4ـ هل کان الصحابة کلهم صالحین؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 5
3ـ من هو أوّل من أسلم؟ سورة التّوبة / الآیة 101

لقد أشرنا سابقاً إلى هذا الموضوع، وإلى أنّ علماء أهل السنّة یعتقدون ـ عادة ـ بأنّ جمیع أصحاب النّبی فاضلون وصالحون ومن أهل الجنّة، ولمناسبة الآیة لهذا البحث، والتی جعلها البعض دلیلا قاطعاً على هذا المُدعى، فإنّنا هنا نحلّل ونفصل هذا الموضوع المهم الذی یعتبر أساساً ومنبعاً لاختلافات کثیرة اُخرى فی المسائل الإسلامیة.

إنّ کثیراً من مفسّری أهل السنّة نقلوا حدیثاً فی ذیل هذه الآیة، وهو أنّ حمید بن زیاد قال: ذهبت إلى محمّد بن کعب القرظی وقلت له: ما تقول فی أصحاب رسول الله (صلى الله علیه وآله)؟ فقال: جمیع أصحاب رسول اللّه (صلى الله علیه وآله) فی الجنّة، محسنهم ومسیئهم ! فقلت: من أین قلت هذا؟ فقال:

إقرأ هذه الآیة: (والسابقون الأوّ لون من المهاجرین والأنصار ) إلى قوله تعالى: (رضی الله عنهم ورضوا عنه ) ثمّ قال: لکن قد اشترط فی التابعین أن یتبعوا الصحابة فی أعمال الخیر (ففی هذه الصورة فقط هم من الناجین، أمّا الصحابة فلم یشترط علیهم هذا الشرط) (1) .

إلاّ أنّ هذا الإدعاء لا یمکن قبوله، وهو مردود بأدلة کثیرة:

أوّلا: إنّ الحکم المذکور فی الآیة یشمل التابعین أیضاً، والمقصود من التابعین ـ کما أشرنا سابقاً ـ کل الذین یتبعون المهاجرین والأنصار السابقین فی معتقداتهم وأهدافهم وبرامجهم، وعلى هذا فإنّ کل الاُمّة بدون استثناء ناجیة.

وأمّا ما ورد فی حدیث محمّد بن کعب، من أنّ الله سبحانه وتعالى قد ذکر قید الإحسان فی التابعین، أی أتباع الصحابة فی أعمالهم الحسنة، لا فی ذنوبهم، فهو أعجب البحوث وأغربها، لأنّ مفهوم ذلک إضافة الفرع إلى الأصل، فعندما یکون شرط نجاة التابعین أن یتبعوا الصحابة فی أعمالهم الحسنة، فاشتراط هذا الشرط على الصحابة أنفسهم یکون بطریق أولى.

وبتعبیر آخر فإنّ الله تعالى یبیّن فی الآیة أنّ رضاه یشمل کل المهاجرین والأنصار السابقین الذین کانت لهم برامج وأهداف صالحة، وکل التابعین لهم، لا أنّه قد رضی عن المهاجرین والأنصار، الصالح منهم والطالح، أمّا التابعون فإنّه یرضى عنهم بشرط.

ثانیاً: إنّ هذا الموضوع لا یناسب الدلیل العقلی بأی وجه من الوجوه، لأنّ العقل لا یعطی أی امتیاز لأصحاب النّبی (صلى الله علیه وآله)، فما الفرق بین أبی جهل وأمثاله، وبین من آمنوا أوّلا ثمّ انحرفوا عن الدین؟

ولماذا لا تشمل رحمة الباری والرضوان الإلهی الأشخاص الذین جاؤوا بعد النّبی (صلى الله علیه وآله)بسنوات وقرون، ولم تکن تضحیاتهم وجهادهم أقل ممّا عمله أصحاب النّبی (صلى الله علیه وآله)، بل قد امتازوا بأنّهم لم یروا نبی الإسلام (صلى الله علیه وآله)، لکنّهم عرفوه وآمنوا به؟

إنّ القرآن الذی یقول: (إنّ أکرمکم عند الله أتقاکم ) (2) کیف یرضى هذا التبعیض والتفرقة غیر المنطقیة؟

إنّ القرآن الذی یلعن الظالمین والفاسقین فی آیاته المختلفة، ویعدهم ممّن استوجب العقاب والعذاب الإلهی، کیف یوافق ویقرّ هذه الصیانة غیر المنطقیة للصحابة فی مقابل الجزاء الإلهی؟!

هل إنّ مثل هذه اللعنات والتهدیدات القرآنیة قابلة للاستثناء، وأن یخرج من دائرتها قوم معینون؟ لماذا ولأجل أی شئ؟!

وإذا تجاوزنا عن کل ذلک، ألا یعتبر مثل هذا الحکم بمثابة إعطاء الضوء الأخضر للصحابة لیرتکبوا من الذنب والجریمة ما یحلو لهم؟

ثالثاً: إنّ هذا الحکم لا یناسب المتون التأریخیة الإسلامیة، لأنّ کثیراً ممّن کان فی صفوف المهاجرین والأنصار قد انحرف عن طریق الحق، وتعرض لغضب الرّسول (صلى الله علیه وآله)الملازم لغضب الله عزَّوجلّ. ألم نقرأ فی الآیات السابقة قصّة ثعلبة بن حاطب الأنصاری، وکیف انحرف وأصبح مورد لعنة وغضب رسول الله (صلى الله علیه وآله)؟!

ونقول بصورة أوضح: إذا کان مقصود هؤلاء أنّ أصحاب النّبی (صلى الله علیه وآله) لم یرتکبوا أی معصیة، وکانوا معصومین، فهذا من قبیل إنکار البدیهیات.

وإن کان مقصودهم أنّ هؤلاء قد إرتکبوا المعاصی، وعملوا المخالفات، إلاّ أنّ الله تعالى راض عنهم رغم ذلک، فإنّ معنى ذلک أنّ الله سبحانه قد رضی بالمعصیة!

من یستطیع أن یبرىء ساحة طلحة والزبیر اللذین کانا فی البدایة من خواص أصحاب النّبی (صلى الله علیه وآله)، وکذلک عائشة زوجة النّبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) من دماء سبعة عشر ألف مسلم أریقت دماؤهم فی حرب الجمل؟ هل أنّ الله عزَّوجَلّ کان راضیاً عن إراقة هذه الدماء؟!

هل أنّ مخالفة علی (علیه السلام) خلیفة رسول الله (صلى الله علیه وآله) ـ الذی إذا لم نقبل النّص على خلافته فرضاً، فعلى الأَقل کان قد انتخب بإجماع الاُمّة ـ وشهر السلاح بوجهه وبوجه أصحابه الأوفیاء شیء یرضى الله عنه؟

فی الحقیقة، أنّ أنصار نظریة (تنزیه الصحابة) بإصرارهم على هذا المطلب والمبحث قد شوّهوا صورة الإسلام الطاهر الذی جعل الإیمان والعمل الصالح هو المعیار والأساس الذی یستند علیه فی تقییم الأشخاص فی کل المجالات وعلى أی الأحوال.

وآخر الکلام إنّ رضى الله سبحانه وتعالى فی الآیة التی نبحثها قد اتخذ عنواناً کلیاً، وهو الهجرة والنصرة والإیمان والعمل الصالح، وکل الصحابة والتابعین تشملهم رحمة الله ورضاه

ما داموا داخلین تحت هذه العناوین، فإذا خرجوا منها خرجوا بذلک عن رضى الله تعالى.

ممّا قلنا یتّضح بصورة جلیة أنّ قول المفسّر العالم ـ لکنّه متعصب ـ أی صاحب المنار، الذی یشن هنا هجوماً عنیفاً وتقریعاً لاذعاً على الشیعة لعدم اعتقادهم بنزاهة الصحابة جمیعاً، لا قیمة له، إذ الشیعة لا ذنب لهم إلاّ أنّهم قبلوا حکم العقل وشهادة التاریخ، وشواهد القرآن وأدلّته التی وردت فی هذه المسألة، ولم یعتبروا الإمتیازات الواهیة، والأوسمة التی أعطاها المتعصبون للصحابة بدون استحقاق.


1. تفسیر المنار، وتفسیر الکبیر فی ذیل الآیة أعلاه.
2. الحجرات، 13.
3ـ من هو أوّل من أسلم؟ سورة التّوبة / الآیة 101
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma