بحوث

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 5
الزّکاة مطهرة للفرد والمجتمع: التّوبة والجبران:

یتّضح من سبب النزول المذکور لهذه الآیة، أنّ هذه الآیة ترتبط بالآیة التی سبقتها فی موضوع توبة أبی لبابة ورفاقه، لأنّهم ـ وکشکر منهم لقبول توبتهم ـ أتوا بأموالهم ووضعوها بین یدی النّبی (صلى الله علیه وآله) لیصرفها فی سبیل الله، إلاّ أنّه (صلى الله علیه وآله) اکتفى بأخذ قسم منها فقط.

إلاّ أنّ سبب النزول هذا لا ینافی ـ مطلقاً ـ أن هذه الآیة بیّنت حکماً کلیاً عاماً فی الزکاة، ولا یصحّ ما طرحه بعض المفسّرین من التضاد بین سبب نزولها وما بیّنته من حکم کلی، کما قلنا ذلک مکرراً فی سائر آیات القرآن وأسباب نزولها.

السؤال الوحید الذی یبقى هنا، هو أنّ النّبی (صلى الله علیه وآله) ـ حسب روایة ـ قد قبل ثلث أموال أبی لبابة وأصحابه، فی الوقت الذی لا یبلغ مقدار الزکاة الثلث فی أی مورد، ففی الحنطة والشعیر والتمر والزبیب العشر أحیاناً، وأحیاناً جزء من عشرین جزءاً، وفی الذهب والفضة (5، 2%)، وفی الأنعام (البقر والغنم والإبل) لا یصل إلى الثلث مطلقاً.

لکن یمکن الإجابة على هذا السؤال بأنَّ النّبی (صلى الله علیه وآله) قد أخذ قسماً من أموالهم بعنوان الزکاة، والمقدار الإضافی الذی یکمل الثلث بعنوان الکفّارة عن ذنوبهم، وعلى هذا فإنَّ النّبی (صلى الله علیه وآله) قد أخذ الزکاة الواجبة علیهم، ومقداراً آخر لتطهیرهم من ذنوبهم وتکفیرها فکان المجموع هو الثلث.

إنّ حکم (خذ) دلیل واضح على أنّ رئیس الحکومة الإسلامیة یستطیع أن یأخذ الزکاة من الناس، لا أنّه ینتظر الناس فإن شاؤوا أدّوا الزکاة، وإلاّ فلا.

إنَّ جملة (صلّ علیهم ) وإن کانت خطاباً للنّبی (صلى الله علیه وآله)، إلاّ أنّه من المسلّم أنّها فی معرض بیان حکم کلّی ـ لأنّ القانون الکلّی یعنی أنّ الأحکام الإسلامیة تجری على النّبی (صلى الله علیه وآله) وباقی المسلمین على السواء، ومختصات النّبی من جانب الأحکام یجب أن تثبت بدلیل خاصّ ـ وعلى هذا فإنّ المسؤولین عن بیت المال فی کلّ عصر وزمان یستطیعون أن یدعوا لمؤدّی الزکاة بجملة: «اللّهم صلّ علیهم».

وممّا یثیر العجب أنّ بعض المتعصبین من العامّة لم یجوز الصلاة مستقلة على آل الرّسول (صلى الله علیه وآله)، أی إنّ شخصاً لو قال: (اللّهمَّ صلِّ على علیّ أمیر المؤمنین) أو: (صلِّ على فاطمة الزَّهراء) فإنَّهم اعتبروا ذلک ممنوعاً وحراماً! فی الوقت الذی نعلم أنّ منع مثل هذا الدعاء هو الذی یحتاج إلى دلیل، لا جوازه!

إضافةً إلى أنّ القرآن الکریم ـ کما قلنا سابقاً ـ قد أجاز بصراحة مثل هذا الدعاء فی حق أفراد عادیین، فکیف بأهل بیت رسول الله (صلى الله علیه وآله) وخلفائه؟! لکن، ماذا یمکن عمله؟ فإنّ

التعصبات قد تقف أحیاناً مانعة حتى من فهم آیات القرآن.

ولمّا کان بعض المذنبین ـ کالمتخلفین عن غزوة تبوک ـ یصرّون على النّبی (صلى الله علیه وآله) فی قبول توبتهم، أشارت الآیة الثّانیة من الآیات التی بین یدینا إلى أنّ قبول التوبة لیس مرتبطاً بالنّبی (صلى الله علیه وآله)، بل بالله الغفور الرحیم، لذا قالت: (ألم یعلموا أنَّ الله هو یقبل التوبة عن عباده ). ولا ینحصر الأمر بتوقّف قبول التوبة على قبول الله لها، بل إنَّه تعالى هو الّذی یأخذ الزکاة والصدقات الاُخرى التی یعطیها العباد تقرباً إلیه، أو تکفیراً لذنوبهم: (ویأخذ الصدقات ).

لا شکَّ فی أنَّ الذی یأخذ الزکاة هو النّبی (صلى الله علیه وآله) أو الإمام المعصوم (علیه السلام) أو خلیفة المسلمین وقائدهم، أو الأفراد المستحقون، وفی کلّ هذه الأحوال فإنّ الله تبارک وتعالى لا یأخذ الصدقات ظاهراً، ولکن لمّا کانت ید النّبی (صلى الله علیه وآله) والنّواب الحقیقیین ید الله سبحانه ـ لأنَّهُم خلفاء الله ووکلاؤه ـ قالت الآیة: إنَّ الله یأخذ الصدقات. وکذلک العباد المحتاجون، فإنَّهُم بأمر الله یأخذون مثل هذه المساعدات، وهم فی الحقیقة وکلاء الله، وعلى هذا فإنَّ یدهم ید الله أیضاً.

إنَّ هذا التعبیر من ألطف التعبیرات التی تجسّد عظمة هذا الحکم الإسلامی ـ أی الزکاة ـ فبالرغم من ترغیب کلّ المسلمین ودعوتهم إلى القیام بهذه الوظیفة الإلهیّة الکبیرة، فإنّها تحذرهم بشدّة وتأمرهم بأن یراعوا الآداب الإسلامیة ویتقیّدوا باحترام من یؤدّونها إلیه، لأنَّ من یأخذها هو الله عزَّوجَلّ، وإنَّما حذرتهم حتى لا یتصور بعض الجهال، أنّه لا مانع من تحقیر المحتاجین، أو اعطائه الزکاة بشکل یؤدّى إلى تحطیم شخصیة آخذ الزکاة، بل بالعکس علیهم أن یؤدّوها بکلِّ أدب وخضوع، کما یوصل العبد شیئاً إلى مولاه.

ففی روایة عن النّبی (صلى الله علیه وآله): «إنَّ الصدقة تقع فی ید الله قبل أن تصل إلى ید السائل» (1) !

وفی حدیث آخر عن الإمام السّجاد (علیه السلام): «إنَّ الصدقة لا تقع فی ید العبد حتى تقع فی ید الرّب» (2) .

بل إنّ روایة صرّحت بأنّ کلَّ أعمال ابن آدم تتلقاها الملائکة إلاّ الصدقة، فإنّها تصل مباشرة إلى ید الله سبحانه (3) .

هذا المضمون قد ورد فی روایات أهل البیت (علیهم السلام) بعبارات مختلفة، ونقل أیضاً عن النّبی (صلى الله علیه وآله) عن طریق العامّة، فقد جاء فی صحیح مسلم والبخاری: «ما تصدق أحدکم بصدقة من کسب حلال طیب ـ ولا یقبل الله إلاّ الطیب ـ إلاّ أخذها الرحمن بیمینه، وإن کانت تمرة، فتربو فی کف الرحمن حتى تکون أعظم من الجبل» (4) .

إنَّ هذا الحدیث المشحون بالتشبیهات والکنایات، والعظیم المعنى، مؤشر ودلیل على الأهمیة الخاصّة للخدمات الإنسانیة ومساعدة المحتاجین والمحرومین فی الأحکام الإسلامیة.

لقد وردت عبارات حدیثیة اُخرى فی هذا المجال، وهی مهمّة وملفتة للنظر إلى درجة أن اتباع هذا الدین یرون أنفسهم خاضعین لمن یأخذ منهم صدقاتهم، وکأنّ ذلک المحتاج یمن على المتصدّق ویتفضل علیه بقبول صدقته.

فمثلا نجد فی بعض الأحادیث، أنّ الأئمّة المعصومین (علیهم السلام) کانوا أحیاناً یقبلون الصَّدقة احتراماً وتعظیماً للصدقة، ثمّ یعطونها الفقراء، أو أنَّهم کانوا یعطونها للفقیر ثمّ یأخذونها منه یقبِّلونها ویشمّونها ثمّ یعیدونها إلیه، لماذا؟ لأنَّهم وضعوها فی یدالله سبحانه!

وبهذا ندرک عظیم الفاصلة بین الآداب الإسلامیة وبین الأشخاص الذین یحقرون المحتاجین فیما إذا أرادوا أن یعطوا الشیء الیسیر، أو یعاملونهم بخشونة وقسوة، بل ویرمون مساعدتهم أحیاناً بلا أدب وخلق؟!

وکما قلنا فی محلّه، فإنّ الإسلام یسعى بکلِّ جدّ على أن لا یبقى فقیر واحد فی المجتمع الإسلامی، إلاّ أنّه ممّا لا شک فیه أنّ فی کلِّ مجتمع أفراداً عاجزین أطفال، یتامى، مرضى... وأمثال هؤلاء ممّن لا قدرة له على العمل، وهؤلاء یجب تأمین احتیاجاتهم عن طریق بیت المال والأغنیاء، لکن هذا التأمین یجب أن یرافقه احترامهم وصیانة شخصیاتهم.

ثمّ قالت الآیة فی النهایة من باب التأکید: (وأنَّ الله هو التَّوّ اب الرَّحیم ).


1. تفسیر مجمع البیان، ذیل الآیة مورد البحث.
2. تفسیر العیاشی، ج 2، ص 108، على ما نقل فی تفسیر الصافی فی ذیل الآیة مورد البحث.
3. المصدر السابق.
4. تفسیر المنار، ج 11، ص 33. وقد نقل هذا الحدیث عن طریق أهل البیت (علیهم السلام) عن الإمام الصادق (علیه السلام)أیضاً.
الزّکاة مطهرة للفرد والمجتمع: التّوبة والجبران:
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma