قوم لوط وحیاة الخزی:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 6
سورة هود / الآیة 77 ـ 80 بحوث

مرّت فی آیات من سورة الأعراف إشارة إلى شیء من مصیر قوم لوط، وفسّرنا ذلک فی محلّه، وهنا یتناول القرآن الکریم ـ وبمناسبة ما ذکره من قصص الأنبیاء وأقوامهم وبما ورد فی الآیات المتقدمة عن قصّة لوط وقومه ـ قسماً آخر من حیاة هؤلاء القوم المنحرفین الضالین لیتابع بیان الهدف الأصلی ألا وهو سعادة المجتمع الإنسانی ونجاته بأسره.

یبیّن القرآن الکریم فی هذا الصدد أوّلا... أنّه لما جاءت رسلنا لوطاً طار هلعاً وضاق بهم ذرعاً وأحاط به الهمّ من کل جانب (ولما جاءت رسلنا لوطاً سیىء بهم وضاق بهم ذرع).

وقد ورد فی الرّوایات الإسلامیة أنّ لوطاً کان فی مزرعَته حیث فوجىء بعدد من الشباب الوسیمین الصِباح الوجوه قادمون نحوه وراغبون فی النّزول عنده ولرغبته باستضافتهم من جهة، ولعلمه بالواقع المریر الذی سیشهده فی مدینته الملوّثة بالانحراف الجنسی من جهة اُخرى، کل ذلک أوجب له الهم...

ومرّت هذه المسائل على شکل أفکار وصور مرهقة فی فکره، وتحدث مع نفسه (وقال هذا یوم عصیب)، لاحتمال الفضیحة والتورط فی مشاکل عویصة.

کلمة (سیىء) مشتقّة من ساء، ومعناها عدم الإرتیاح وسوء الحال، و«الذرع» تعنی «القلب» على قول، وقال آخرون: معناها «الخُلق» فعلى هذا یکون معنى (ضاق بهم ذرع)أنّ قلبه أصیب بتأثر شدید لهؤلاء الأضیاف غیر المدعوین فی مثل هذه الظروف الصعبة.

ولکن بحسب ما ینقله «الفخر الرازی» فی تفسیره عن «الأزهری» أنّ الذرع فی هذه الموارد یعنى «الطاقة» وفی الأصل معناه الفاصلة بین اذرع البعیر أثناء سیره.

وطبیعی حین یحمل البعیر أکثر من طاقته فإنّه یضطر إلى تقریب خطواته وتقلیل الفاصلة بین خطواته، وبهذه المناسبة وبالتدریج استعمل هذا المعنى فی عدم الإرتیاح والإستثقال من الحوادث.

ویستفاد من بعض کتب اللغة ککتاب «القاموس» أنّ هذا التعبیر إنّما یستعمل فی شدة الحادثة بحیث یجد الإنسان جمیع الطرق بوجهه موصدة.

وکلمة «عصیب» مشتقّة من «العصب» على زنة «الکلب» ومعناه ربط الشیء بالآخر وشده شدّاً محکماً، وبما إنّ الحوادث الصعبة تشدُّ الإنسان وکأنّها تسلبه راحته فیظل مبلبل الأفکار سُمّیت «عصیبة» وتطلق العرب على الأیّام شدیدة الحر أنّها عصیبة أیضاً.

وعلى کل حال، فإنّ لوطاً لم یجد بدأ من أن یأتی بضیوفه إلى البیت ویقوم بواجب الضیافة ولکنّه حدّثهم فی الطریق ـ عدة مرّات ـ أنّ أهل هذه المدینة منحرفون وأشرار لیکونوا على حذر منهم.

ونقرأ فی إحدى الرّوایات أنّ الله سبحانه أمر ملائکته أن لا یعذبوا قوم لوط حتى یعترف لوط علیهم ثلاث مرّات، ومعنى ذلک أنّه حتى فی تنفیذ حکم الله بالنسبة لقوم ظالمین لابدّ من تحقق موازین عادلة فی المحاکمة، وقد سمع رسل الله شهادة لوط فی قومه ثلاث مرّات أثناء الطریق (1) .

وورد فی بعض الرّوایات أنّ لوطاً أخّر ضیوفه کثیراً حتى حلول اللیل، فلعله یستطیع أن یحفظ ماء وجهه من شرور قومه، ویقوم بواجب الضیافة دون أن یُساء إلى أضیافه، ولکن ما عسى أن یفعل الإنسان إذا کان عدوه داخل بیته، وکانت امرأة لوط امرأة کافرة وتساعد قومه الظالمین، وقد اطلعت على ورود هؤلاء الأضیاف إلى بیتها، فصعدت إلى أعلى السطح وصفقت بیدیها أوّلا، ثمّ بإشعال النّار وتصاعد الدخان أعلمت جماعة من هؤلاء القوم بأنّ طعمة دسمة قد وقعت فی «الشِباک» (2) .

یقول القرآن الکریم فی هذا الصدد (وجاءه قومه یُهرعون إلیه) (3) وکانت حیاة هؤلاء القوم مسودّة وملطخة بالعار (ومن قبلُ کانوا یعملون السّیّئات) فکان من حق لوط أن یضیق ذرعاً ویصرخ ممّا یرى من شدّة استیائه و(قال یا قوم هؤلاء بناتی هنّ أطهر لکم)فأنا مستعد أن أزوجهن إیّاکم (فاتّقوا الله ولا تخزون فی ضیفی ألیس منکم رجل رشید)یصدکم عن هذه الأعمال المخزیة وینصحکم بالإقلاع عنها.

ولکن هؤلاء القوم المفسدین أجابوا لوطاً بکل وقاحة وعدم حیاء و(قالوا لقد علمت ما لنا فی بناتک من حق وإنّک لتعلم ما نرید).

وهنا وجد لوط - هذا النّبی العظیم - نفسه محاصراً فی هذه الحادثة المریرة فنادى و(قال لو أنّ لی بکم قوةً) أو سند من العشیرة والأتباع والمعاهدین الأقویاء حتى اتغلّب علیکم (أو آوی إلى رکن شدید).


1. تفسیر مجمع البیان، ذیل الآیة مورد البحث; وأصول الکافی، ج 5، ص 547، ح 6.
2. تفسیر المیزان، ج 10، ص 362; اصول الکافی، ج 5، ص 546، ح 6.
3. «یُهرعون» مشتقّة من «الإهراع» ومعناها السیاقة الشدیدة، فکأنّما تسوق غریزة هؤلاء إیّاهم بشدّة إلى أضیافه.
سورة هود / الآیة 77 ـ 80 بحوث
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma