القرآن رحمة إلهیة کبرى:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 5
سورة یونس / الآیة 57 ـ 58 1ـ هل أنّ القلب هو مرکز الإحساسات؟

لقد جاءت فی بعض الآیات السابقة بحوث فی شأن القرآن عکست جوانب من مخالفات المشرکین. وفی هذه الآیات تجدد الکلام عن القرآن بهذه المناسبة أیضاً، ففی البدایة تخاطب جمیع البشریة خطاباً عالمیاً وشمولیاً وتقول:

(یا أیّها الناس قد جاءتکم موعظة من ربّکم وشفاء لما فی الصدور وهدى ورحمة للمؤمنین ).

لقد بیّنت هذه الآیة أربع صفات للقرآن، ولإدراک مدلولاتها ومحتواها لابدّ أن نعتمد أوّلا على لغاتها ومعناها.

«الوعظ» و«الموعظة»، کما جاء فی المفردات: هو النهی الممتزج بالتهدید، إنّ معنى الموعظة أوسع من هذا ظاهراً، کما نقل عن الخلیل بن أحمد الفراهیدی فی نفس کتاب المفردات، أنّ الموعظة عبارة عن التذکیر بالنعم والطیبات المقترن برقة القلب، وفی الحقیقة فإنّ کل نصح وإرشاد یترک أثراً فی المخاطب، ویخوفه من السیئات ویرغّبه فی الصالحات یسمى وعظاً وموعظة، وطبعاً لیس معنى هذا أنّ کل موعظة یجب أن یکون لها تأثیر، بل المراد أنّها تؤثر فی القلوب المستعدة.

والمقصود من شفاء أمراض القلوب، وبتعبیر القرآن شفاء ما فی الصدور، هی تلک التلوّثات المعنویة والروحیة، کالبخل والحقد والحسد والجبن والشرک والنفاق وأمثال ذلک، وکلها من الأمراض الروحیة والمعنویة.

والمقصود من «الهدایة» هو الهدایة نحو المقصود، أی تکامل ورقی الإنسان فی کافة الجوانب الإیجابیة.

والمراد من «الرحمة» هی النعم المادیة والمعنویة الإلهیّة التی تشمل حال الأفراد اللائقین، کما نقرأ فی کتاب المفردات أنّ الرحمة متى ما نسبت إلى الله فإنّها تعنی بذله وهبته للنعم، وإذا ما نسبت إلى البشر فإنّها تعنی العطف ورقة القلب.

فی الواقع، إنّ الآیة أعلاه تشرح وتبیّن أربع مراحل من مراحل تربیة وتکامل الإنسان فی ظل القرآن.

المرحلة الاُولى: مرحلة الموعظة والنصیحة.

المرحلة الثّانیة: مرحلة تطهیر روح الإنسان من مختلف أنواع الرذائل الأخلاقیة.

المرحلة الثّالثة: مرحلة الهدایة التی تجری بعد مرحلة التطهیر.

المرحلة الرّابعة: هی المرحلة التی یصل فیها الإنسان إلى أن یکون لائقاً لأن تشمله رحمة الله ونعمته.

وکل مرحلة من هذه المراحل تأتی بعد المرحلة السابقة لها، والجمیل فی الأمر أنّها تتمّ جمیعاً فی ظل نور القرآن وتوجیهاته.

القرآن هو الذی یعظ البشر، والقرآن هو الذی یغسل قلوبهم من تبعات الذنوب والصفات القبیحة، والقرآن هو الذی یوقد نور الهدایة فی القلوب لیضیئها، والقرآن أیضاً هو الذی ینزل النعم الإلهیّة على الفرد والمجتمع.

ویوضح أمیرالمؤمنین علی(علیه السلام) فی کلامه الجامع فی نهج البلاغة هذه الحقیقة بأبلغ تعبیر، حیث یقول: «فاستشفوه من أدوائکم، واستعینوا به على ولائکم، فإنّ فیه شفاء من أکبر الداء، وهو الکفر والنفاق، والغی والضلال» (1) .

وهذا بنفسه یبیّن أنّ القرآن وَصْفَة لتحسین حال الفرد والمجتمع، وصیانتهم من أنواع الأمراض الأخلاقیة والاجتماعیة، وهذه الحقیقة أودعها المسلمون فی کف النسیان، وبدل أن یستفیدوا من هذا الدواء الشافی، فإنّهم یبحثون عن دوائهم وعلاجهم فی المذاهب الاُخرى، وجعلوا هذا الکتاب السماوی الکبیر کتاب قراءة فقط، لا کتاب تفکر وعمل!

وتقول الآیة الاُخرى من أجل تکمیل هذا البحث والتأکید على هذه النعمة الإلهیّة الکبرى ـ أی القرآن المجید ـ: (قل بفضل الله وبرحمته فبذلک فلیفرحوا ) ولا یفرحوا بمقدار الثروات، وعظم المراکز، وعزة القوم والقبیلة، لأنّ رأس المال الحقیقی والأساس للسعادة الحقیقیة هو هذا القرآن، فهو أفضل من کل ما جمعوه، ولا یمکن قیاسه بذلک المجموع، إذاً (هو خیر ممّا یجمعون ).


1. نهج البلاغة، الخطبة 176.
سورة یونس / الآیة 57 ـ 58 1ـ هل أنّ القلب هو مرکز الإحساسات؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma