إنّ کلمة (الأعرابی) وإن کانت تعنی ساکن البادیة، إلاّ أنّها استعملت بمعنى أوسع فی الأخبار والرّوایات الإسلامیة، وبتعبیر آخر: فإنّ مفهومها الإسلامی لا یرتبط أو یتحدد بالمنطقة الجغرافیة التی یشغلها الأعراب، بل تعبر عن منهجیة فی التفکیر، فإنّ من کان فی منآى عن الآداب والسنن والتربیة الإسلامیة فهو من الأعراب وإن کان سکان المدن، أمّا سکّان البادیة الملتزمون بالآداب والسنن الإسلامیة فلیسوا بأعراب.

الحدیث المشهور المنقول عن الإمام الصادق (علیه السلام): «من لم یتفقه منکم فی الدین فهو أعرابی» (1) دلیل قوی وشاهد واضح على الکلام أعلاه.

وفی خبر آخر نقرأ: «من الکفر التعرب بعد الهجرة». (2)

ونقل أیضاً عن علی (علیه السلام) فی نهج البلاغة أنّه خاطب جماعة من أصحابه العاصین لأمره فقال: «واعلموا أنّکم صرتم بعد الهجرة أعراباً». (3)

فی الحدیثین أعلاه جعل «التعرب» مقابل «الهجرة»، وإذا لاحظنا أنّ للهجرة أیضاً مفهوماً واسعاً لا یتحدد بالجانب المکانی، بل إنّ أساسها انتقال الفکر من محور الکفر إلى محور الإیمان، اتّضح معنى کون الفرد أعرابیاً، أی إنّه یعنی الرجوع عن الآداب والسنن الإسلامیة إلى الآداب والعادات الجاهلیة.

1. تفسیر نور الثقلین، ج 2، ص 254.
2. اصول الکافی، ج 2، ص 276 و277.
3. نهج البلاغة، الخطبة 192 (القاصعة).