بحوث

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 5
واحدة من علامات الحق والباطل: سورة یونس / الآیة 37 ـ 40

قرأنا فی الآیات أعلاه أنّ الله سبحانه وحده الذی یهدی إلى الحق، وهذا الحصر إمّا لأنّ المقصود من الهدایة لیس هو إراءة الطریق وحسب، بل هو الإیصال إلى المقصد، وهذا الأمر بید الله فقط، أو لأنّ إراءة الطریق والدلالة علیه هو أیضاً من عمل الله فی الدرجة الاُولى، وأمّا غیره من الأنبیاء والمرشدین والمصلحین الإلهیین فإنّهم یطلعون على طریق الهدایة عن طریقه وهدایته، ویصبحون علماء بتعلیمه.

إنّ ما نقرؤه فی الآیات أعلاه من أنّ آلهة المشرکین لا تستطیع أن تهدی أحداً، بل هی بذاتها محتاجة إلى الهدایة الإلهیّة، وإن کان لا یصدق على الأصنام الحجریة والخشبیة، لأنّها لا تملک العقل والشعور مطلقاً، إلاّ أنّه یصدق تماماً فی حق الآلهة التی لها شعور کالملائکة والبشر الذین أصبحوا معبودین.

ویحتمل أیضاً أن تکون الجملة المذکورة بمعنى القضیة الشرطیة، أی على فرض أنّ للأصنام عقلا وشعوراً، فإنّها لا تستطیع أن تجد الطریق بدون الهدایة الإلهیّة لنفسها، فکیف ستقدر على هدایة الآخرین؟

وعلى کل حال، فإنّ الآیات أعلاه تبیّن ـ بوضوح ـ أنّ من برامج الله الأصلیة لعباده أن یهدیهم إلى الحق، ویتمّ ذلک عن طریق منح العقل، وإعطاء الدروس المختلفة عن طریق الفطرة، وإرادة وإظهار آیاته فی عالم الخلقة، وکذلک عن طریق إرسال الأنبیاء والکتب السماویة.

طالعنا فی آخر آیة من هذه الآیات أنّ أکثر المشرکین وعبدة الأصنام یتبعون ظنونهم وأوهامهم، وهنا یأتی سؤال، وهو: لماذا لم یقل الله سبحانه: وما یتبع کلّهم بدل أکثرهم، لأنّا نعلم أنّ جمیع المشرکین شرکاء فی هذا الظن الباطل، حیث یعتقدون أنّ الأصنام آلهة بحق وتملک النفع والضر وتشفع عند الله، ولهذا فإنّ البعض اضطر إلى تفسیر کلمة «أکثرهم» بأنّها تعنی «جمیعهم»، وذهب أن هذه الکلمة جاءت أحیاناً بهذا المعنى.

إلاّ أنّ هذا الجواب غیر وجیه، والأفضل أن نقول: إنّ المشرکین صنفان: صنف یشکل الأکثریة، وهم الأفراد الخرافیون الجهلاء الذین وقعوا تحت تأثیر الأفکار الخاطئة، واختاروا الأصنام لعبادتها.

أمّا القسم الثّانی، وهم الأقلیة، فهم الزعماء وأئمّة الکفر الواعون لحقیقة الأمر والمطّلعون على عدم صحة عبادة الأصنام وأنّها لا أساس لها، إلاّ أنّهم یدعون الناس لعبادتها حفظاً لمصالحهم، ولهذا السبب فإنّ الله یجیب الصنف الأوّل فقط لأنّهم مؤهلین للهدایة، أمّا الصنف الثّانی فلم یعبأ بهم مطلقاً لأنّهم سلکوا هذا الطریق عن علم ووعی.

یعتبر جماعة من علماء الأصول هذه الآیة وأمثالها دلیلا على أن الظن لا یمکن أن یکون حجة وسنداً بأی وجه من الوجوه، وأنّ الأدلة القطعیة هی الوحیدة التی یمکن الاعتماد علیها.

إلاّ أنّ جماعة اُخرى یقولون: إنّنا نلاحظ بین الادلة الفقهیة أدلّة ظنیة کثیرة، کحجیة ظواهر الألفاظ، وشهادة الشاهدین العدلین، أو خبر الواحد الثقة وأمثال ذلک، ولذلک فإنّ الآیة المذکورة دلیل على أنّ القاعدة الأصلیة فی مسألة الظن هی عدم حجیته، إلاّ أنّ تثبت حجیته بالدلیل القطعی کالأمثلة أعلاه.

إلاّ أنّ الحق هو أنّ الآیة أعلاه تتحدث عن الظنون والأوهام التی لا أساس لها، کظنون وأوهام عبدة الأصنام فقط، ولا علاقة لها بالظن الذی یمکن الاعتماد علیه والموجود بین العقلاء، وبناء على هذا فإنّ هذه الآیة وأمثالها لایمکن الاستناد إلیها بأی وجه فی مسألة عدم حجیة الظن. فتدبّر جیداً.


1. «یهدّی» کانت فی الأصل «یهتدی»، فبدلت التاء دالا وأدغمت فشددت.
واحدة من علامات الحق والباطل: سورة یونس / الآیة 37 ـ 40
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma