التّفسیر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 5
سبب النّزول سورة التّوبة / الآیة 107 ـ 110

فی هذه الآیة إشارة إلى مجموعة من المذنبین الذین لم تتّضح جیداً عاقبة أمرهم، فلا هم مستحقون حتماً للرحمة الإلهیّة، ولا من المغضوب علیهم حتماً، لذا فإنّ القرآن الکریم یقول فی حقّهم: (وآخرون مرجون لأمر الله إمّا یعذّبهم و إمّا یتوب علیهم ).

«مرجون» مأخوذ من مادة (إرجاء) بمعنى التأخیر والتوقیف، وفی الأصل أخذت من (رجاء) بمعنى الأمل، ولما کان الإنسان قد یؤخر شیئاً ما أحیاناً رجاء تحقق هدف من هذا التأخیر، فإنّ هذه الکلمة قد جاءت بمعنى التأخیر، إلاّ أنّه تأخیر ممزوج بنوع من الأمل.

إنّ هؤلاء فی الحقیقة لیس لهم من الإیمان الخالص والعمل الصالح بحیث یمکن عدهم من أهل السعادة والنجاة، ولیسوا ملوّثین بالمعاصی ومنحرفین عن الجادة بحیث یُکتبون من الأشقیاء، بل یوکل أمرهم إلى اللطف الإلهی کیف سیعامل هؤلاء، وهذا طبعاً حسب أوضاعهم الروحیة ومواقعهم.

وتضیف الآیة ـ بعد ذلک ـ أنّ الله سبحانه سوف لا یحکم على هؤلاء بدون حساب، بل یقضی بعلمه وحکمته: (والله علیم حکیم ).

سؤال: وهنا یطرح سؤال مهم قلمّا بحثه المفسّرون بصورة وافیة، وهو ما الفرق بین هذه الفئة، والفئة التی مرّ بیان حالتها فی الآیة 102 من هذه السورة؟ فإنّ کلتا الجماعتین کانوا من المذنبین، وکلتا المجموعتین تابوا، لأنّ المجموعة الاُولى اعترفوا بذنوبهم، وأظهروا الندم علیها، والمجموعة الثّانیة تستفاد توبتهم من قوله تعالى: (وإمّا یتوب علیهم ). وکذلک فإنّ کلا الفئتین ینتظر أفرادها الرحمة الإلهیّة ویعیشون حالة الخوف والرجاء.

الجواب: وللجواب على هذا السؤال نقول: إنّه یمکن التفرقة بین هاتین الطائفتین عن طریقین:

إنّ الطائفة الاُولى تابوا بسرعة، وأظهروا ندمهم بصورة واضحة، فمثلا نرى أبا لبابة قد أوثق نفسه بعمود المسجد، وبعبارة موجزة: إنّ هؤلاء أعلنوا ندمهم صریحاً، وأظهروا إستعدادهم لتحمل الکفارة البدنیة والمالیة مهما کانت.

أمّا أفراد الطائفة الثّانیة فإنّهم لم یظهروا ندمهم فی البدایة، ولو أنّهم ندموا فی أنفسهم ووجدانهم، ولم یُظهروا إستعدادهم لتحمل ما یترتب على ذنبهم ومعصیتهم، فهم فی الواقع کانوا یطمحون إلى العفو عن ذنوبهم الکبیرة بکل بساطة ویسر.

إنّ هؤلاء ـ ومثالهم الواضح هو الثلاثة الذین اُشیر إلیهم، وسیأتی بیان  وضعهم ـ بقوا فی حالة الخوف والرجاء، ولهذا نرى أنّ النّبی (صلى الله علیه وآله) أمر الناس أن یقاطعوهم ویبتعدوا عنهم، وبهذا فقد عاشوا محاصرة اجتماعیة شدیدة اضطروا نتیجتها أن یسلکوا فی النهایة نفس الطریق الذی سلکه أتباع الفریق الأوّل، ولما کان قبول توبة هؤلاء فی ذلک الوقت یظهر بنزول آیة، فقد بقی النّبی (صلى الله علیه وآله) فی انتظار الوحی، حتى قبلت توبتهم بعد خمسین یوماً أو أقل.

ولهذا فإنّا نرى الآیة نزلت فی حق الطائفة الاُولى قد ختمت بقوله: (إن الله غفور رحیم )وهو دلیل على قبول توبتهم، أمّا الطائفة الثّانیة فما داموا لم یغیروا مسیرهم فقد جاءت جملة: (والله علیم حکیم ) التی لا تدل من قریب أوبعید على قبول توبتهم.

ولا مجال للتعجب من أنّ الندم لوحده لم یکن کافیاً لقبول التوبة من المعاصی الکبیرة،

خاصّة فی عصر نزول الآیات، بل یشترط مع ذلک الإقدام على الإعتراف الصریح بالذنب، والاستعداد لتحمل کفارته وعقوبته، وبعد ذلک نزول الآیة التی تبشر بقبول التوبة.

الفرق الثّانی بین هاتین الطائفتین، هو أنّ الطائفة الاُولى بالرغم من أنّهم عصوا بتخلفهم عن أداء واجب إسلامی کبیر، أو لتسریبهم بعض الأسرار العسکریة إلى الأعداء، إلاّ أنّهم لم یرتکبوا الکبائر العظیمة کقتل حمزة سید الشهداء، ولهذا فإنّهم بمجرّد أن تابوا وإستعدوا للجزاء قبل الله توبتهم. غیر أن قتل حمزة وأمثاله لم یکن بالشیء الذی یمکن جبرانه، ولهذا فإنّ نجاة هذا الفریق مرتبطة بأمر الله وإرادته، إمّا یعفو عنهم أو یعاقبهم.

وعلى أی حال، فإنّ الجواب الأوّل یناسب تلک المجموعة من الرّوایات الواردة فی سبب النزول، والتی تربط الآیة بالثلاثة المتخلفین عن غزوة تبوک، أمّا الجواب الثّانی فإنّه یوافق الرّوایات العدیدة الواردة من طرق أئمّة أهل البیت (علیهم السلام)، والتی تقول إنّ هذه الآیة تشیر إلى قاتلی حمزة وجعفر وأمثالهم (3) .

ولو دققنا النظر حقاً لرأینا أن لا منافاة بین الجوابین، ویمکن أن یکون کل منهما مقصوداً فی تفسیر الآیة.


1. بحارالانوار، ج 21، ص 202 و204.
2. اصول الکافی، ج 2، ص 407.
3. للإطلاع على هذه الرّوایات، راجع تفسیر نور الثقلین، ج2، ص 265، وتفسیر البرهان، ج2، ص 106.
سبب النّزول سورة التّوبة / الآیة 107 ـ 110
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma