قتال الأقرب فالأقرب:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 5
سورة التّوبة / الآیة 123 سورة التّوبة / الآیة 124 ـ 125

أشارت الآیة فی سیاق أحکام الجهاد التی ذکرت لحد الآن فی هذه السورة ـ إلى أمرین آخرین فی هذا الموضوع الإسلامی المهم، فوجهت الخطاب أوّلا إلى المؤمنین وقالت: (یا أیّها الذین آمنوا قاتلوا الذین یلونکم من الکفّار ).

صحیح أنّه تجب محاربة الکفّار جمیعاً، ولا فرق بینهم فی ذلک، إلاّ أنّه من الوجهة التکتیکیة وطریقة القتال یجب البدء بالعدو الأقرب، لأنّ خطر العدوّ القریب أکبر، کما أنّ الدعوة للإسلام وهدایة الناس إلى دین الحق یجب أن تبدأ من الأقرب، والنّبی (صلى الله علیه وآله) قد بدأ بأمر الله سبحانه بدعوة أقاربه وعشیرته، ثمّ دعا أهل مکّة، ثمّ جزیرة العرب وقام بإرسال الرسل إلیها، وبعدها کتب الرسائل إلى ملوک العالم، ولاشک أن هذا الأسلوب هو الأقرب للنجاح والوصول إلى الهدف.

ومن الطبیعی أنّ لکل قانون استثناء، فقد یکون العدو الأبعد ـ فی بعض الأحیان ـ أشد خطراً من العدو القریب، وعندها تجب المبادرة إلى دفعه أوّلا، لکن، کما قلنا، فإن هذا استثناء لا قانون ثابت ودائم.

وأمّا ما قلناه من أنّ المبادرة إلى مجابهة العدو الأقرب هی الأهم والأوجب. فإنّ أسبابه واضحة، وذلک:

أوّلا: إنّ خطر العدو القریب أکبر وأشد من العدو البعید.

ثانیاً: إنّ اطلاعنا وعلمنا بالعدو القریب أکثر، وهذا من العوامل المساعدة والمقربة للنصر.

ثالثاً: إنّ التوجه لمحاربة العدو البعید لا یخلو من خطورة اضافیة، فالعدو القریب قد یستغل الفرصة ویحمل على الجیش من الخلف، أو یستغل خلو المقر الأصلی للإسلام فیهجم علیه.

رابعاً: إنّ الوسائل اللازمة ونفقات محاربة العدوّ القریب أقل وأبسط، والتسلط على ساحة الحرب فی ظل ذلک أسهل.

لهذه الأسباب وأسباب اُخرى، فإنّ دفع العدو الأقرب هو الأوجب والأهم، والجدیر بالذکر أنّ هذه الآیة لما نزلت کان الإسلام قد استولى على کل جزیرة العرب تقریباً، وعلى هذا فإن أقرب عدو فی ذلک الیوم ربّما کان إمبراطوریة الروم الشرقیة التی توجه المسلمون إلى تبوک لمحاربتها.

وکذلک یجب أن لا ننسى أنّ هذه الآیة بالرغم من أنّها تتحدث عن العمل المسلح والبعد المکانی، إلاّ أنّه لیس من المستبعد أنّ روح الآیة حاکمة فی الأعمال المنطقیة والفواصل المعنویة، أی إنّ المسلمین عندما یعزمون على المجابهة المنطقیة والإعلامیة والتبلیغیة یجب أن یبدؤوا بمن یکون أقرب إلى المجتمع الإسلامی وأشدّ خطراً علیه، فمثلا فی عصرنا الحاضر نرى أنّ خطر الإلحاد والمادیة یهدد کل المجتمعات، فیجب تقدیم التصدّی لها على مواجهة المذاهب الباطلة الاُخرى، وهذا لا یعنی نسیان هؤلاء، بل یجب اعطاء الأهمیّة القصوى للهجوم نحو الفئة الأخطر، وهکذا فی مواجهة الاستعمار الفکری والسیاسی والاقتصادی التی تحوز الدرجة الاُولى من الأهمیّة.

والأمر الثّانی فیما یتعلق بالجهاد فی الآیة، هو اُسلوب الحزم والشدّة، فهی تقول: إنّ العدو یجب أن یلمس فی المسلمین نوعاً من الخشونة والشدّة: (ولیجدوا فیکم غلظة ) وهی تشیر إلى أنّ الشجاعة والشهامة الداخلیة والإستعداد النفسی لمقابلة العدو ومحاربته لیست کافیة بمفردها، بل یجب اظهار هذا الحزم والصلابة للعدو لیعلم أنّکم على درجة عالیة من المعنویات، وهذا بنفسه سیؤدّی إلى هزیمتهم وانهیار معنویاتهم.

وبعبارة اُخرى فإنّ امتلاک القدرة لیس کافیاً، بل یجب استعراض هذه القوّة أمام العدو. ولهذا نقرأ فی تأریخ الإسلام أنّ المسلمین عندما أتوا إلى مکّة لزیارة بیت الله، أمرهم رسول الله (صلى الله علیه وآله) أن یسرعوا فی طوافهم، بل إنّ یعدوا ویرکضوا لیرى العدو ـ الذی کان یراقبهم عن کثب ـ قوتهم وسرعتهم ولیاقتهم البدنیة.

وکذلک نقرأ فی قصّة فتح مکّة أنّ النّبی (صلى الله علیه وآله) أمر المسلمین فی اللیل أن یشعلوا نیراناً فی الصحراء لیعرف أهل مکّة عظمة جیش الإسلام، وقد أثر هذا العمل فی معنویاتهم، وکذلک أمر أن یُجعل أبوسفیان کبیر مکّة فی زوایة ویستعرض جیش الإسلام العظیم قواته أمامه.

وفی النهایة تبشر الآیة المسلمین بالنصر من خلال هذه العبارة: (واعلموا أنّ الله مع المتّقین ) ویمکن أن یشیر هذا التعبیر ـ إضافةً لما قیل ـ إلى أنّ استعمال الشدّة والخشونة یجب أن یقترن بالتقوى، ولا یتعدى الحدود الإنسانیة فی أی حال.

سورة التّوبة / الآیة 123 سورة التّوبة / الآیة 124 ـ 125
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma