مسؤولیتنا إزاء أهل الکتاب:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 5
سورة التّوبة / الآیة 29 ما هَی الجزیة؟!

کان الکلام فی الآیات السابقة عن وظیفة المسلمین إزاء المشرکین، أمّا الآیة محل البحث (وما یلیها من الآی) فتبیّن تکلیف المسلمین ووظیفتهم إزاء أهل الکتاب.

وفی هذه الآیات جعل الإسلام لأهل الکتاب سلسلة من الأحکام تعدّ حدّاً وسطاً بین المسلمین والکفار، لأنّ أهل الکتاب من حیث إتّباعهم لدینهم السماوی لهم شبه بالمسلمین، إلاّ أنّهم من جهة اُخرى لهم شبه بالمشرکین أیضاً.

ولهذا فإنّ الإسلام لا یجیز قتلهم، مع أنّه یجیز قتل المشرکین الذین یقفون بوجه المسلمین، لأنّ الخطة تقضی بقلع جذور الشرک والوثنیة من الکرة الأرضیة، غیر أنّ الإسلام یسمح بالعیش مع أهل الکتاب فی صورة ما لو احترم أهل الکتاب الإسلام، ولم یتآمروا ضده، أو یکون لهم إعلام مضاد.

والعلامة الاُخرى لموافقتهم على الحیاة المشترکة السلمیة مع المسلمین هی أن یوافقوا على دفع الجزیة للمسلمین، بأن یعطوا کل عام إلى الحکومة الاسلامیة مبلغاً قلیلا من المال بحدود وشروط معینة سنتناولها فی البحوث المقبلة إن شاء الله.

وفی غیر هذه الحال فإنّ الإسلام یصدر أمره بمقاتلتهم، ویوضح القرآن دلیل شدة هذا الحکم فی جمل ثلاث فی الآیة محل البحث:

إذ تقول الآیه أوّلا: (قاتلوا الذین لا یؤمنون بالله ولا بالیوم الآخر ).

لکن کیف لا یؤمن أهل الکتاب ـ کالیهود والنصارى ـ بالله وبالیوم الآخر، مع أنّنا نراهم فی الظاهر یؤمنون بالله ویقرون بالمعاد أیضاً؟

والجواب: لأنّ إیمانهم مزیج بالخرافات والأوهام، أمّا فی مسألة الإیمان بالمبدأ وحقیقة التوحید، فلأنّه:

أوّلا: یعتقد طائفة من الیهود ـ کما سنرى ذلک فی الآیات المقبلة ـ أنّ عزیراً ابن الله، کما یعتقد المسیحیون عامّة بألوهیة المسیح والتثلیث ]الأب والابن وروح القدس [.

وثانیاً: کما یُشار إلیه فی الآیات المقبلة، فانّ کلاّ من الیهود والنصارى مشرکون فی عبادتهم، ویعبدون أحبارهم ـ عملیّاً ـ ویطلبون منهم العفو والصفح عن الذنب، وهذا ممّا یختصّ به الله، مضافاً إلى تحریف الأحکام الإلهیّة بصورة رسمیة.

وأمّا إیمانهم بالمعاد فإیمان محرّف، لأنّ المعاد کما یستفاد من کلامهم منحصر بالمعاد الروحانی، فبناءً على ذلک فإنّ إیمانهم بالمبدأ مخدوش، وإیمانهم بالمعاد کذلک.

ثمّ تشیر الآیة إلى الصفة الثّانیة لأهل الکتاب، فتقول: (ولا یحرّمون ما حرّم الله ورسولُه ).

ومن الممکن أن یکون المراد من کلمة «رسوله» نبیّهم موسى أو عیسى (علیهما السلام)، لأنّهم لم یکونوا أوفیاء لأحکام دینهم، وکانوا یرتکبون کثیراً من المحرمات الموجودة فی دین موسى أو عیسى، ولا یقتصرون على ذلک فحسب، بل کانوا یحکمون بحلیتها أحیاناً.

ویمکن أن یکون المراد من «رسوله» نبیَّ الإسلام محمّد (صلى الله علیه وآله)، أی إنّما أمر المسلمون بمقاتلة الیهود والنصاری وجهادهم إیّاهم، لأنّهم لم یذعنوا لما حرّمه الله على ید نبیّه، وإرتکبوا جمیع أنواع الذنوب.

وهذا الاحتمال یبدو أقرب للنظر، والشاهد علیه الآیة 33 من هذه السورة ذاتها، وسنقف على تفسیرها قریباً، إذ تقول: (هو الذی أرسل رسوله بالهدى ودین الحقّ ).

أضف إلى ذلک حین ترد کلمة (رسوله) فی القرآن مطلقةً فالمراد منها النّبی (محمّد) (صلى الله علیه وآله).

ولو سلّمنا بأنّ المراد من (رسوله) هنا نبیّهم، فکان ینبغی أن تکون الکلمة (تثنیة) أو جمعاً، کما جاء فی الآیة 13 من سورة یونس (وجاءتهم رسلهم بالبیّنات ) ونظیر هذا التعبیر فی القرآن ملحوظ.

ویمکن أن یقال: إنّ الآیة فی هذه الصورة ستکون من باب تحصیل الحاصل أو توضیح الواضح، لأن من البدیهی أن غیر المسلمین لا یحرمون ما حرمه الإسلام.

لکن ینبغی الإلتفات إلى أنّ المراد من هذه الصفات هو بیان علة جواز جهاد المسلمین للیهود ومقاتلتهم إیّاهم. أی یجوز أن تجاهدوا الیهود والنصارى ـ لأنّهم لا یحرمون ما حرم الإسلام وقد إرتکبوا کثیراً من الآثام ـ إذا واجهوکم وخرجوا عن کونهم أقلیة مسالمة.

وتذکر الآیة الصفة الثّالثة التی کانوا یتصفون بها فتقول: (ولا یدینون دین الحقّ ).

ویوجد احتمالان فی هذه الجملة أیضاً، إلاّ أنّ الظاهر أنّ المراد من دین الحق هو دین الإسلام المشار إلیه بعد بضع آیات.

وذکر هذه الجملة بعد عدم اعتقادهم بالمحرمات الإسلامیة، هو من قبیل ذکر العام بعد الخاص، أی أن الآیة أشارت أوّلا إلى إرتکابهم لمحرمات کثیرة، وهی محرّمات تلفت النظر کشرب الخمر والربا وأکل لحم الخنزیر، وإرتکاب کثیر من الکبائر التی کانت تتسع یوماً بعد یوم.

ثمّ تقول الآیة: إنّ هؤلاء لا یدینون بدین الحق أساساً، أی إنّ أدیانهم منحرفة عن مسیرها الأصیل، فنسوا کثیراً من الحقائق والتزموا بکثیر من الخرافات مکانها، فعلیهم أن یتقبلوا الإسلام، وأن یعیدوا بناء أفکارهم من جدید على ضوء الإسلام وهداه، أو یکونوا مسالمین ـ على الأقل ـ فیعیشوا مع المسلمین، وأن یقبلوا شروط الحیاة السلمیة مع المسلمین.

وبعد ذکر هذه الأوصاف الثلاثة، التی هی فی الحقیقة المسوغ لجهاد المسلمین لأهل الکتاب، تقول الآیة (من الذین أوتوا الکتاب ).

وکلمة «من» فی الآیة بیانیة لا تبعیضیة، وبتعبیر آخر: إنّ القرآن یرید أن یقول: إنّ أهل الکتاب السابقین ـ وللأسف ـ لا یدینون بدین الحق وانحرفوا عن المعتقدات الصحیحة، وهذا الحکم یشملهم جمیعاً.

ثمّ تبیّن الآیة الفرق بین أهل الکتاب والمشرکین فی مقاتلتهم، بالجملة التالیة (حتى یعطوا الجزیة عن ید وهم صاغرون ).

«والجزیة» مأخوذة من مادة الجزاء، ومعناها المال المأخوذة من غیر المسلمین الذین یعیشون فی ظلّ الحکومة الإسلامیة، وهذه التسمیة لأنّها جزاء حفظ أموالهم وأرواحهم (هذا ما یستفاد من کلام الراغب فی مفرداته فلا بأس بمراجعتها).

«والصاغر» مأخوذ من «الصِغَر» على زنة «الکِبَر» وخلاف معناه، ومعناه الراضی بالذلة.

والمراد من الآیة أن الجزیة ینبغی أن تُدفع فی حال من الخضوع للإسلام والقرآن.

وبتعبیر آخر: هی علامة الحیاة السلمیة، وقبول کون الدافع للجزیة من الأقلیة المحفوظة والمحترمة بین الأکثریة الحاکمة.

وما ذهب إلیه بعض المفسّرین من أنّ المراد من الجزیة فی الآیة هو تحقیر أهل الکتاب وإهانتهم والسُخر منهم، فلا یستفاد ذلک من المفهوم اللغوی لألفاظ الآیة، ولا ینسجم وروح تعالیم الإسلام السمحة، ولا ینطبق مع سائر التعالیم أو الدستور الذی وصلنا فی شأن معاملة الأقلیات.

وما ینبغی التنویه به هنا هو أنّ الآیة وإن ذکرت شرط «الجزیة» من بین شروط الذمة فحسب، إلاّ أنّ التعبیر بـ (هم صاغرون ) إشارة إجمالیة إلى سائر شروط الذمّة، لأنّه یستفاد من هذه الجملة بأنّهم ـ مثلا ـ یعیشون فی محیط إسلامی، فلیس لهم أن یظاهروا أعداء الإسلام، ولا یکون لهم إعلام مضاد للإسلام، ولا یقفوا حجر عثرة فی رقیه وتقدمه، وما إلى ذلک، لأنّ هذه الاُمور تتنافی وروح الخضوع والتسلیم للإسلام والتعاون مع المسلمین.

سورة التّوبة / الآیة 29 ما هَی الجزیة؟!
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma