هل کان النّبی شاکّاً؟!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 5
لاتدع للشک طریقاً إلى نفسک! سورة یونس / الآیة 98

یمکن أن یتراءى للنظر فی البدایة أنّ هذه الآیات تحکی عن أنّ النّبی (صلى الله علیه وآله) کان شاکّاً فی صدق الآیات التی کانت تنزل علیه، وأنّ الله سبحانه قد أزال شکّه عن الطریق أعلاه.

ولکن واقع الأمر أنّ النّبی (صلى الله علیه وآله) کان یتلقى مسألة الوحی مع الشهود والمشاهدة ـ کما تحکی آیات القرآن هذا المعنى ـ ومعه لا یبقى أی معنى للشک فی هذا المورد. إضافةً إلى أنّ هذا الاُسلوب من خطاب القریب من أجل تنبیه البعید رائج فی العرف، وهذا هو المراد من المثل المعروف: إیّاک أعنی واسمعی یا جارة، (1) وتأثیر مثل هذا الکلام أکبر من الخطاب الصریح فی کثیر من الموارد.

إضافةً إلى أن ذکر الجملة الشرطیة لایدل دائماً على احتمال وجود الشرط، بل هو للتأکید على مسألة ما أحیاناً، أو لبیان قانون کلی عام، فنقرأ مثلا فی الآیة 23 من سورة الإسراء: (وقضى ربّک ألاّ تعبدوا إلاّ إیّاه وبالوالدین إحساناً إمّا یبلغنّ عندک الکبر أحدهما أو کلاهما فلا تقل لهما أفّ ) وینبغی الإنتباه إلى أنّ المخاطب فی الآیة هو النّبی ظاهراً، إلاّ أنّه لما کان النّبی (صلى الله علیه وآله) فقد أباه قبل ولادته واُمّه فی طفولته، فإنّ من الواضح أنّ احترام الوالدین طُرح هنا کقانون عام بالرغم من أن المخاطب ظاهراً هو النّبی (صلى الله علیه وآله).

وکذلک نقرأ فی الآیة 1 من سورة الطلاق: (یا أیّهاالنّبىّ إذا طلّقتم النساء ) وهذا التعبیر لایدلّ على أن النّبی قد طلّق امرأة فی حیاته، بل هو بیان قانون عام، والبدیع فی هذا التعبیر أنّ المخاطب فی بدایة الجملة هو النّبی، وفی نهایتها کل الناس.

ومن جملة القرائن التی تؤید أنّ المقصود الأساس فی الآیة هم المشرکون والکافرون، الآیات التی تتلو هذه الآیة والتی تتحدث عن کفر وجحود هؤلاء.

ویلاحظ نظیر هذا الموضوع فی الآیات المرتبطة بالمسیح، عندما یسأله الله یوم القیامة: (ءأنت قلت للناس اتّخذونی وأمّی إلهین من دون الله )؟ فإنّه ینکر هذه المسألة بصراحة، ویضیف: (إن کنت قلته فقد علمته ) سورة المائدة من الآیة 116.

ثمّ تضیف الآیة التّالیة: (ولا تکوننّ من الّذین کذّبوا بآیات الله فتکون من الخاسرین )من بعد ما اتّضحت لک آیات الله وصدق هذه الدعوة.

إنّ الآیة السابقة تقول بأنّک إن کنت فی شک فاسأل اُولئک المطلعین العالمین، وتقول هذه الآیة بأنّک یجب أن تسلم مقابل هذه الآیات بعد أن ارتفعت عوامل الشک، وإلاّ فإنّ مخالفة الحق لا عاقبة لها إلاّ الخسران.

إنّ هذه الآیة قرینة واضحة على أنّ المقصود من الآیة السابقة هم عموم الناس بالرغم من أن الخطاب موجه إلى شخص النّبی (صلى الله علیه وآله)، لأنّ من البدیهی أنّ النّبی (صلى الله علیه وآله) لم یکن یکذب الآیات الإلهیّة مطلقاً، بل کان المدافع المستمیت الصلب عن دینه.

ثمّ أنّها تخبر النّبی (صلى الله علیه وآله) بأنّ من بین مخالفیک جماعة متعصبین عنودین لا فائدة من انتظار إیمانهم، فإنّهم قد مسخوا من الناحیة الفکریة، وتوغّلوا فی طریق الباطل إلى الحدّ الذی فقدوا معه الضمیر الإنسانی الحی تماماً، وتحولوا إلى موجودات لایمکن اختراقها، غایة ما فی الأمر أنّ القرآن الکریم یبیّن هذا الموضوع بهذا التعبیر: (إنّ الّذین حقّت علیهم کلمت ربّک لایؤمنون ).

وحتى إذا جاءتهم کل الآیات والدلالات فإنّهم لایؤمنون: (ولو جاءتهم کلّ آیة حتى یروا العذاب الألیم ) ولا أثر لإیمانهم فی ذلک الوقت.

إنّ الآیات الاُولى من الآیات مورد البحث تدعو عامّة الناس إلى المطالعة والتحقیق والسؤال من أهل العلم، ثمّ طلبت منهم أن ینصروا الحق ویدافعوا عنه بعد أن اتّضح لهم، إلاّ أنّ الآیات الأخیرة تقول: لا تتوقّع أن یؤمن کل هؤلاء، لأنّ البعض قد فسد قلبه بحیث لایمکن إصلاحه، فلا یثبّطک عدم إیمانهم عن مواصلة الطریق. ولا تتعب نفسک فی سبیل هدایتهم، بل توجّه إلى الأکثریة من الناس ممّن لهم أهلیة الهدایة.

وکما کررنا مراراً، فإنّ مثل هذه التعبیرات - لیست دلیلا على الجبر أبداً، بل هی من قبیل ذکر آثار عمل الإنسان، لکن لما کان أثر کل شیء بأمر الله، فإنّ هذه الاُمور تنسب إلى الله أحیاناً.

ویبدو أنّ ذکر هذه النقطة مهم أیضاً، وهی أنّنا قرأنا فی بعض الآیات السابقة فی شأن فرعون أنّه قد أظهر الإیمان بعد نزول العذاب والوقوع فی قبضة الطوفان، إلاّ أنّ مثل هذا

الإیمان لما کان یتصف بالاضطرار لم ینفعه. إلاّ أنّ هذه الآیات تقول إنّ هذا لم یکن اُسلوب وطریق فرعون وحده، بل هو طریق کل العنودین الأنانیین المستکبرین المُسْوَدّة قلوبهم الذین وصلوا إلى قمة الطغیان ولدیهم نفس هذه الحالة، فإنّ هؤلاء أیضاً لا یؤمنون حتى یروا العذاب الألیم، ذلک الإیمان العدیم الأثر بالنسبة لهؤلاء.


1. بحارالانوار، ج 90، ص 145.
لاتدع للشک طریقاً إلى نفسک! سورة یونس / الآیة 98
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma