بحوث

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 5
لِمَ تخشونَ مقاتلةَ العدوِّ؟! سورة التّوبة / الآیة 16

هناک کلام بین المفسّرین فی الجماعة الذین عنتهم الآیة (قاتلوهم یعذّبهم الله بأیدیکم ) من هم؟!

قال بعضهم: إنّ الآیة تشیر إلى الیهود، وإلى بعض الأقوام الذین نازلوا المسلمین وقاتلوهم بعد حین کالفُرس والرُّوم.

وقال بعضهم: هی إشارة إلى کفّار قریش.

وقال بعضهم: بل هی إشارة إلى المرتدین بعد إسلامهم.

إلاّ أنّ ظاهر الآیات یدلّ ـ بوضوح ـ على أن موضوعها هو جماعة المشرکین وعبدة

الأصنام الذین عاهدوا المسلمین على عدم القتال والمخاصمة، إلاّ أنّهم نقضوا عهدهم.

وکان هؤلاء المشرکون فی أطراف مکّة أو سائر نقاط الحجاز.

کما أنّه لا یمکن القبول بأنّ الآیة ناظرة إلى قریش، لأنّ قریشاً  ورئیسها ـ أباسفیان ـ أعلنوا إسلامهم ـ ظاهراً ـ فی السنة الثامنة بعد فتح مکّة، والسورة محل البحث نزلت فی السنة التاسعة للهجرة.

کما أنّ الاحتمال بأنّ المراد من الآیة هو الفرس أو الروم بعید جدّاً عن مفهوم الآیة، لأنّ الآیة ـ أو الآیات محل البحث ـ تتکلم عن مواجهة فعلیة، لا على مواجهات مستقبلیة أضف إلى ذلک فإنّ الفرس أو الروم لم یهمّوا بإخراج الرّسول من وطنه.

کما أنّ الاحتمال بأنّ المراد هم المرتدون بعد الإسلام، بعید غایة البعد، لإن التاریخ لم یتحدث عن مرتدین أقویاء واجهوا الرّسول ذلک الحین لیقاتلهم بمن معه من المسلمین.

ثمّ إنّ کلمة «أیمان» جمع «یمین» وکلمة «عهد» یشیران إلى المعاهدة بین المشرکین والرّسول على عدم المخاصمة، لا إلى قبول الإسلام. فلاحظوا بدقّة.

وإذا وجدنا فی بعض الرّوایات الإسلامیة أنّ هذه الآیة طُبّقَتْ على «النّاکثین» فی «معرکة الجمل» وأمثالها، فلا یعنی ذلک أن الآیات نزلت فی شأنهم فحسب، بل الهدف من ذلک أنّ روح الآیة وحکمها یصدقان فی شأن الناکثین ومن هم على شاکلتهم ممن سیأتون فی المستقبل.

والسؤال الوحید الذی یفرض نفسه ویطلب الإجابة، هو: إذا کان المراد جماعة المشرکین الذین نقضوا عهودهم، وقد جرى الکلام علیهم فی الآیات المتقدمة، فعلام تعبّر الآیة هنا عنهم بالقول: (وإن نکثوا أیمانهم ) مع أنّهم قد نکثوها فعلا.

والجواب: إنّ المراد من هذه الجملة ـ المذکورة آنفاً ـ أنّهم لو واصلوا نقضهم أو نکثهم للأیمان، ولم یثوبوا إلى رشدهم، فینبغی مقاتلتهم. ونظیر ذلک ما جاء فی قوله تعالى: (اهدنا الصراط المستقیم ) ومفهومها أنّنا نطلب من الله أن یوفقنا لأن نسیر على الصراط المستقیم وأن تستمّر هدایته إیانا.

والشاهد على هذا الکلام أنّ جملة (وإن نکثوا أیمانهم ) جاءت فی مقابل (فإن تابوا وأقاموا الصلاة ) أی لا یخلو الأمر من أحد وجهین، فإمّا أن یتوبوا ویعرضوا عن الشرک ویتجهوا نحو الله، وإمّا أن یستمرا على طریقهم ونکث أیمانهم. ففی الصورة الاُولى هم

إخوانکم فی الدین، وفی الصورة الثّانیة ینبغی مقاتلتهم.

2 ممّا یسترعی الإنتباه أنّ الآیات محل البحث لا تقول: قاتلوا الکفار، بل تقول: (فقاتلوا أئمّة الکفر ) وهی إشارة إلى أن (القاعدة الجماهیریة) وعامّة الناس تبع لزعمائهم ورؤسائهم، فینبغی أن یکون الهدف القضاء على رؤسائهم وأئمتهم، لأنّهم أساس الضلال والتضلیل والظلم والفساد، فاستأصلوا شجرة الکفر من جذورها وأحرقوها. فمواجهة الکفار لا تجدی نفعاً مادام أئمتهم فی الوجود، أضف إلى ذلک فإنّ هذا التعبیر یُعدّ ضرباً من ضروب النظرة البعیدة المدى وعلو الهمة وتشجیع المسلمین، إذ عدّ أئمّة الکفر فی مقابل المسلمین، فلیواجهوهم فذلک أجدر من مواجهة من دونهم من الکفّار.

والعجیب أنّ بعض المفسّرین یرى أنّ هذا التعبیر یعنی أبا سفیان وأمثاله من زعماء قریش، مع أنّ جماعة منهم قتلوا فی معرکة بدر، وأسلم الباقی منهم کأبی سفیان بعد فتح مکّة ـ بحسب الظاهر ـ وکانوا عند نزول الآیة فی صفوف المسلمین، فمقاتلتهم لا مفهوم لها.

والیوم ما یزال هذا الدستور القرآنی المهم باقیاً على قوته «ساری المفعول» فلکی نزیل الاستعمار والفساد والظلم، لابدّ من مواجهة رؤوساء الضلال وأئمّة المنحرفین، وإلاّ فلا جدوى من مواجهة من دونهم من الأفراد، فلاحظوا بدقّة.

3 إنّ التّعبیر بـ (إخوانکم فی الدین ) الوارد فی الآیات المتقدمة، من ألطف التعابیر التی یمکن أن یُعبَّر بها فی شأن المساواة بین أفراد المجتمع، وبیان أوثق العلائق العاطفیة، لأنّ أجلى العلائق العاطفیة وأقربها فی الناس التی تمثل المساواة الکاملة هی العلاقة ما بین الأخوین.

إلاّ أنّ من المؤسف أن الإنقسامات الطبقیة والنداءات القومیة سحقت هذه الأخوة الإسلامیة التی کان الأعداء یغبطوننا علیها، ووقف الإخوان فی مواجهة إخوانهم متراصین بشکل لا یُصدق، وقد یقاتل کلُّ منهما الآخر قتالا لا یقاتل العدوّ عدوه بمثل هذا القتال، وهذا واحد من أسرار تأخرنا فی عصرنا هذا.

4 یستفاد ـ إجمالا ـ من جملة «أتخشونهم» أنّه کان بین المسلمین جماعة یخافون من الإستجابة للأمر بالجهاد، إمّا لقوّة العدوّ وقدرته، أو لأنّهم کانوا یعدو نقض العهد ذنباً.

فالقرآن یخاطبهم بصراحة أن لا تخافوا من هؤلاء الضعاف، بل ینبغی أن تخافوا من عصیان أمر الله، ثمّ إن خشیتکم من نکث الإیمان ونقض العهد لیست فی محلها، فهم الذین نکثوا أیمانهم وهم بدأوکم أوّل مرّة!

5 یبدو أنّ جملة (همّوا بإخراج الرسول ) إشارة إلى مسألة عزمهم على إخراج الرسول (صلى الله علیه وآله) من مکّة (عند هجرته إلى المدینة) بادیء الأمر، إلاّ أن نیّاتهم تغیرت وتبدلت إلى الإقدام على قتله، إلاّ أنّ النّبی غادر مکّة فی تلک اللیلة بأمر الله.

وعلى کل حال، فإنّ ذکر هذا الموضوع لیس على سبیل أنّهم نقضوا عهدهم، بل هو بیان ذکرى مؤلمة من جنایات عبدة الأصنام، حیث اشترکت قریش والبقائل الاُخرى فی هذا الأمر. أمّا نقض العهد من قبل عبدة الأصنام المشرکین فکان واضحاً من طرق اُخرى.

6 ممّا یثیر الدهشة والتعجب أنّ بعض أتباع مذهب الجبر یستدل على مذهبه بالآیة (فاتلوهم یعذّبهم الله بأیدیکم ) مع أنّنا لو تجردنا عن التعصب لما وجدنا فی الآیة أدنى دلیل على مرادهم، وهذا یشبه تماماً ما لو أردنا أن ننجز  عملا ـ مثلا ـ فنمضی إلى بعض أصدقائنا ونقول له: نأمل أن یصلح الله هذا الأمر على یدک، فإنّ مفهوم کلامنا هذا لا یعنی بأنّک مجبور على أداء هذا الأمر، بل المراد أنّ الله منحک قدرةً ونیة طاهرة، وبالإفادة منهما استطعت أن تؤدّی عملک باختیارک وبحریة تامّة.

لِمَ تخشونَ مقاتلةَ العدوِّ؟! سورة التّوبة / الآیة 16
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma