إنّ آیات هذه السورة تقرر أن على المسلمین أن لا یترکوا السوح والمیادین ـ فی الحرب والسلم ـ لکثرة الأعداء ومواجهاتهم الحادة... بل علیهم أن یواصلوا مسیرتهم ویستقیموا أکثر فأکثر ویوماً بعد یوم...
وعلى هذا فإنّنا نقرأ فی حدیث معروف عن النّبی (صلى الله علیه وآله) أنّه قال: «شیبتنی سورة هود» (1)
وفی حدیث آخر أنّه حین لاحظ أصحاب النّبی آثار الشیب قبل أوانه على محیّاه (صلى الله علیه وآله)قالوا: یا رسول الله، تعجّل الشیب علیک. فقال (صلى الله علیه وآله) «شیبتنی سورة هود والواقعة» (2) .
وفی روایات اُخرى أضیف أیضاً سورة المرسلات وسورة النبأ وسورة التکویر وغیرها إلى هاتین السورتین. (3)
ونُقل عن ابن عباس فی تفسیر الحدیث الشریف ـ آنف الذکر ـ أنّه مانزل على رسول الله (صلى الله علیه وآله) آیة کان أشدّ علیه ولا أشق من آیة (فاستقم کما أمرت ومن تاب معک). (4)
کما نقل عن بعض المفسّرین أنّ أحد العلماء رأى رسول الله (صلى الله علیه وآله) فی المنام فسأله عن سبب ما نُقل عنه من قوله: «شیبتنی سورة هود» أهو ما سلف من الاُمم السابقة وهلاکها؟ فبیّن له (صلى الله علیه وآله) أن سببه آیة (فاستقم کما اُ مرت). (5)
وعلى کل حال فإنّ هذه السورة ـ بالإضافة إلى هذه الآیة ـ فیها آیات مؤثّرة اُخرى تتعلق بیوم القیامة والمحاسبة فی محکمة العدل الإلهی، وآیات تتعلق بما ناله الأقوام السابقون من جزاء، وما جاء مع بعضها من أوامر فی الوقوف بوجه الفساد بحیث یحمل جمیعها طابع المسؤولیة... فلا عجب إذاً أن یشیب الإنسان عندما یفکر فی مثل هذه المسؤولیات...
مسألة دقیقة اُخرى ینبغی الإلتفات إلیها فی هذا المجال، وهی أنّ کثیراً من هذه الآیات تؤکّد ماورد فی السورة السابقة ـ أی سورة یونس ـ وأوائلها بوجه خاص یشبه أوائل تلک السورة ومضامینها تؤکّد تلک المضامین.