الشدّة المقرونة بالرّفق:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 5
سورة التّوبة / الآیة 5 ـ 61ـ ما المراد من الأشهر الحرم؟

نقرأ فی الآیتین أعلاه بیان وظیفة المسلمین بعد انتهاء مدّة إمهال المشرکین «الأشهر الأربعة» وقد أصدر القرآن أوامره الصارمة فی هذا الصدد فقال: (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشرکین حیث وجدتموهم ) (1) .

ثمّ یقول: (وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم کلّ مرصد ) (2) .

ویلاحظ فی هذه الآیة أربعة أوامر صارمة صادرة فی شأن المشرکین «إیصاد الطرق بوجههم، محاصرتهم، أسرهم، ثمّ قتلهم». وظاهر النص أنّ الاُمور الأربعة لیست على نحو التخییر، بل ینبغی ملاحظة الظروف والمحیط والزمان والمکان والأشخاص، والعمل بما یناسب هذه الأمور، فلو کان فی الأسر والمحاصرة وإیصاد السبیل بوجه المشرکین الکفایة فبها، وإلاّ فلا محیص عن قتالهم.

وهذه الشدّة متناغمة ومتوائمة مع منهج الإسلام وخطته فی إزالة الوثنیة وقلعها من جذورها، وکما أشرنا إلى ذلک سلفاً، فإنّ حریة الإعتقاد «أی عدم إکراه أهل الأدیان الاُخرى على قبول الإسلام» تنحصر فی أهل الکتاب من الیهود والنصارى، ولا تشمل عبدة الأوثان، لأنّ الوثنیة لیست عقیدة صحیحة، ولا دیناً کی تُلحظ بعین الإحترام، بل هی تخلّف وخرافة وإنحراف وجهل، ولابدّ من استئصال جذورها بأی ثمن کان وکیف ما کان.

وهذه الشدّة والقوّة والصرامة لا تعنی سدّ الطریق، ـ طریق الرجوع نحو  التوبة ـ بوجههم، بل لهم أن یثوبوا إلى رشدهم ویعودوا إلى سبیل الحق، ولذلک فإنّ الآیة عقبت بالقول: (فإن تابوا وأقاموا الصّلاة وآتوا الزّکاة فخلّوا سَبیلَهُم ).

وفی هذه الحال، أی عند رجوعهم نحو الإسلام، لن یکون هناک فرق بینهم وبین سائر المسلمین، وسیکونون سواءً وإیاهم فی الحقوق والأحکام.

(إنّ الله غفور رحیم ). یتوب على عباده المنیبین إلیه.

وتستکمل الآیة التالیة هذا الموضوع بأمر آخر، کیما یتّضح بجلاء أن هدف الإسلام من هذا الأمر إنّما هو نشر التوحید والحق والعدالة، ولیس هو الاستثمار أو الاستعمار وإمتصاص المال، أو الإستیلاء على أراضی الآخرین، إذ تقول الآیة: (وإن أحد من المشرکین استجارک فأجره حتى یسمع کلام الله ).

أی علیک أن تعامل من یلجأ الیک من المشرکین برفق ولطف، وامنحه المجال للتفکیر حتى یتبیّن له محتوى دعوتک فی کمال الإرادة والحریة، فإذا أشرقت أنوار الهدایة فی قلوبهم فسیؤمنون بدعوتک.

ثمّ تضیف الآیة قائلة: (ثمّ أبلغه مأمنه ) وأوصله إلى مکان آمن حتى لا یعترضه أحد فی طریقه.

وأخیراً فإنّ الآیة تبین علة هذا الحکم، فتقول: (ذلک بأنّهم قوم لا یعلمون ).

فبناءً على ذلک لو فُتحت أبواب المعرفة بوجوهم، فإنّه یؤمّل خروجهم من الوثنیة التی هی ولیدة الجهل ـ وإلتحاقهم برکب التوحید الذی هو ولید العلم والمعرفة.

وقد ورد فی کتب السنّة والشیعة أنّ أحد المشرکین (عبدة الأصنام) سأل علیّ (علیه السلام)بعد إلغاء المعاهدة فقال: یابن أبی طالب، لو أراد أحد أن یواجه النّبی بعد هذه المدّة «الأشهر الأربعة» ویسأله أو یسمع کلام الله منه، أهو آمن؟!

فقال علی (علیه السلام): أجل، إنّ الله یقول: (وإن أحد من المشرکین استجارک فأجرهُ ) (3) .

وهکذا تتوازن وتتساوى کفتا الشدّة المستفادة من الآیة الاُولى ـ محل البحث ـ واللین المستفاد من الآیة التی تلیها، فإنّ سبیل التربیة قائم على الشدة المشفوعة باللین، لیکون منهما الدواء الناجع.


1. الفعل «انسلخ» مأخوذ من «الإنسلاخ» ومعناه الخروج، وأصله من «سلخ الشاة» أی إخراج الشاة من جلدها عند الذبح.
2. «المرصد» مأخوذ من «الرّصد» ویعنی الطریق أو الکمین.
3. تفسیر البرهان، ج 2، ص 106 وتفسیر الکبیر، ج 15، ص 226، ذیل الآیة مورد البحث.
سورة التّوبة / الآیة 5 ـ 61ـ ما المراد من الأشهر الحرم؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma