المرحلة الثّالثة:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 5
سورة یونس / الآیة 83 ـ 86 سورة یونس / الآیة 87 ـ 89

عکست هذه الآیات مرحلة اُخرى من المواجهة الثوریة بین موسى وفرعون، ففی البدایة تبیّن وضع المؤمنین فتقول: (فما آمن لموسى إلاّ ذرّیّة من قومه ).

إنّ هذه المجموعة الصغیرة القلیلة، والتی کان الشباب والأشبال یشکّلون أکثریتها بمقتضى ظاهر کلمة ذریّة، کانت تواجه ضغوطا شدیدة من فرعون وأتباعه إلى درجة أنّهم خافوا أن یصل بهم الأمر إلى ترک دین موسى نتیجة هذه الضغوط الشدیدة: (على خوف من فرعون وملإیهم أن یفتنهم وإنّ فرعون لعال فی الأرض وإنّه لمن المسرفین ).

وهناک بحث بین المفسّرین فی أنّه من کانت هذه الذریّة التی آمنت بموسى؟ وإلى من یعود ضمیر (من قومه ) إلى موسى أم فرعون؟

فذهب البعض إلى أنّ هؤلاء کانوا نفراً قلیلا من قوم فرعون والأقباط کمؤمن آل فرعون، وزوجة فرعون وماشطتها ووصیفتها، والظاهر أنّ الدلیل على اختیار هذا الرأی أنّ أغلب بنی إسرائیل قد آمنوا، وهذا لا یناسب التعبیر بـ (ذرّیّة من قومه ) لأنّه یدل على صغر هذه المجموعة.

إلاّ أنّ البعض الآخر یرى أنّهم جماعة من بنی إسرائیل، والضمیر یعود إلى موسى، لأنّ

اسم موسى قد ذکر قبله، وحسب قواعد اللغة والنحو فإنّ الضمیر یجب أن یرجع إلیه.

ولا شک أنّ المعنى الثّانی أوفق لظاهر الآیة، والدلیل الآخر الذی یؤید ذلک هو الآیة التالیة التی تقول: (وقال موسى یا قوم... ) أی إنّه خاطب المؤمنین بـ «قومی».

الإشکال الوحید الذی یبقى على هذا التّفسیر، هو أنّ جمیع بنی إسرائیل قد آمنوا بموسى، لا جماعة منهم.

إلاّ أنّ هذا الإیراد یمکن دفعه بملاحظة هذه النقطة، وهی أنّنا نعلم أنّ الشباب فی کل ثورة هم أوّل مجموعة تنجذب إلیها، فإضافة إلى قلوبهم الطاهرة وأفکارهم السلیمة، فإنّ الحماس والهیجان الثوری لدیهم أکبر وأقوى، علاوة على أنّهم غیر متعلقین بالاُمور المادیة التی تدعو الکبار إلى المحافظة علیها وغیرها من الملاحظات المختلفة الاُخرى، فلیس لهم مال وثروة یخافون ضیاعها، ولا منصب ولا مقام یخشون فقدانه.

بناءً على هذا، فمن الطبیعی أن تنجذب هذه الفئة إلى موسى، وتعبیر «الذریّة» یناسب هذا المعنى جدّاً.

هذا إضافةً إلى أنّ کبار السن الذین التحقوا فیما بعد بهذه الفئة لم یکن لهم دور مهم فی المجتمع آنذاک، وکانوا ضعفاء وعاجزین، وهذا التعبیر ـ کما نقل عن ابن عباس (1) ـ فی حقهم لیس ببعید کما أنّنا حینما ندعو بعض أصدقائنا نقول: اذهب وادعُ الأولاد، بالرغم من أنّهم قد یکونون کباراً، وإذا لم نتفق وهذا المعنى للآیة، فإنّ الاحتمال الأوّل یبقى على قوته.

إضافةً إلى أن الذریّة وإن کانت تطلق عادة على الأولاد، إلاّ أنّها من ناحیة الأصل اللغوی ـ کما یقول الراغب فی المفردات ـ تشمل الصغیر والکبیر.

والملاحظة الاُخرى التی ینبغی الإلتفات إلیها هنا، هی أنّ المراد من الفتنة التی تستفاد من جملة (أن یفتنهم ) هو صرف هؤلاء عن دین موسى بالتهدید والإرعاب والتعذیب، أو بمعنى آخر إیجاد مختلف المصاعب والعراقیل امامهم سواء کانت دینیة أو غیر دینیة.

على کل حال، فقد حدّث موسى هؤلاء بلسان المحبّة والمودة من أجل تهدئة خواطرهم وتسکین قلوبهم: (وقال موسى یا قوم إن کنتم آمنتم بالله فعلیه توکّلوا إن کنتم مسلمین ).

إنّ حقیقة التوکل هی إلقاء العمل والتصرف فی الاُمور على کاهل الوکیل، ولیس معنى التوکل أن یترک الإنسان الجد والسعی وینزوی فی زاویة ویقول: إنّ الله معتمدی وکفى، بل معناه أن یبذل قصارى جهده، فإذا لم یستطع أن یحل المشکلة ویرفع الموانع من طریقه، فلا یدع للخوف طریقاً إلى نفسه، بل یصمد أمامها بالتوکل والإعتماد على لطف الله والاستعانة بذاته المقدسة وقدرته اللامتناهیة، ویستمر فی جهاده المتواصل، وحتى فی حالات القدرة والاستطاعة فإنّه لا یرى نفسه مستغنیاً عن الله، لأنّ کل قدرة یتمتع بها هی من الله فی النهایة.

هذا هو مفهوم التوکّل الذی لا ینفک عن الإیمان والإسلام، لأنّ الفرد المؤمن والمذعن لأوامر الله یعتقد أنّه قادر على کل شیء، وکل عسیر مقابل إرادته سهل یسیر، ویعتقد بوعد الله تعالى للمؤمنین بالنصر.

إنّ هؤلاء المؤمنین المخلصین أجابوا دعوة موسى بالتوکل: (فقالوا على الله توکّلنا ). ثمّ رجوا من الله سبحانه أن ینجیهم من شر الأعداء ووساوسهم وضغوطهم ویؤمّنهم: (ربّنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمین ).

(ونجّنا برحمتک من القوم الکافرین ) والجمیل فی الأمر أنّ فرعون قد وصف فی الآیة الاُولى بأنّه من (المسرفین ) وفی الآیة الثّالثة سمّی هو وأعوانه باسم (الظالمین )، وفی آخر آیة بأنّهم من (الکافرین ).

إنّ هذا التفاوت فی التعبیرات ربّما لأنّ الإنسان یشرع فی مسیر الذنب والخطأ من الإسراف أوّلا، أی التعدی على الحدود، ثمّ الظلم، وینتهی عمله أخیراً إلى الکفر والالحاد!


1. تفسیر المیزان، ج 10، ص 112; وتفسیر مجمع البیان، ذیل الآیة مورد البحث.
سورة یونس / الآیة 83 ـ 86 سورة یونس / الآیة 87 ـ 89
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma