التّفسیر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 5
سورة التّوبة / الآیة 101سورة التّوبة / الآیة 102

مرّة اُخرى یدیر القرآن المجید دفة البحث إلى أعمال المنافقین وفئاتهم، فیقول: (وممّن حولکم من الأعراب منافقون ) أی یجب أن لا ترکزوا اهتمامکم على المنافقین الموجودین داخل المدینة، بل ینبغی أن تأخذوا بنظر الاعتبار المنافقین المتواجدین فی أطراف المدینة، وتحذروهم، وتراقبوا أعمالهم ونشاطاتهم الخطرة. وکلمة (أعراب) کما أشرنا تقال عادة لسکان البادیة.

ثمّ تضیف الآیة بأنّ فی المدینة نفسها قسماً من أهلها قد وصلوا فی النفاق إلى أقصى درجاته، وثبتوا علیه، وأصبحوا ذوی خبرة فی النفاق: (ومن أهل المدینة مردوا على النفاق ).

(مردوا) مأخوذة من مادة (مرد) بمعنى الطغیان والعصیان والتمرد المطلق، وهی فی الأصل بمعنى التعری والتجرّد، ولهذا یقال لمن لم ینبت الشعر فی وجهه: (أمرد)، وشجرة مرداء، أی خالیة من أی ورقة، والمارد هو الشخص العاصی الذی خرج على القانون وعصاه کلیة.

وقال بعض المفسّرین وأهل اللغة: إنّ هذه المادة تأتی بمعنى (التمرین) أیضاً، (ذکر فی تاج العروس والقاموس أن التمرین واحد من معانی هذه الکلمة)، وربّما کان ذلک، لأنّ التجرد المطلق من الشیء، والخروج الکامل من هیمنته لا یمکن تحققه بدون تمرین وممارسة.

على کل حال، فإنّ هؤلاء المنافقین قد انسلخوا من الحق والحقیقة، وتسلطوا على أعمال النفاق إلى درجة أنّهم کانوا یستطیعون أن یظهروا فی مصاف المؤمنین الحقیقین، دون أن ینتبه أحد إلى حقیقتهم ومراوغتهم.

إنّ هذا التفاوت فی التعبیر عن المنافقین الداخلیین والخارجیین فی الآیة یلاحظ جلیاً، وربّما کان ذلک إشارة إلى أنّ المنافقین الداخلیین أکثر تسلطاً على النفاق، وبالتالی فهم أشد خطراً، فعلى المسلمین أن یراقبوا هؤلاء بدقّة، لکن یجب أن لا یغفلوا عن المنافقین الخارجین، بل یراقبونهم أیضاً. لذلک تقول الآیة مباشرة بعد ذلک (لا تعلمهم نحن نعلمهم ) ومن الطبیعی أنّ هذا إشارة إلى العلم الطبیعی للنّبی (صلى الله علیه وآله)، ولکن هذا لا ینافی أن یقف کاملا على أسرارهم عن طریق الوحی والتعلیم الإلهی.

وفی النهایة تبیّن الآیة صورة العذاب الذی سیصب هؤلاء: (سنعذّبهم مرّتین ثمّ یردّون إلى عذاب عظیم ).

لا شکّ أنّ العذاب العظیم إشارة إلى عذاب یوم القیامة، إلاّ أنّ بین المفسّرین نقاشاً واحتمالات عدیدة فی نوعیة العذابین الآخرین وماهیتهما، إلاّ أنّ الذی یرجّحه النظر أنّ واحداً من هذین العذابین هو العقاب الاجتماعی لهؤلاء، والمتمثل فی فضیحتهم وهتک أسرارهم، والکشف عمّا فی ضمائرهم من خبیث النوایا، وهذا یستتبع خسرانهم لکل وجودهم الاجتماعی، والدلیل على ذلک ما قرأناه فی الآیات السابقة، وقد ورد فی بعض الأحادیث أنّ أعمال هؤلاء عندما کانت تبلغ حد الخطر، کان النّبی (صلى الله علیه وآله) یعرف هؤلاء الناس بأسمائهم وصفاتهم، بل وربّما طردهم من المسجد. (1)

والعذاب الثّانی هو ما أشارت إلیه الآیة 50 من سورة الأنفال، حیث تقول هناک: (ولو ترى إذ یتوفّی الذین کفروا الملائکة یضربون وجوههم وأدبارهم ).

ویحتمل أیضاً أن یکون العذاب الثّانی إشارة إلى المعاناة النفسیة والعذاب الروحی الذی کان یعیشه هؤلاء نتیجة انتصارات المسلمین فی کل الجوانب والأبعاد والمجالات.


1. بحارالانوار، ج 21، ص 121.
سورة التّوبة / الآیة 101سورة التّوبة / الآیة 102
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma