شروع الطّوفان:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 6
سورة هود / الآیة 40 ـ 43 1ـ هل کان طوفان نوح مستوعباً للعالم؟!

رأینا فی الآیات المتقدمة کیف صنع نوح (علیه السلام) وجماعته المؤمنون سفینة النجاة بصدق. وواجهوا جمیع المشاکل واستهزاء الأکثریة من غیر المؤمنین، وهیأوا أنفسهم للطوفان، ذلک الطوفان الذی طهّر سطح الأرض من لوث المستکبرین الکفرة.

والآیات ـ محل البحث ـ تتعرض لموضوع ثالث، وهو کیف کانت النهایة؟

وکیف تحقق نزول العذاب على القوم المستکبرین، فتبیّنه بهذا التعبیر (حتى إذا جاء أمرنا وفار التنّور).

التَنّوُر: بتشدید النون، هو المکان الذی ینضج الخبز فیه بعد أن کان عجیناً.

لکن ما مناسبة فوران الماء فی التنور واقتراب الطوفان؟

اختلف المفسّرون فکانت لهم أقوال کثیرة فی ذلک..

قال بعضهم: کان العلامة بین نوح وربّه لحلول الطوفان أن یفور التنّور، لیلتفت نوح وأصحابه إلى ذلک فیرکبوا فی السفینة مع وسائلهم وأسبابهم.

وقال جماعة آخرون: إنّ کلمة «التنور» استعملت هنا مجازاً وکنایةً عن غضب الله، ویعنی أن غضب الله اشتدّت شعلته وفار، فهو إشارة الى اقتراب حلول العذاب المدمّر، وهذا التعبیر مطرّد حیث یشبّهون شدّة الغضب بالفورة والإشتعال!

ولکن یبدو أنّ احتمال أن یکون التنور قد استعمل بمعناه الحقیقی المعروف أقوى، والمراد بالتنّور لیس تنّوراً خاصّاً، بل المقصود بیان هذه المسألة الدقیقة، وهی أنّ حین فار التنّور بالماء ـ وهو محل النّار عادةً ـ التفت نوح (علیه السلام) وأصحابه إلى أنّ الأوضاع بدأت تتبدل بسرعة وأنّه حدثت المفاجأة، فأین «الماء من النّار»؟! (1)

وبتعبیر آخر: حین رأوا أنّ سطح الماء ارتفع من تحت الأرض وأخذ یفور من داخل التنور الذی یُصنع فی مکان یابس ومحفوظ، من الرطوبة علموا أنّ أمراً مهمّاً قد حدث وأنّه قد ظهر فی التکوین أمر خطیر، وکان ذلک علامة لنوح (علیه السلام) وأصحابه أن ینهضوا ویتهیأوا.

ولَعَلّ قوم نوح الغافلین رأوا هذه الآیة. وهی فوران التنور بالماء فی بیوتهم ولکن غضّوا أجفانهم وصمّوا آذانهم کعادتهم عند ظهور مثل العلائم الکبیرة حتى أنّهم لم یسمحوا لأنفسهم بالتفکیر فی هذا الأمر وأن إنذارات نوح حقیقیة.

فی هذه الحالة بلغ الأمر الإلهی نوحاً (قلنا احمل فیها من کلّ زوجین اثنین وأهلک إلاّ من سبق علیه القول ومن آمن).

لکنْ کم هم الذین آمنوا معه؟ (وما آمن معه إلاّ قلیل).

هذه الآیة تشیر من جهة إلى امرأة نوح وابنه کنعان ـ اللذین ستأتی قصتهما فی الآیات المقبلة ـ وقد قطعا علاقتهما بنوح على أثر انحرافهما وتآمرهما مع المجرمین، فلم یکن لهما حق فی رکوب السفینة لیکونا من الناجین، لأنّ الشرط الأوّل للرکوب کان هو الإیمان.

وتشیر الآیة من جهة اُخرى إلى أنّ ثمرة جهاد نوح (علیه السلام) بعد هذه السنین الطوال والسعی الحثیث المتواصل فی التبلیغ لدعوته، لم یکن سوى هذا النفر المؤمن القلیل! (2)

بعض الرّوایات تقول أنّه استجاب لنوح خلال هذه الفترة الطویلة ثمانون شخصاً فقط، وتشیر بعض الرّوایات الاُخرى إلى عدد أقل من ذلک، وهذا الأمر یدل على ما کان علیه هذا النّبی العظیم نوح (علیه السلام) من الصبر والإستقامة فی درجة قصوى بحیث کان معدل مایبذله من جهد لهدایة شخص واحد عشر سنوات تقریباً، هذا التعب الذی لا یبذله الناس حتى لأولادهم!.

جمع نوح (علیه السلام) ذویه وأصحابه المؤمنین بسرعة، وحین أزف الوعد واقترب الطوفان وأوشک أن یحل عذاب الله أمرهم أن یرکبوا فی السفینة (وقال ارکبوا فیها بسم الله مجراها ومرساه) (3) .

لماذا؟! لکی یعلمهم أنّه ینبغی أن تکونوا فی جمیع الحالات فی ذکر الله تعالى وتستمدوا العون من اسمه وذکره (إنّ ربّی لغفور رحیم).

فبمقتضى رحمته جعل هذه السفینة تحت تصرفکم واختیارکم لتنجیکم من الغرق وبمقتضى عفوه وغفرانه یتجاوز عن أخطائکم.

وأخیراً حانت اللحظة الحاسمة، إذ صدر الأمر الإلهی فتلبّدت السماء بالغیوم کأنّها قطع اللیل المظلم، وتراکم بعضها على بعض بشکل لم یسبق له مثیل، وتتابعت أصوات الرعد وومضات البرق فی السماء کلها تخبر عن حادثة «مهولة ومرعبة جدّاً».

شرعَ المطر وتوإلى مسرعاً منهمراً أکثر فأکثر، وکما یصفه القرآن فی سورة القمر، الآیتان 11 و12: (ففتحنا أبواب السّماء بماء منهمر * وفجّرنا الأرضَ عیوناً فالتقى الماءُ على أمر قد قدر).

ومن جهة اُخرى إرتفعت المیاه الجوفیة بصورة رهیبة بحیث تفجرت عیون الماء من کل مکان.

وهکذا إتصلت میاه الأرض بمیاه السماء، فلم یبق جبل ولا واد ولا تلعة ولا نجد إلاّ استوعبه الماء وصار بحراً محیطاً خضمّاً... أمّا الأمواج فکانت على أثر الریاح الشدیدة تتلاطم وتغدو کالجبال. وسفینة نوح ومن معه تمضی فی هذا البحر (وهی تجری بهم فی موج کالجبال ونادى نوح ابنه وکان فی معزل یا بنی ارکب معنا ولا تکن مع الکافرین) فإنّ مصیرک الى الفناء إذا لم ترکب معنا.

لم یکن نوح هذا النّبی العظیم أباً فحسب، بل کان مربیّاً لا یعرف التعب والنصب، ومتفائلا بالأمل الکبیر بحیث لم ییأس من ابنه القاسی القلب، فناداه عسى أن یستجیب له، ولکن ـ للأسف ـ کان أثر المحیط السیء علیه أکبر من تأثیر قلب أبیه المتحرّق علیه.

لذلک فإنّ هذا الولد اللجوج الاحمق، وظنّاً منه أن ینجو من غضب الله أجاب والده نوحاً و(قال سآوی إلى جبل یعصمنی من الماء) ولکنّ نوحاً لم ییأس مرّة اُخرى فنصحه أن یترک غروره ویرکب معه و(قال لا عاصم الیوم من أمر الله) ولاینجو من هذا الغرق إلاّ من شمله لطف الله (إلاّ من رحم).

الجبل أمره سهل وهین، وکرة الأرض أمرها هین کذلک... الشمس والمجموعة الشمسیة بما فیها من عظمة مذهلة لا تعدل ذرّة إزاء قدرة الله الأزلیّة.

ألیس أعلى الجبال بالنسبة لکرة الأرض بمثابة نتوءات صغیرة على سطح برتقالة؟! ألیست هذه الأرض التی ینبغی أن یتضاعف حجمها إلى ملیون ومئتی ألف مرّة حتى تبلغ حجم الشمس، وهذه الشمس التی تعدّ نجماً متوسطاً فی السماء من بین ملایین الملایین من النجوم فی متسع عالم الخلق، فأیّ خیال ساذج وفکر بلید یتوقع من الجبل أن یصنع شیئاً؟

وفی هذه الحالة التی کان ینادی نوح إبنه ولا یستجیب الابن له ارتفعت موجة عظیمة والتهمت کنعان بن نوح وفصل الموج بین نوح وولده (وحال بینهما الموج فکان من المغرقین).


1. طبقاً لبعض الروایات کان محل فوران الماء فی التنور هو مسجد الکوفة، وکذلک کان محل صنع سفینة نوح (علیه السلام)، اصول الکافی، ج 3، ص 492، ح 3.
2. علل الشرایع، ج 1، ص 30، ح 1.
3. «المجرى» و«المرسى»: اسما زمان، ویعنی الأوّل وقت التحرک، والثّانی وقت التوقف.
سورة هود / الآیة 40 ـ 43 1ـ هل کان طوفان نوح مستوعباً للعالم؟!
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma