التّفسیر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 5
سورة التّوبة / الآیة 53 ـ 55 بحثان

تشیر هذه الآیات إلى قسم آخر من علامات المنافقین وعواقب أعمالهم ونتائجها، وتبیّن بوضوح کیف أن أعمالهم لا أثر لها ولا قیمة، ولا تعود علیهم بأیّ نفع.

ولما کانَ ـ من بین الأعمال الصالحة ـ الإنفاق فی سبیل الله «الزکاة بمعناها الواسع» والصلاة «وهی العلاقة بین الخلق والخالق» ـ لهما موقع خاص، فقد اهتمّت الآیات بهذین القسمین اهتماماً خاصاً!

تخاطب الآیات النّبی الکریم فتقول: (قل أنفقوا طوعاً أو کرهاً لن یتقبّل منکم ) (1).

ثمّ تشیر الآیة إلى سبب ذلک فتقول: (إنّکم کنتم قوماً فاسقین ).

فنیّاتکم غیر خالصة، وأعمالکم غیر طاهرة، وقلوبکم مظلمة، وإنّما یتقبل الله العمل الطاهر من الورع التقی.

وواضح أنّ المراد من الفسق هنا لیس هو الذنب البسیط والمألوف، لأنّه قد یرتکب الإنسان ذنباً وهو فی الوقت ذاته قد یکون مخلصاً فی أعماله، بل المراد منه الکفر والنفاق، أو تلوّث الإنفاق بالریاء والتظاهر.

کما لا یمنع أن یکون الفسق ـ فی التعبیر آنفاً ـ فی مفهومه الواسع شاملا للمعنیین، کما ستوضح الآیة التالیة ذلک.

وفی الآیة التالیة یوضح القرآن مرّة اُخرى السبب فی عدم قبول نفقاتهم فیقول: (وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلاّ أنّهم کفروا بالله وبرسوله ).

والقرآن یعوّل کثیراً على أنّ قبول الأعمال الصالحة مشروط بالإیمان، حتى أنّه لو قام الإنسان بعمل صالح وهو مؤمن، ثمّ کفر بعد ذلک فإنّ الکفر یحبط عمله ولا یکون له أی أثر «بحثنا هذا الموضوع ذیل الآیة 217 من سورة البقرة من التّفسیر الأمثل».

وبعد أن أشار القرآن إلى عدم قبول نفقاتهم، یشیر إلى حالهم فی العبادات فیقول: (ولا یأتون الصلاة إلاّ وهم کسالى ) کما أنّهم (ولا ینفقون إلاّ وهم کارهون ).

وفی الحقیقة أنّ نفقاتهم لا تقبل لسببین:

الأوّل: هو أنّهم (کفروا بالله وبرسوله ).

والثّانی: أنّهم إنّما ینفقون عن کره وإجبار.

کما أنّ صلواتهم لا تُقبل لسببین أیضاً:

الأوّل: لأنّهم (کفروا بالله... ).

والثّانی: أنّهم (لا یأتون الصلاة إلاّ وهم کسالى )!...

العبارات المتقدمة فی الوقت الذی تبیّن حال المنافقین فی عدم النفع من أعمالهم، فهی فی الحقیقة تبیّن علامة اُخرى من علائمهم فی الوقت ذاته، وهی أنّ المؤمنین الواقعیین یمکن معرفتهم من نشاطهم عند أداء العبادة، ورغبتهم فی الأعمال الصالحة التی تتجلى فیهم بإخلاصهم.

کما یمکن معرفة حال المنافقین عن طریق کیفیة أعمالهم، لأنّهم یؤدّون أعمالهم عادةً دون رغبة ومکرهین، فکأنّما یُساقون إلى عمل الخیر سوقاً.

وبدیهی أنّ أعمال الطائفة الاُولى (المؤمنین) لما کانت تصدر عن قلوب تعشق الله مقرونةً بالتحرق واللهفة، فإنّ جمیع الآداب ومقرراتها مرعیة فیها. إلاّ أنّ الطائفة الثّانیة لما کانت أعمالها تصدر عن إکراه وعدم رغبة، فهی ناقصة لا روح فیها، وهکذا تکون البواعث

المختلفة فی أعمال الطائفتین تضفی على الأعمال شکلین مختلفین.

وفی آخر الآیة ـ من الآیات محل البحث ـ یتوجه الخطاب نحو النّبی قائلا: (فلا تعجبک أموالهم ولا أولادهم ).

فهی وإن کانت نعمةً بحسب الظاهر، إلاّ أنّه: (إنّما یرید الله لیعذّبهم بها فی الحیاة الدنیا وتزهق أنفسهم وهم کافرون ).

وفی الواقع فإنّهم یعذبون عن طریقین بسبب هذه الأموال والأولاد، أی القوة الاقتصادیة والإنسانیة:

فالأوّل: إنّ مثل هؤلاء الأبناء لا یکونون صالحین عادة، ومثل هذه الأموال لا برکة فیها، فیکونان مدعاة قلقهم وأَلَمِهِم فی الحیاة الدنیا، إذ علیهم أن یسعوا لیل نهار من أجل أبنائهم الذین هم مدعاة أذاهم وقلقهم، وأن یجهدوا أنفسهم لحفظ أموالهم التی اکتسبوها عن طریق الإثم والحرام.

والثّانی: لما کانوا متعلقین بهذه الأَموال والأولاد، ولا یؤمنون بالحیاة بعد الموت ولا بالدار الآخرة الواسعة ولا بنعیمها الخالد، فلیس من الهیّن أن یغمضوا عن هذه الأموال والذّریة، وبالتالی یخرجون من هذه الدنیا ـ بحال مزرِیَة وفی حال الکفر.

فالمال والبنون قد یکونان موهبة وسعادة ومدعاة للرفاه والهدوء والاطمئنان والدعة إذا کانا طاهرین طیبین وإلاّ فهما مدعاة العذاب والشقاء والألم.


1. جملة «انفقوا» وإن کانت فی صورة الأمر، إلاّ أنّ فیها مفهوم الشرط، أی لو أنفقتم طوعاً أو کرهاً لن یتقبل منکم.
سورة التّوبة / الآیة 53 ـ 55 بحثان
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma