ما أنا بطارد الذین آمنوا:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 6
سورة هود / الآیة 29 ـ 31 1ـ أولیاء اللّه ومعرفة الغیب

فی الآیات المتقدمة رأینا أنّ قوم نوح «الأنانیین» کانوا یحتالون بالحجج الواهیة والاشکالات غیر المنطقیة على نوح وأجابهم ببیان جلیّ واضح.

والآیات محل البحث تتابع ما ردّ به نوح (علیه السلام) على قومه المنکرین. فالآیة الاُولى التی تحمل واحداً من دلائل نبوّة نوح، ومن أجل أن تنیر القلوب المظلمة من قومه تقول على لسان نوح: (ویا قوم لا أسألکم علیه مال) فأنا لا أطلب لقاء دعوتی مالا أو ثروة منکم، وإنّما جزائی وثوابی على الله سبحانه الذی بعثنی بالنّبوة وأمرنی بدعوة خلقه إلیه (إن أجری إلاّ على الله).

وهذا یوضح بصورة جیدة وبجلاء أنّنی لا أبتغی هدفاً مادیاً من منهجی هذا، ولا أفکر بغیر الأجر المعنوی من الله سبحانه، ولا یستطیع مُدّع کاذب أن یتحمل الآلام والمخاطر دون أن یفکر بالربح والنفع.

وهذا معیارٌ ومیزان لمعرفة القادة الصادقین من غیرهم الذین یتحیّنون الفرص ویهدفون إلى تأمین المنافع المادیة فی کل خطوة یخطونها سواء کان بشکل مباشر أو غیر مباشر.

ویعقب نوح (علیه السلام) بعد ذلک فی ردّه على مقولة طرد المؤمنین به من الفقراء والشباب فیقول بصورة قاطعة: (وما أنا بطارد الّذین آمنو) لأنّهم سیلاقون ربّهم ویخاصموننی فی الدار الآخرة (إنّهم ملاقوا ربّهم) (1) .

ثمّ تُختتم الآیة ببیان نوح لقومه بأنّکم جاهلون (ولکنّی أراکم قوماً تجهلون) وأی جهل وعدم معرفة أعظم من أن تضیعوا مقیاس الفضیلة وتبحثون عنها فی الثروة والمال الکثیر والجاه والمقام الظاهری،وتزعمون أنّ هؤلاء المؤمنین العُفاة الحفاة بعیدون عن الله وساحة قدسه!

هذا خطؤکم الکبیر وعدم معرفتکم ودلیل جهلکم.

ثمّ أنتم تتصورون ـ بجهلکم ـ أن یکون النّبی من الملائکة، فی حین ینبغی أن یکون قائد الناس من جنسهم لیحسّ بحاجاتهم ویعرف مشاکلهم وآلامهم.

وفی الآیة التی بعدها یقول لهم موضحاً: إنّنی لو طردت من حولی فمن ینصرنی من عدل الله یوم القیامة وحتى فی هذه الدنیا (ویا قوم من ینصرنی من الله إن طردتّهم).

فطرد المؤمنین الصالحین لیس بالأمر الهیّن، إذ سیکونون خصومی یوم القیامة بطردی لهم، ولا أحدَ هناک یستطیع أن یدافع عنّی ویخلصنی من عدل الله، ولربّما أصابتنی عقوبة الله فی هذه الدنیا، أم أنّکم لا تفکرون فی أنّ ما أقوله هو الحقیقة عینها (أفلا تذکّرون).

والفرق بین «التفکر» و«التذکّر» هو أنّ التفکر فی حقیقته إنّما یکون لمعرفة شیء لم تکن لنا فیه خبرة من قبل، وأمّا التذکر فیقال فی مورد یکون معروفاً للإنسان قبل ذلک، کما فی المعارف الفطریّة.

والمسائل التی کانت بین نوح (علیه السلام) وقومه هی أیضاً من هذا القبیل، مسائل یعرفها الإنسان ویدرکها بفطرته وتدبّره، ولکن تعصب قومه وغرورهم وغفلتهم وأنانیتهم ألقت علیها حجاباً وغشاءً فکأنّهم عموا عنها.

وآخر ما یجیب به نوح قومه ویردّ على إشکالاتهم الواهیة... إنّکم إذا کنتم تتصورون أن لی امتیازاً آخر غیر الإعجاز الذی لدیّ عن طریق الوحی فذلک خطأ، وأقول لکم بصراحة: (ولا أقول لکم عندی خزائن الله) ولا أستطیع أن أحقق کل شیء أریده وکل عمل أطلبه، حیث تحکی الآیة عن لسانه (ولا أقول لکم عندی خزائن الله) ولا أقول لکم إنّنی مطلع على الغیب (ولا أعلم الغیب) ولا أدعی أنّنی غیرکم کأن أکون من الملائکة مثلا (ولا أقول إنّی ملک) فهذه الادّعاءات الفارغة والکاذبة یتذرع بها المدّعون الکذَبَة، وهیهات أن یتذرع بها الأنبیاء الصادقون، لأنّ خزائن الله وعلم الغیب من خصوصیات ذات الله القُدسیّة وحدها، ولا ینسجم المَلَک مع هذه الأحاسیس البشریة أیضاً.

فکل من یدعی واحداً من هذه الاُمور الثلاثة المتقدمة ـ أو جمیعها ـ فهو کاذب.

ومثل هذا التعبیر ورد فی نبی الإسلام (صلى الله علیه وآله) أیضاً کما نلاحظ ذلک فی الآیة 50 من سورة الأنعام حیث تقول الآیة مخاطبة النّبی أن یبلغ قومه بذلک (قل لا أقول لکم عندی خزائن الله ولا أعلم الغیب ولا أقول لکم إنّی مَلَک إن أتّبع إلاّ ما یوحى إلىّ) فانحصَار امتیاز نبىّ الإسلام فی مسألة «الوحی» ونفی الاُمور الثلاثة الاُخرى یدل على أنّ الآیات التی تحدثت عن نوح کانت تستبطن هذا المعنى أیضاً وإن لم تصرّح بذلک بمثل هذا التصریح!.

وفی ذیل الآیة یکرر التأکید على المؤمنین المستضعفین بالقول: (ولا أقول للّذین تزدری أعینکم لن یؤتیهم الله خیراً...) بل على العکس تماماً، فخیر هذه الدنیا وخیر الآخرة لهم وإن کانوا حُفاة لخلوّ أیدیهم من المال والثروة... فأنتم الذین تحسبون الخیر منحصراً فی المال والمقام والسن، تجهلون الحقیقة ومعناها تماماً.

وعلى فرض صحة مُدّعاکم أراذل و«أوباش» فـ (الله أعلم بما فی أنفسهم).

أنا الذی لا أرى منهم شیئاً سوى الصدق والإیمان یجب علىَّ قبولهم، لأنّی مأمور بالظاهر، والعارف بأسرار العباد هو الله سبحانه، فإن عملت غیر عملی هذا کنت آثماً (إنّی إذاً لّمن الظّالمین).

ویرد هذا الاحتمال أیضاً فی تفسیر الجملة الأخیرة لأنّها مرتبطة بجمیع محتوى الآیة، أی إذا کنت أدّعی علم الغیب أو أنّی ملک أو أن عندی خزائن الله أو أن أطرد المؤمنین، فسأکون عند الله وعند الوجدان فی صفوف الظالمین.


1. وهناک احتمال آخر فی تفسیر هذه الجملة، وهو أنّ مراد نوح (علیه السلام): إنّ الذین آمنوا بی إذا کانوا کاذبین فی الباطن فإنّهم سیلاقون ربّهم یوم القیامة وهو یحاسبهم، ولکن الاحتمال المذکور أقرب للصحة.
سورة هود / الآیة 29 ـ 31 1ـ أولیاء اللّه ومعرفة الغیب
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma