العقاب بعد البیان:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 5
سبب النّزول سورة التّوبة / الآیة 117 ـ 118

إن الآیة الاُولى تشیر إلى قانون کلّی وعام، یؤیده العقل أیضاً، وهو أنّ الله سبحانه وتعالى مادام لم یبیّن حکماً، ولم یصل شیء من الشرع حوله، فإنّه تعالى سوف لا یحاسب علیه أحداً، وبتعبیر آخر: فإنّ التکلیف والمسؤولیة تقع دائماً بعد بیان الأحکام، وهذا هو الذی یعبر عنه فی علم الاصول بقاعدة (قبح العقاب بلا بیان).

ولذلک فأوّل ما تطالعنا به الآیة قوله: (وما کان الله لیضلّ قوماً بعد إذ هداهم حتّى یبیّن لهم مایتّقون ).

إنّ المقصود من (یضل) ـ فی الأصل الإضلال والتضییع، أو الحکم بالإضلال ـ کما احتمله بعض المفسّرین (کما یقال فی التعدیل والتفسیق، أی الحکم بعدالة الشخص وفسقه) (1) أو بمعنى الإضلال من طریق الثواب یوم القیامة، وهو فی الواقع بمعنى العقاب.

أو أنّ المقصود من «الإضلال» ماقلناه سابقاً، وهو سلب نعمة التوفیق، وإیکال الإنسان إلى نفسه، ونتیجة ذلک هو الضیاع والحیرة والانحراف عن طریق الهدایة لا محالة، وهذا التعبیر إشارة خفیة ولطیفة إلى حقیقة ثابتة، وهی أنّ الذّنوب دائماً هی مصدر وسبب الضلال والضیاع والإبتعاد عن طریق الرشاد (2) .

وأخیراً تقول الآیة: (إنّ الله بکلّ شیء علیم ) أی إن علم الله یحتم ویؤکّد على أنّ الله سبحانه مادام لم یبیّن الحکم الشرعی لعباده، فإنّه سوف لایؤاخذهم أو یسألهم عنه.

جواب عن سؤال: یتصور بعض المفسّرین والمحدّثین أنّ الآیة دلیل على أن «المستقلات العقلیة» ـ (وهی الاُمور التی یدرکها الإنسان عن طریق العقل لا عن طریق حکم الشرع، کإدراک قبح الظلم وحسن العدل، أو سوء الکذب والسرقة والإعتداء وقتل النفس وأمثال ذلک) ـ مادام الشرع لم یبیّنها، فإن أحداً غیر مسؤول عنها. وبتعبیر آخر فإنّ کل الأحکام العقلیة یجب أن تؤید من قبل الشرع لإیجاد التکلیف والمسؤولیة على الناس، وعلى هذا فإنّ الناس قبل نزول الشرع غیر مسؤولین مطلقاً، حتى فی مقابل المستقلات العقلیة.

إلاّ أنّ بطلان هذا التصور واضح، فإنّ جملة (حتى یبیّن لهم ) تجیبهم وتبیّن لهم أنّ هذه الآیة وأمثالها خاصّة بالمسائل التی بقیت فی حیز الإبهام وتحتاج إلى التّبیین والإیضاح، ومن المسلّم أنّها لاتشمل المستقلات العقلیة، لأنّ قبح الظلم وحسن العدل لیس أمراً مبهماً حتى یحتاج إلى توضیح.

الذین یذهبون إلى هذا القول غفلوا عن أنّ هذا القول ـ إن صحّ ـ فلا وجه لوجوب تلبیة دعوة الأنبیاء، ولا مبرر لأن یطالعوا ویحققوا دعوى مدعی النّبوة ومعجزاته حتى یتبیّن لهم صدقه أو کذبه، لأنّ صدق النّبی والحکم الإلهی لم یُبیّن لحد الآن لهؤلاء، وعلى هذا فلا داعی للتحقق من دعواه.

وعلى هذا فکما یجب التثبت من دعوى من یدعی النّبوة بحکم العقل، وهو من المستقلات العقلیة، فکذلک یجب اتباع سائر المسائل التی یدرکها العقل بوضوح.

والدلیل على هذا الکلام التعبیر المستفاد من بعض الأحادیث الواردة عن أهل البیت (علیهم السلام)، ففی کتاب التوحید، عن الصادق (علیه السلام) أنّه قال فی تفسیر هذه الآیة: «حتى یُعَرِّفَهم مایرضیه وما یسخطه» (3) .

وعلى کل حال، فإنّ هذه الآیة وأمثالها تعتبر أساساً لقانون کلّی اُصولی، وهو أننا ما دمنا لا نملک الدلیل على وجوب أو حرمة شیء، فإنّنا غیر مسؤولین عنه، وبتعبیر آخر فإنّ کل شیء مباح لنا، إلاّ أن یقوم دلیل على وجوبه أو تحریمه، وهو ما یسمونه بـ(أصل البراءة).

وتستند الآیة التالیة على هذه المسألة وتؤکّد: (إنّ الله له ملک السّماوات والأرض ) وأن نظام الحیاة والموت أیضاً بید قدرته، فإنّه هو الذی (یحیی ویمیت ) وعلى هذا: (وما لکم من دون الله من ولىّ ولا نصیر )، وهو إشارة إلى أنّه لما کانت کل القدرات والحکومات فی عالم الوجود بیده، وخاضعة لأمره، فلا ینبغی لکم أن تتکلوا على غیره، وتلتجئوا إلى البعیدین عن الله وإلى أعدائه وتوادّوهم، وتوثّقوا علاقتکم بهم عن طریق الاستغفار وغیره.


1. یتصور البعض أنّ باب «تفعیل» هو الوحید الذی یأتی أحیاناً بمعنى الحکم، فی حین یلاحظ ذلک فی باب «إفعال» أیضاً، کالشعر المعروف المنقول عن الکمیت، حیث یقول فی بیان عشقه وحبّه لآل محمّد (صلى الله علیه وآله): (وطائفة قد أکفرونی بحبّکم)، (بحارالانوار، ج 5، ص 170).
2. لمزید التوضیح حول معنى الهدایة والضلال فی القرآن، راجع ذیل الآیة 26 من سورة البقرة.
3. تفسیر نور الثقلین، ج 2، ص 276; وأصول الکافی، ج 1، ص 163.
سبب النّزول سورة التّوبة / الآیة 117 ـ 118
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma