مؤامرة اُخرى للمنافقین:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 5
سبب النّزول سورة التّوبة / الآیة 67 ـ 70

لاحظنا فی الآیات السابقة کیف أنّ المنافقین اعتبروا نقاط القوّة فی سلوک النّبی (صلى الله علیه وآله)نقاط ضعف، وکیف حاولوا استغلال هذه المسألة من أجل بثّ التفرقة بین المسلمین، وفی هذه الآیات إشارة إلى نوع آخر من برامجهم وطرقهم.

فمن الآیة الاُولى یستفاد أنّ الله سبحانه وتعالى یکشف الستار عن أسرار المنافقین أحیاناً، وذلک لدفع خطرهم عن النّبی (صلى الله علیه وآله) وفضحهم أمام الناس لیعرفوا حقیقتهم، ویحذروهم ولیعرف المنافقون موقع اقدامهم ویکفّوا عن تآمرهم، ویشیر القرآن إلى خوفهم من نزول سورة تفضحهم وتکشف خبیئة أسرارهم فقال: (یحذر المنافقون أن تنزّل علیهم سورة تنبّئهم بما فی قلوبهم ).

إلاّ أنّ العجیب فی الأمر أن هؤلاء ولشدة حقدهم وعنادهم لم یکفّوا عن استهزائهم وسخریتهم، لذلک تضیف الآیة: بأنّهم مهما سخروا من أعمال النّبی (صلى الله علیه وآله) فإنّ الله لهم بالمرصاد وسوف یظهر خبیث أسرارهم ویکشف عن دنیء نیّاتهم، فقال: (قل استهزئوا إنّ الله مخرج ما تحذرون ).

تجدر الإشارة إلى أنّ جملة (استهزئوا) من قبیل الأمر لأجل التهدید کما یقول الإنسان لعدوّه: اعمل کل ما تستطیع من أذى وإضرار لترى عاقبة أمرک، ومثل هذه الأسالیب والتعبیرات تستعمل فی مقام التهدید.

کما یجب الإلتفات إلى أنّنا نفهم من الآیة بصورة ضمنیة أنّ هؤلاء المنافقین یعلمون

بأحقیّة دعوة النّبی (صلى الله علیه وآله) وصدقها، ویعلمون فی ضمیرهم ووجدانهم إرتباط النّبی (صلى الله علیه وآله) بالله سبحانه وتعالى، إلاّ أنّهم لعنادهم وإصرارهم بدل أن یؤمنوا به ویسلموا بین یدیه، فإنّهم بدأوا بمحاربته وإضعاف دعوته المبارکة، ولذلک قال القرآن الکریم: (یحذر المنافقون أن تنزّل علیهم سورة تنبّئهم بما فی قلوبهم ).

وینبغی الإلتفات إلى أنّ جملة (تنزّل علیهم ) لا تعنی أنّ أمثال هذه الآیات کانت تنزل على المنافقین، بل المقصود أنّها کانت تنزل فی شأن المنافقین وتبیّن أحوالهم.

أمّا الإیة الثّانیة فإنّها أشارت إلى اُسلوب آخر من أسالیب المنافقین، وقالت: (ولئن سألتهم لیقولُنّ إنّما کنّا نخوض ونلعب ) (1). أی إذا سألتهم عن الدافع لهم على هذه الأعمال المشینة قالوا: نحن نمزح وبذلک ضمنوا طریق العودة، فهم من جهة کانوا یخططون المؤامرات، ویبثون السموم، فإذا تحقق هدفهم فقد وصلوا إلى مآربهم الخبیثة، أمّا إذا افتضح أمرهم فإنّهم سیتذرّعون ویعتذرون بأنّهم کانوا یمزحون، وعن هذا الطریق سیتخلصون من معاقبة النّبی (صلى الله علیه وآله) والناس لهم.

إنّ المنافقین فی أی زمان، تجمعهم وحدة الخطط، والضرب على نفس الوتر، لذا فلهم نغمة واحدة، وهم کثیراً ما یستفیدون ویتبعون هذه الطرق، بل إنّهم فی بعض الأحیان یطرحون أکثر المسائل جدیة لکن بلباس المزاح الساذج البسیط، فإن وصلوا إلى هدفهم وحققوه فهو، وإلاّ فإنّهم یفلتون من قبضة العدالة بحجّة المزاح.

غیر أنّ القرآن الکریم واجه هؤلاء بکل صرامة، وجابههم بجواب لا مفرّ معه من الإذعان للواقع، فأمر النّبی (صلى الله علیه وآله) أن یخاطبهم (قل أبالله وآیاته ورسوله کنتم تستهزئون )، أی إنّه یسألهم: هل یمکن المزاح والسخریة حتى بالله ورسوله وآیات القرآن؟!

هل إنّ هذه المسائل التی هی أدق الاُمور وأکثرها جدیة قابلة للمزاح؟!

هل یمکن إخفاء قضیة تنفیر البعیر وسقوط النّبی (صلى الله علیه وآله) من تلک العقبة الخطیرة، والتی تعنی الموت، تحت عنوان ونقاب المزاح؟ أم أنّ السخریة والإستهزاء بالآیات الإلهیّة وإخبار النّبی بالإنتصارات المستقبلیة من الاُمور التی یمکن أن یشملها عنوان اللعب؟ کل هذه الشواهد تدل على أنّ هؤلاء کان لدیهم أهداف خطیرة مستترة خلف هذه الأستار والعناوین.

ثمّ یأمر القرآن النّبی (صلى الله علیه وآله) أن یقول للمنافقین بصراحة: (لا تعتذروا )، والسبب فی ذلک أنّکم (قد کفرتم بعد إیمانکم )، فهذا التعبیر یُشعر أن هذه الفئة لم تکن منذ البدایة فی صف المنافقین، بل کانوا مؤمنین لکنّهم ضعیفو الإیمان، بعد هذه الحوادث الآنفة الذکر سلکوا طریق الکفر.

ویحتمل أیضاً فی تفسیر العبارة أعلاه أن هؤلاء کانوا منافقین من قبل، إلاّ أنّهم لم یظهروا عملا مخالفاً، فإنّ النّبی (صلى الله علیه وآله) والمسلمین کانوا مکلّفین أن یعاملوهم کأفراد مؤمنین، لکن لما رفع النقاب بعد أحداث غزوة تبوک، وظهر کفرهم ونفاقهم اُعلِم هؤلاء بأنّهم لم یعودوا من المؤمنین.

واختتمت الآیة بهذه العبارة: (إن نعف عن طائفة منکم نعذّب طائفة بأنّهم کانوا مجرمین ) فهی تبیّن أنّ طائفة قد استحقت العذاب نتیجة الذنوب والمعاصی، وهذا دلیل على أنّ أفراد الطائفة الاُخرى إنّما شملهم العفو الإلهی لأنّهم غسلوا ذنوبهم ومعاصیهم بماء التوبة من أعماق وجودهم.

وفی الآیات القادمة ـ کالآیة 74 ـ قرینة على هذا المبحث.

وقد وردت روایات عدیدة فی ذیل الآیة، تبیّن أنّ بعض هؤلاء المنافقین الذین مرّ ذکرهم فی هذه الآیات قد ندموا على ما بدر منهم من أعمال منافیة للدین والأخلاق فتابوا، غیر أنّ البعض الآخر قد بقی على مسیرته حتى النهایة. (2)


1. «خوض» على وزن «حوض»، وهو - کما ورد فی کتب اللغة ـ بمعنى الدخول التدریجی فی الماء، ثمّ أطلقت على الدخول فی مختلف الأعمال من باب الکنایة، إلاّ أنّها جاءت فی القرآن غالباً بمعنى الدخول أو الشروع بالأعمال أو الأقوال القبیحة البذیئة.
2. ولمزید التوضیح والإطلاع راجع: تفسیر نورالثقلین، ج 2، ص 239.
سبب النّزول سورة التّوبة / الآیة 67 ـ 70
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma