درس کبیر!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 5
سورة التّوبة / الآیة 117 ـ 118 الحصار الاجتماعی للمذنبین:

قال المفسّرون: إنّ الآیة الاُولى نزلت فی غزوة تبوک، وما واجهه المسلمون من المشاکل والمصاعب العظیمة، هذه المشاکل التی کانت من الکثرة والصعوبة بمکان بحیث صمّم جماعة على الرجوع، إلاّ أنّ اللطف الإلهی والتوفیق الرّبانی شملهم،، فثبتوا فی مکانهم.

ومن جملة ما قیل أن الآیة نزلت فیهم أبوخیثمة، وکان من أصحاب النّبی (صلى الله علیه وآله)، لا من المنافقین، إلاّ أنّه لضعفه امتنع عن التوجه إلى معرکة تبوک مع النّبی (صلى الله علیه وآله).

مرّت عشرة أیّام على هذه الواقعة، وکان الهواء حاراً محرقاً، فحضر یوماً عند زوجتیه، وکانتا قد هیأتا خیمته، وأحضرتا الطعام اللذیذ والماء البارد، فتذکر فجأة النّبی (صلى الله علیه وآله)، وغاص فی تفکیر عمیق، وقال فی نفسه: إنّ رسول الله (صلى الله علیه وآله) الذی غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وضمن له آخرته، قد حمل سلاحه على عاتقه وسار فی الصحاری المحرقة، وتحمل مشقّة هذا السفر، أمّا أبو خیثمة ـ یعنی نفسه ـ فهو فی ظل بارد، یتمتع بأنواع الأطعمة، والنساء الجمیلات!! إنّ هذا لیس من الإنصاف.

فالتفت إلى زوجتیه وقال: أقسم بالله أن لا أکلم إحداکن کلمة، ولا أستظل بهذه الخیمة

حتى ألتحق بالنّبی (صلى الله علیه وآله). قال ذلک وحمل زاده وجرابه ورکب بعیره وسار، وجهدت زوجتاه أن یکلمانه فلم یعبأ بهما ولم ینبس بنبت شفة، وواصل سیره حتى اقترب من تبوک.

فقال المسلمون بعضهم لبعض: من هذا الراکب على الطریق؟، فقال النّبی (صلى الله علیه وآله): «کن أبا خیثمة» فلمّا اقترب وعرفه الناس، قالوا: نعم، هو أبو خیثمة، فأناخ راحلته وسلّم على النّبی (صلى الله علیه وآله)، وحدثه بما جرى له، فرحبّ به النّبی (صلى الله علیه وآله)، ودعا له. (1)

وبذلک فإنّه کان من جملة الذین مال قلبهم إلى الباطل، إلاّ أنّ الله سبحانه وتعالى لما رأى إستعداده الروحی أرجعه إلى الحق وثبّت قدمه.

وقد نقل سبب آخر لنزول الآیة الثّانیة، خلاصته:

إنّ ثلاثة من المسلمین وهم: «کعب بن مالک» و«مرارة بن ربیع»و «وهلال بن أمیة»، امتنعوا من المسیر مع النّبی (صلى الله علیه وآله) والإشتراک فی غزوة تبوک، إلاّ أنّ ذلک لیس لکونهم جزءاً من المنافقین، بل لکسلهم وتثاقلهم، فلم یمض زمان حتى ندموا.

فلمّا رجع النّبی (صلى الله علیه وآله) من غزوة تبوک حضروا عنده وطلبوا منه العفو عن تقصیرهم، إلاّ أن النّبی (صلى الله علیه وآله) لم یکلمهم حتى بکلمة واحدة، وأمر المسلمین أیضاً أن لا یکلّموهم.

لقد عاش هؤلاء محاصرة اجتماعیة عجیبة وشدیدة، حتى أنّ أطفالهم ونساءهم أتوا إلى النّبی (صلى الله علیه وآله)، وطلبوا الإذن منه فی أن یفارقوا هؤلاء إلاّ أنّ النّبی (صلى الله علیه وآله) لم یأذن لهم بالمفارقة، لکنّه أمرهم أن لا یقتربوا منهم.

إنّ فضاء المدینة بوسعته قد ضاق على هؤلاء النفر، واضطروا للتخلص من هذا الذل والفضیحة الکبیرة إلى ترک المدینة والإلتجاء إلى قمم الجبال.

ومن المسائل التی أثرت تأثیراً روحیاً شدیداً، وأوجدت صدمة نفسیة عنیفة لدى هؤلاء ما رواه کعب بن مالک قال: کنت یوماً جالساً فی سوق المدینة وأنا مغموم، فتوجه نحوی رجل مسیحی شامی، فلمّا عرفنی سلمنی رسالة من ملک الغساسنة کتب فیها: إذا کان صاحبک قد طردک وأبعدک فالتحق بنا، فتغیّر حالی وقلت: الویل لی، لقد وصل أمری إلى أن یطمع بی العدو!

خلاصة الأمر: إنّ عوائل هؤلاء وأصدقاءهم کانوا یأتونهم بالطعام، إلاّ أنّهم لایکلّمونهم قط، ومضت مدّة على هذه الحال وهم یتجرّعون ألم الإنتظار والترقب فی أن تنزل آیة تبشّرهم بقبول توبتهم، لکن دون جدوى.

فی هذه الأثناء خطرت على ذهن أحدهم فکرة وقال: إذا کان الناس قد قطعوا علاقتهم بنا واعتزلونا، فلماذا لا یعتزل کل منّا صاحبه، صحیح أنّنا مذنبون جمیعاً، لکن یجب أن لا یفرح أحدنا لذنب الآخر. وبالفعل اعتزل بعضهم بعضاً، ولم یتکلموا بکلمة واحدة، ولم یجتمع اثنان منهم فی مکان. وأخیراً... وبعد خمسین یوماً من التوبة والتضرع إلى الله سبحانه وتعالى قبلت توبتهم ونزلت الآیة فی ذلک (2) .


1. تفسیر المیزان، ج 9، ص 301; وتفسیر مجمع البیان، ذیل الآیة مورد البحث.
2. تفسیر مجمع البیان، وتفسیر روح الجنان وتفسیر جامع البیان، ذیل الآیة مورد البحث; وبحارالانوار، ج 21، ص 218 ـ 220.
سورة التّوبة / الآیة 117 ـ 118 الحصار الاجتماعی للمذنبین:
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma