إعاقة المنافقین مرّة اُخرى:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 5
سورة التّوبة / الآیة 81 ـ 83 بحوث

یستمر الحدیث فی هذه الآیات حول تعریف المنافقین وأسالیب عملهم وسلوکهم وأفکارهم لیعرفهم المسلمون جیداً، ولا یقعوا تحت تأثیر وسائل إعلامهم وخططهم الخبیثة وسمومهم.

فی البدایة تتحدث الآیة عن هؤلاء الذین تخلفوا عن الجهاد فی غزوة تبوک، وتعذّروا بأعذار واهیة کبیت العنکبوت، وفرحوا بالسلامة والجلوس فی البیت بدل المخاطرة بأنفسهم والاشتراک فی الحرب رغم أنّها مخالفة لأوامر الله ورسوله: (فرح المخلّفون بمقعدهم خلاف رسول الله ) وبدل أن یضعوا کل وجودهم وإمکاناتهم فی سبیل الله لینالوا افتخار الجهاد وعنوان المجاهدین، فإنّهم امتنعوا (وکرهوا أن یجاهدوا بأموالهم وأنفسهم فی سبیل الله ).

إلاّ أنّ هؤلاء النفر لم یکتفوا بتخلفهم وترکهم لهذا الواجب المهم، بل إنّهم سعوا فی تخذیل الناس عن الجهاد بوساوسهم الشّیطانیة ومحاولة إخماد جذوة الحماسة الملتهبة فی صدور المسلمین وتشبث المنافقون بکل عذر یمکن أن یحقق الهدف حتى ولو کان العذر الحَرّ!! (وقالوا لا تنفروا فی الحرّ ). وفی الحقیقة إنّ هؤلاء کانوا یطمعون فی إضعاف إرادة المسلمین،

ومن جهة اُخرى کانوا یحاولون سحب أکبر عدد ممکن إلى مستنقع رذیلتهم، حتى لا ینفردوا بالجرم.

ثمّ تتغیر وجهة الخطاب إلى النّبی (صلى الله علیه وآله)، فیأمره الله سبحانه وتعالى أن یجیبهم بلهجة شدیدة واُسلوب قاطع: (قل نار جهنّم أشدّ حرّاً لو کانوا یفقهون ). لکنّهم للأسف لضعف إیمانهم، وعدم الإدراک الکافی لا یعلمون أیة نار تنتظرهم، فشرارة واحدة من تلک النّار أشدّ حرارة من جمیع نیران الدّنیا وأشدّ حرقة وألماً.

وتشیر الآیة الثّانیة إلى أنّ هؤلاء ظنوا بأنّهم قد حققوا نصراً بتخلفهم وتخذیلهم المسلمین وصرف أنظارهم عن مسألة الجهاد، وضحکوا لذلک وقهقهوا بملء أفواههم، وهذا هو حال المنافقین فی کل عصر وزمن، إلاّ أنّ القرآن حذّرهم من مغبة أعمالهم فقال: (فلیضحکوا قلیلا ولیبکوا کثیراً ).

نعم، لیبکوا على مستقبلهم المظلم: لیبکوا على العذاب الألیم الذی ینتظرهم: لیبکوا على أنّهم أغلقوا کل أبواب العودة بوجوههم، وأخیراً لیبکوا على ما أنفقوا من قوتهم وقدراتهم وعمرهم الّثمین، واشتروا به الخزی والفضیحة وسوء العاقبة وتعاسة الحظ.

وفی نهایة الآیة یبیّن الله تعالى أنّ هذه العاقبة التی تنتظرهم هی (جزاء بما کانوا یکسبون ).

ممّا قلناه یتّضح أنّ المقصود هو: إنّ هذه الجماعة یجب أن یضحکوا قلیلا فی هذه الدنیا ویبکوا کثیراً، لأنّهم لو اطلعوا على ما ینتظرهم من العذاب الألیم لبکوا کثیراً ولضحکوا قلیلا بالفعل.

إلاّ أنّ بعض المفسّرین یذکر رأیاً آخر فی تفسیر هذه الآیة، وهو أنّهم مهما ضحکوا فإنّ ضحکهم قلیل لقصر عمر الدنیا، وسیبکون فی الآخرة بکاء بحیث إنّ کل بکاء الدنیا لا یعادل شیئاً من ذلک البکاء. (1)

غیر أن التّفسیر الأوّل أنسب وأوفق لظاهر الآیة، وللتعبیرات المشابهة لها سواء وردت فی الأقوال أم الکتابات، خاصّة إذا علمنا أن اللازم من التّفسیر الثّانی أن یکون معنى الأمر فی الآیة هو الإخبار لا الأمر، وهذا خلاف الظاهر.

ویشهد للمعنى الأوّل الحدیث المعروف عن النّبی (صلى الله علیه وآله)، والذی ذکره کثیر من المفسّرین، حیث قال: «لو تعلمون ما أعلم لضحکتم قلیلا ولبکیتم کثیراً». (2) (فتأمل جیداً).

وفی آخر آیة - من الآیات محل البحث ـ إشارة إلى طریقة اُخرى دقیقة وخطرة من طرق المنافقین، وهی أنّهم حینما یرتکبون ما یخالف القانون الإسلامی، فإنّهم یُظهرون أعمالا یحاولون بها جبران ما صدر منهم، ومحاولة تبرئة ساحتهم ممّا یستحقون من العقوبة، وبهذه الأعمال المناقضة لأعمالهم المخالفة للقانون فإنّهم یخفون وجوههم الحقیقیة، أو یسعون إلى ذلک.

إنّ الآیة الکریمة تقول: (فإن رجعک الله إلى طائفة منهم فاستأذنوک للخروج فقل لن تخرجوا معی أبداً ولن تقاتلوا معی عدوّاً ) أی إنّ النّبی (صلى الله علیه وآله) یجب أن یزرع الیأس فی نفوس هؤلاء، ویُعلمهم أن هذا التلون سوف لا ینطلی على أحد، ولن یُخدع بهم أحد، والأَولى لهم أنّ یحزموا أمتعتهم ویرحلوا من هذا المکان إلى مکان آخر، فإنّ أحداً سوف لایقع فی مکائدهم وحبائلهم فی هذه المدینة.

وتوجد هنا مسألة ینبغی التنبیه إلیها، وهی أنّ جملة (طائفة منهم ) توحی أنّ هؤلاء المنافقین لم یکونوا بأجمعهم یمتلکون الشجاعة حتى یحضروا ویطلبوا من النّبی (صلى الله علیه وآله)السماح لهم فی الخروج إلى الجهاد، ربّما لأنّ بعضهم کانوا مفضوحین إلى حد یخجلون معه من الحضور فی مجلس النّبی (صلى الله علیه وآله) وطلب الخروج معه.

ثمّ تبیّن الآیة أنّ سبب عدم قبول اقتراح هؤلاء وطلبهم بـ (إنّکم رضیتم بالقعود أوّل مرّة فاقعدوا مع الخالفین ).


1. تفسیر مجمع البیان، ذیل الآیة مورد البحث.
2. بحارالانوار، ج 55، ص 107.
سورة التّوبة / الآیة 81 ـ 83 بحوث
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma