الکُسالى الطّامعون:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 5
سورة التّوبة / الآیة 41 ـ 42سورة التّوبة / الآیة 43 ـ 45

قلنا: إنّ معرکة تبوک کانت لها حالة استثنائیة، وکانت مقترنة بمقدمات معقّدة وغامضة تماماً، ومن هنا فإن عدداً من ضعاف الإیمان أو المنافقین أخذ «یتعلّل» فی الإعتذار عن المساهمة فی هذه المعرکة. وقد وردت فی الآیات المتقدمات ملامة للمؤمنین من قبل الله سبحانه لتباطؤهم فی نصرة نبیّهم عند صدور الأمر بالجهاد، وعدم الإسراع إلى ساحة الحرب وأکّدت بأنّ الأمر بالجهاد لصالحکم، وإلاّ فإنّ بإمکان الله أن یهیىء جنوداً مؤمنین شجعاناً مکان الکسالى الذین لاحظّ لهم فی الثبات والإرادة، بل حتى مع عدمهم فهو قادر على أن یحفظ نبیّه، کما حفظه «لیلة المبیت»، وفی «غار ثور».

والعجیب أنّ عدداً من «خیوط العنکبوت» المنسوجة على مدخل الغار کانت سبباً لانحراف فکر الأعداء الألداء، وأن یعودوا آیسین بعد وصولهم إلى هذا الغار، وأن یسلم النّبی (صلى الله علیه وآله) من کیدهم.

فحیث إنّ بإمکان الله أن یغیّر مسیر التاریخ، ببضعة خیوط من نسیج العنکبوت، فأیة حاجة بهذا أو ذاک لیبدی کلّ معاذیره !!

وفی الحقیقة فإنّ جمیع هذه الأوامر هی لتکامل المسلمین أنفسهم، لا لرفع الحاجة لدى

الله سبحانه... وتعقیباً على هذا الکلام یدعو المؤمنین جمیعاً مرّة اُخرى ـ دعوة عامّة ـ نحو الجهاد ویعنف المتسامحین فیقول سبحانه: (انفروا خفافاً وثقالا ).

«الخفاف» جمع الخفیف، «الثقال» جمع الثقیل، ولهاتین الکلمتین مفهوم شامل یستوعب جمیع حالات الإنسان. أی انفروا فی أیة حالة کنتم شباباً أم شیوخاً، متزوجین أم غیر متزوجین، تعولون أحداً أم لا تعولون، أغنیاءً أم فقراء، مبتلین بشیء أم غیر مبتلین، أصحابَ تجارة أو زراعة أم لستم من اُولئک!

فکیف ما کنتم فعلیکم أن تستجیبوا لدعوة الداعی إلى الجهاد، وأن تنصرفوا عن أیّ عمل شغلتم به، وتنهضوا مسرعین إلى ساحات القتال، وفی أیدیکم السلاح.

وما قاله بعض المفسّرین من أنّ هاتین الکلمتین تعنیان مثلا واحداً ممّا ذکرنا آنفاً، لا دلیل علیه أبداً، بل إنّ کل واحد ممّا ذکرناه مصداق جلی لمفهومها الوسیع.

ثمّ تضیف الآیة قائلة: (وجاهدوا بأموالکم وأنفسکم فی سبیل اللّه ) أی جهاداً مطلقاً عاماً من جمیع الجهات، لأنّهم کانوا یواجهون عدوّاً قویّاً مستکبراً، ولا یتحقق النصر إلاّ بأن یجاهدوا بکل ما وسعهم من المال والأنفس.

ولئلا یتوهّم أحد أنّ هذه التضحیة یریدها الله لنفسه ولا تنفع أصحابها، فإنّ الآیة تضیف قائلة: (ذلکم خیر لکم إن کنتم تعلمون ).

أی إن کنتم تعلمون بأنّ الجهاد مفتاح عزتکم ورفعتکم ومنعتکم.

و إن کنتم تعلمون بأنّ أیة اُمّة فی العالم لن تصل بدون الجهاد إلى الحریة الواقعیة والعدالة.

و إن کنتم تعلمون بأنّ سبیل الوصول إلى مرضاة اللّه والسعادة الأبدیة وأنواع النعم والمواهب الإلهیة، کل ذلک إنّما هو فی هذه النهضة المقدسة العامّة والتضحیة المطلقة.

ثمّ یتناول القرآن ضعاف الإیمان الکسالى الذین یتشبثون بالحجج الواهیة للفرار من ساحة القتال، فیخاطب النّبی مبیّناً واقعهم فیقول: (لو کان عرضاً قریباً وسفراً قاصداً لاتّبعوک (1) ولکن بعدت علیهم الشّقّة (2) ).

والعجیب أنّهم لا یکتفون بالأعذار الواهیة، بل (وسیحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معکم ). فعدم ذهابنا إلى ساحات القتال إنّما هو لضعفنا وعدم اقتدارنا وابتلائنا!! (یهلکون أنفسهم والله یعلم إنّهم لکاذبون ).

فهم قادرون على الذهاب إلى ساحات القتال، لکن حیث إنّ السفر ذو مشقة، ویواجهون صعوبةً وحرجاً، فإنّهم یتشبثون بالکذب والباطل.

ولم یکن هذا الأمر منحصراً بغزوة تبوک وعصر النّبی (صلى الله علیه وآله) فحسب، ففی کل مجتمع فئة من الکسالى والمنافقین والطامعین والانتهازیین الذین ینتظرون لحظات الإنتصار لیقحموا أنفسهم فی الصفوف الاُولى، ویصرخوا بعالی الصوت أنّهم المجاهدون الأوائل والمخلصون البواسل، لیصادروا ثمرات جهود الآخرین فی إنتصارهم دون أن یبذلوا أیّ جهد!

غیر أنّ هؤلاء «المجاهدین» المخلصین!! کما یزعمون، حین یواجهون الشدائد والأزمات یلوذون بالفرار ویتشبثون بالأعذار الباطلة والحجج الواهیة، کأن یقول أحدهم: إنّی مریض، ویقول الآخر: إنی مبتلىً بطفلی، ویقول الثّالث: زوجی مُقرب وعلى وشک الولادة، ویقول الرّابع: یالیتنی کنت معکم لولا ضعف فی عینیّ لا أبصر بهما، ویقول الخامس: أنا أتدارک مقدمات الأمر وأنا على أثرکم، وهکذا...

إلاّ أنّ على القادة والصفوة من النّاس أن یعرفوا هذه الفئة من بدایة الأمر، وإذا لم یکونوا أهلا للإصلاح فینبغی إخراجهم وطردهم من صفوف المجاهدین.


1. «العَرَض» ما یعرض ویزول عاجلا ولا دوام له، ویطلق عادةً على مواهب الدنیا المادیة، والقاصد معناه السهل. لأَنّه فی الأصل من قصد، والناس یسعون فی قصدهم إِلى المسائل السهلة.
2.«الشقة»تعنی الأرض الصخریة أو الطریق الطویل البعید الذی یجلب على عابره المشقة والنصب.
سورة التّوبة / الآیة 41 ـ 42سورة التّوبة / الآیة 43 ـ 45
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma