1ـ لا شک أنّ هذه المجموعة من المنافقین لو کانوا قد ندموا على تخلفهم وتابوا منه، وأرادوا الجهاد فی میدان آخر من أجل غسل ذنبهم السابق، لقبل الله تعالى منهم ذلک، ولم یردهم النّبی (صلى الله علیه وآله)، فعلى هذا یتبیّن لنا أنّ طلبهم هذا بنفسه نوع من المراوغة والشیطنة وعمل نفاقی، أو قل: إنّه کان تکتیکاً من أجل إخفاء الوجه القبیح لهم، والإستمرار فی أعمالهم السابقة.
2ـ إنّ کلمة (خالف) تأتی بمعنى المتخلف، وهی إشارة إلى المتخلفین عن الحضور فی ساحات القتال، سواء کان تخلفهم لعذر أو بدون عذر.
وذهب البعض إلى أنّ خالِف بمعنى مخالِف، أی اذهبوا أیّها المخالفون وضموا أصواتکم إلى المنافقین لتکونوا جمیعاً صوتاً واحداً.
وفسّرها البعض بأنّ معناها (فاسد) لأنّ الخُلُوف بمعنى الفساد، وخالِف: جاء فی اللغة بمعنى فاسِد.
ویوجد احتمال آخر، وهو أنّه قد یراد من الکلمة جمیع المعانی المذکورة، لأنّ المنافقین وأنصارهم توجد فیهم کل هذه الصفات الرذیلة.
3ـ وکذا ینبغی أن نذکر بأنّ المسلمین یجب أن یستفیدوا من طرق مجابهة المنافقین فی الأعصار الماضیة، ویطبقوها فی مواجهة منافقی محیطهم ومجتمعهم، کما یجب اتباع نفس أسلوب النّبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) معهم، ویجب الحذر من السقوط فی شباکهم وأن لا ینخدع المسلم بهم، ولا یرق قلبه لدموع التماسیح التی یذرفونها، «فإنّ المؤمن لا یلدغ من جحر مرتین». (1)