هل المراد من الصّادقین هم المعصومون فقط؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 5
کونوا مع الصّادقین: سورة التّوبة / الآیة 120 ـ 121

بالرغم من أنّ مفهوم الصادقین - کما ذکرنا سابقاً ـ مفهوم واسع، إلاّ أنّ المستفاد من الرّوایات الکثیرة أنّ المراد من هذا المفهوم هنا هم المعصومون فقط.

یروی سلیم بن قیس الهلالی: إنّ أمیرالمؤمنین (علیه السلام) کان له یوماً کلام مع جمع من المسلمین، ومن جملة ما قال: «فأنشدکم الله أتعلمون أن الله أنزل: (یا أیّها الذین آمنوا اتقوا الله وکونوا مع الصادقین ). فقال سلمان: یا رسول الله أعامّة هی أم خاصّة؟ قال: أمّا المأمورون

فالعامّة من المؤمنین اُمروا بذلک، وأمّا الصادقون فخاصّة لأخی علی والأوصیاء من بعده إلى یوم القیامة»؟ قالوا: اللّهم نعم (1) .

ویروی نافع عن عبدالله بن عمر: إنّ الله سبحانه أمر أوّلا المسلمین أن یخافوا الله ثمّ قال: (کونوا مع الصّادقین ) یعنی مع محمّد وأهل بیته (2) .

وبالرغم من أنّ بعض مفسّری أهل السنة ـ کصاحب المنار ـ قد نقلوا ذیل الرّوایة أعلاه هکذا: مع محمّد وأصحابه، (3) ولکن مع ملاحظة أن مفهوم الآیة عام وشامل لکل زمان، وصحابة النّبی (صلى الله علیه وآله) کانوا فی زمن خاص، تبیّن لنا أنّ العبارة التی وردت فی کتب الشیعة عن عبدالله بن عمر هی الأصح.

ونقل صاحب تفسیر البرهان نظیر هذا المضمون عن طرق العامّة، وقال: إنّ موفق بن أحمد بإسناده عن ابن عباس، یروی فی ذیل هذه الآیة: هو علی بن أبی طالب، (4) ثمّ یقول: أورد ذلک أیضاً عبدالرزاق فی کتاب رموز الکنوز.

أمّا المطلب الأهم، فهو أنّ الآیة تأمر أوّلا بالتقوى، ثمّ بالکون مع الصادقین، فلو أنّ مفهوم الصادقین فی الآیة عامّاً وشاملا لکل المؤمنین الحقیقیین المستقیمین، لکان اللازم أن یقال: وکونوا من الصادقین، لا مع الصادقین. (فتأمل جیداً).

إنّ هذه بذاتها قرینة واضحة على أنّ (الصّادقین ) فی الآیة هم فئة خاصّة.

ومن جهة اُخرى، فلیس المراد من الکون معهم أن یکون الإنسان مجالساً ومعاشراً لهم، بل المراد قطعاً هو اتباعهم والسیر فی خطاهم.

إذا کان الشخص غیر معصوم هل یمکن صدور أمر بدون قید أو شرط باتباعه والسیر فی رکابه؟ ألیس هذا بنفسه دلیلا على أن هذه الفئة والمجموعة هم المعصومون؟

وعلى هذا، فإنّ ما استفدناه من الرّوایات یمکن استفادته من الآیة إذا دققنا النظر فیها.

إنّ الملفت للنظر هنا، أنّ المفسّر المعروف الفخر الرازی، المعروف بتعصبه وتشکیکه، قد قبل هذه الحقیقة ـ وإن کان أغلب مفسّری السنّة سکتوا عنها عند مرورهم بهذه الآیة ـ

ویقول: إنّ الله قد أمر المؤمنین بأن یکونوا مع الصادقین، وعلى هذا فإنّ الآیة تدل على أن من یجوز الخطأ علیهم یجب علیهم الإقتداء بالمعصوم حتى یبقوا مصونین عن الخطأ فی ظلّه وعصمته، وسیکون هذا الأمر فی کل زمان، ولا نملک أی دلیل على اختصاص ذلک بعصر النّبی (صلى الله علیه وآله).

إلاّ أنّه یضیف بعد ذلک: إنّنا نقبل أنّ مفهوم الآیة هو هذا، ویجب أن یوجد معصوم فی کل وقت، إلاّ أنّنا نرى أن هذا المعصوم هو جمیع الاُمّة، لا أنّه فرد واحد! وبتعبیر آخر: إنّ هذه الآیة دلیل على حجیة إجماع المؤمنین، وعدم خطأ مجموع الاُمّة (5) .

وبهذا الترتیب، فإنّ الرازی قد طوى نصف الطریق جیداً، إلاّ أنّه زاغ فی النصف الثّانی، ولو أنّه التفت إلى النکتة التی وردت فی متن الآیة لأکمل النصف الثّانی أیضاً بسلامة، وهی أنّه لو کان المقصود من الصادقین مجموع الاُمّة، فإنّ الأتباع سیکونون جزء من ذلک المجموع وهو فی الواقع اتباع الجزء للقدوة والإمام، وسیعنی ذلک اتحاد التابع والمتبوع، فی حین نرى أنّ ظاهر الآیة هو أنّ القدوة غیر المقتدی، والتابعین غیر المتبوعین، بل یختلفون عنهم. (دققوا ذلک).

ونتیجة ذلک: إنّ هذه الآیة من الآیات التی تدل على وجود المعصوم فی کل عصر وزمان.

ویبقى سؤال أخیر، وهو أنّ الصادقین جمع، وهل یجب على هذا الأساس أن یکون فی کل زمان معصومون متعددون؟

والجواب على هذا السؤال واضح أیضاً، وهو أنّ الخطاب لیس مختصاً بأهل زمن وعصر معین، بل إنّ الآیة تخاطب کل العصور والقرون، ومن البدیهی أنّ المخاطبین على مرّ العصور لا بدّ وأن سیکونوا مع جمع من الصادقین. وبتعبیر آخر، فإنّه لما کان فی کل زمان معصوم، فإنّنا إذا أخذنا کل القرون والعصور بنظر الاعتبار، فإنّ الکلام سیکون عن جمع المعصومین لا عن شخص واحد.

والشاهد الناطق على هذا الموضوع هو أنّه لا یوجد فی زمن النّبی (صلى الله علیه وآله) أحد تجب طاعته غیر شخص النّبی (صلى الله علیه وآله) وفی الوقت نفسه فإنّ من المسلّم أنّ الآیة تشمل المؤمنین فی زمانه، وعلى هذا الأساس سنفهم أنّ الجمع الوارد فی الآیة لا یراد منه الجمع فی زمان واحد، بل هو فی مجموعة الأزمنة.


1. تفسیر البرهان، ج 2، ص 170; وبحارالانوار، ج 31، ص 413 و414.
2. المصدر السابق، ج 24، ص 33.
3. تفسیر مجمع البیان، ذیل الآیة مورد البحث; وبحارالانوار، ج 35، ص 417 و418.
4. تفسیر البرهان، ج 2، ص 170; وبحارالانوار، ج 35، ص 411.
5. التفسیر الکبیر، ج 16، ص 220 و221.
کونوا مع الصّادقین: سورة التّوبة / الآیة 120 ـ 121
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma