الأشخاص ـ غالباً ـ لیسوا أصحاء من الناحیة النفسیّة، ویحسون فی داخلهم أنّهم غرباء عن أنفسهم وغرباء عن مجتمعهم... ویفقدون بالتدریج القدرة على الإرادة التی هی أساس لکم نجاح وشرط من شروطه، ویتکرس فی روحهم نوع من الإضطراب والقلق.

وإذا لم یصمموا على إصلاح أنفسهم فوراً، ولم یستعینوا عند الضرورة والحاجة بالطبیب النفسی أو الطبیب الجسمی فسیغدو هذا العمل عندهم عادة یصعب ترکها، وعلى کلِّ حال، فإنّ أی وقت لترک هذا العمل القبیح لا یعدّ خارجاً عن أوانه، بل لابدّ من التصمیم الجاد.

ولا ریب أنّ الحیرة والإضطراب النفسی قد یجرّ هؤلاء إلى استعمال المواد المخدرة والمشروبات الکحولیة، کما یجرّهم إلى انحرافات أخلاقیة اُخرى، وهذا بنفسه شقاء عظیم.

الطریف أنّنا نقرأ فی الرّوایات الإسلامیة عبارة موجزة وذات معنى کبیر تشیر إلى هذه المفاسد، ومن هذه الرّوایات ما نقل عن الإمام الصادق (علیه السلام) أنّ رجلا سأله: لم حرّم الله اللواط؟ فقال سلام الله علیه: «من أجل أنّه لو کان إتیان الغلام حلالا لإستغنى الرجال عن النساء وکان فیه قطع النسل وتعطیل الفروج وکان فی اجازة ذلک فَساد کبیر» (1) .

وما یجدر ذکره أنّ أحد العقوبات الشرعیة لهذا العمل أنّ الإسلام حرم الزواج من أخت المفعول واُمّه وبنته على الفاعل، أی إذا تحقق اللواط قبل الزواج فعندئذ یحرم الزواج منهنّ حرمة مؤبدة.

وآخر ما ینبغی التذکیر به هنا من المسائل الدقیقة، أن جرّ الأفراد إلى مثل هذا الانحراف الجنسی له أسباب وعلل مختلفة، حتى من ضمنها أحیاناً طریقة التعامل والمعاشرة من قبل الوالدین مع أبنائهما، أو الغفلة عنهم وعدم مراقبة من معهم من بنی جنسهم، وطریقة معاشرتهم ومنامهم معاً فی بیت واحد، کل ذلک له أثره الفاعل فی هذا التلوّث والإنحراف.

نحن نقرأ فی أحوال قوم لوط أنّ سبب انحرافهم وتلوثهم بهذا الذنب أنّهم کانوا قوماً بخلاء، ولمّا کانت مدنهم على قارعة الطریق التی تمرّ بها قوافل الشام ولم یکونوا لیرغبوا فی استضافة العابرین من المسافرین، کانوا یوحون إلیهم بدایة الأمر أنّهم یریدون أن یعتدوا علیهم جنسیاً لیفرّ منهم الضیوف والمسافرون، ولکنّ هذا العمل أصبح بالتدریج مألوفاً عندهم ونما عندهم الانحراف الجنسی وبلغ عملهم حدّاً أنّهم تلوّثوا بالآثام من قرنهم إلى قدمهم (2) .

وربّما جرّ المزاح غیر المناسب بین الذکور أو بین الإناث إلى هذا الانحراف، فعلى کل حال، ینبغی ملاحظة هذه المسائل بدقة وإنقاذ المنحرفین والملوّثین بهذا الذنب بسرعة، ویطلب من الله التوفیق فی هذا السبیل.

1. وسائل الشیعة، ج 14، ص 252.
2. بحارالانوار، ج 12، ص 147; علل الشرایع، ج 2، ص 548، مکتبة الداورى.