الکثرة وحدَها لاتجدی نفعاً:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 5
سورة التّوبة / الآیة 25 ـ 27 1ـ غزوة حنین ذات العبرة

فی الآیات المتقدمة رأینا أنّ الله سبحانه یدعوا المسلمین إلى التضحیة والجهاد على جمیع الصُعد فی سبیل الله وقلع جذور الشرک وعبادة الأوثان، ویهدد بشدّة من یتقاعس منهم عن الجهاد والتضحیة بسبب التعلق بالأزواج والأولاد والأرحام والعشیرة والمال والثروة.

أمّا الآیات محل البحث فتشیر إلى مسألة مهمّة، وهی أنّ على کل قائد أن ینّبه أتباعه فی اللحظات الحساسة بأنّه إذا کان فیهم بعض الأشخاص من ضعاف الایمان والذین یحجبهم التعلّق بالمال والولد والأزواج وما إلى ذلک عن الجهاد فی سبیل اللّه، فلا ینبغی أن یقلق المؤمنون المخلصون من هذا الأمر، وعلیهم أن یواصلوا طریقهم، لأنّ الله لم یتخلَّ عنهم یوم کانوا قلّةً، کما هو الحال فی معرکة بدر، ولا یوم کانوا کثرةً ملء العین (کما فی معرکة حنین) وقد أعجبتهم الکثرة فلم تغن عنهم شیئاً، لکن اللّه سبحانه أنزل جنوداً لم تروها، وعذب الذین کفروا، فالله فی الحالین ینصر المؤمنین ویرسل إلیهم مدده...

لهذا فإن الآیة الاُولى من الآیات محل البحث تقول (لقد نصرکم الله فی مواطن کثیرة ).

والمواطن جمع الموطن، ومعناه المحل الذین یختاره الإنسان للسکن الدائم، أو المؤّقت، إلاّ

أن من معانیه أیضاً ساحة الحرب والمعرکة، وذلک لأنّ المقاتلین یقیمون فی مکان الحرب مدّة قصیرة أو طویلة أحیاناً.

ثمّ تضیف الآیة معقبةً (ویوم حنین إذ أعجبتکم کثرتکم فلم تغن عنکم شیئاً ) وکان جیش المسلمین یوم حنین زهاء اثنی عشر ألفاً، وقال بعض المؤرخین: کانوا عشرة آلاف أو ثمانیة آلاف، غیر أنّ الرّوایات المشهورة تؤید ما ذکرناه آنفاً، إذ تقول: إنّهم کانوا اثنی عشر ألفاً، وهذا الرقم لم یسبق له مثیل فی الحروب الإسلامیة قبل ذلک الحین، حتى إغتّر بعض المسلمین وقالوا: «لن نُغلب الیوم».

إلاّ أنّه ـ کما سنبیّن الموضوع فی الحدیث عن غزوة حنین ـ قد فرّ کثیر من المسلمین ذلک الیوم، لکونهم جدیدی عهد بالإسلام ولم یتوغل الإیمان فی قلوبهم فانکسر جیش المسلمین فی البدایة وکاد العدوّ أن یغلبهم لولا أنّ الله أنزل بلطفه مدده وجنوده فنجّاهم.

ویصوّر القرآن هذه الهزیمة بقوله: (وضاقت علیکم الأرض بما رحبت ثمّ ولّیتم مدبرین ).

وفی هذه اللحظات الحساسة حیث تفرق جیش الإسلام هنا وهناک، ولم یبق مع النّبی إلاّ القلة، وکان النّبی مضطرباً ومتألّماً جدّاً لهذه الحالة نزل التأیید الإلهی: (ثمّ أنزل الله سکینته على رسوله وعلى المؤمنین وأنزل جنوداً لم تروها ).

وکما قلنا فی حدیثنا عن غزوة بدر فی ذیل الآیات الخاصّة بها، أن نزول هذه الجنود غیر المرئیة کانَ لشدّ أزر المسلمین وتقویة معنویاتهم، وإیجاد روح الثبات والإستقامة فی نفوسهم وقلوبهم، ولا یعنی ذلک اشتراک الملائکة والقوى الغیبیة فی المعرکة (1) .

ویَذکُر القرآن النتیجة النهائیة لمعرکة حنین الحاسمة فیقول (وعذّب الذین کفروا وذلک جزاء الکافرین ).

وکان هذا العذاب والجزاء أن قُتل بعض الکافرین، واُسر بعضهم، وفرّ بعضهم إلى مناطق بعیدة عن متناول الجیش الاسلامی.

ومع هذا الحال فإنّ الله یفتح أبواب توبته للأسرى والفارین من الکفّار الذین یرغبون فی قبول مبدأ الحق «الإسلام» لهذا فإنّ الآیة الأخیرة من الآیات محل البحث تقول: (ثمّ یتوب الله من بعد ذلک على من یشاء والله غفور رحیم ).

وجملة «یتوب» التی وردت بصیغة الفعل المضارع، والتی تدل على الإستمرار، مفهومها أن أبواب التوبة والرجوع نحو الله مفتوحة دائماً بوجه التائبین.


1. لمزید من الإیضاح یراجع تفسیر الآیات 9 ـ 12 من هذا الجزء نفسه.
سورة التّوبة / الآیة 25 ـ 27 1ـ غزوة حنین ذات العبرة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma