بحوث

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 5
أسرى الحرب: هل أن أخذ «الفداء» أمر منطقیٌّ عادل؟!

إنّ ظاهر الآیات ـ کما قلنا آنفاً ـ یعالج موضوع أخذ الأسرى فی الحرب لا أخذ «الفدیة» بعدها، وبذلک ینحل کثیر من الإشکالات التی أثارها جماعة من المفسّرون بشأن مفهوم الآیة.

کما أنّ اللوم والتعنیف یختص بجماعة إنشغلت ـ قبل أن یتمّ النصر النهائی ـ بأسر العدو لأهداف دنیویة، ولا علاقة لها بشخص النّبی وأصحابه المؤمنین الذین کان هدفهم الجهاد فی سبیل الله.

وبذلک تنتفی جمیع البحوث التی أوردوها، کالقول بأنّ النّبی (صلى الله علیه وآله) قد إرتکب ذنباً! وکیف ینسجم هذا العمل وعصمته (صلى الله علیه وآله)؟ فهذا الأمر غیر صحیح.

کما یثبت بطلان الأحادیث المختلفة التی نقلتها بعض مصادر أهل السنّة وکذبها فی تفسیر هذه الآیة، والتی تزعم أنّ الآیة (1) نزلت فی شأن أخذ النّبی وبعض المسلمین الفدیة مقابل أسرى الحرب بعد معرکة بدر، وقبل أن یأذن الله بذلک. وأنّ الذی خالف هذا الأمر وطالب بقتل الأسرى هو عمر فحسب ـ أو سعد بن معاذ ـ وأنّ النّبی (صلى الله علیه وآله) قال فی حق عمر: لو نزل العذاب علینا لما نجا منه إلاّ عمر ـ أو سعد بن معاذ ـ .

فإنّ جمیع ذلک عار من الصحة ولا أساس له، وإنّ تلک الرّوایات بعیدة کل البعد عن تفسیر الآیة، وخاصّة أنّ أمارات الوضع ظاهرة على هذه الأحادیث تماماً.

2 إنّ الآیات محل البحث لا تخالف أخذ الفداء وإطلاق سراح الأسرى إذا اقتضت مصلحة المجتمع الإسلامی ذلک، بل تقول هذه الآیات: إنّه لا ینبغی على المجاهدین أن یکون همهم الأسر من أجل الفداء، فبناءً على ذلک فهی تنسجم وتتفق والآیة 4 من سورة محمّد (صلى الله علیه وآله) من جمیع الوجوه، إذ تقول تلک الآیة (فإذا لقیتم الذین کفروا فضرب الرّقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدّوا الوثاق فإمّا منّاً بعد وإمّا فداءً ).

إلاّ أنّه یجب الإلتفات إلى مسألة مهمّة هنا، وهی: إذا کان بین الأسرى من یثیر إطلاق سراحهم فتنة نشوب نار الحرب، ویُعرض إنتصار المسلمین للخطر، فیحق للمسلمین أن یقتلوا مثل هؤلاء الأشخاص، ودلیل هذا الموضوع کامن فی الآیة محل البحث ذاتها، بقرینة «یثخن» والتعبیر فی الآیة 4 من سورة محمّد (صلى الله علیه وآله) بـ (أثخنتموهم ).

ولهذا فقد جاء فی بعض الرّوایات الإسلامیّة أنّ النّبی (صلى الله علیه وآله) أمر بقتل اثنین من أسرى معرکة بدر، وهما «عقبة بن أبی معیط» و«النضر بن الحارث» ولم یرض بأن یفتدیا أنفسهما أبد (2) .

3 وفی الآیات محل البحث تأکید على موضوع حریة إرادة الإنسان مرّة اُخرى، ونفی مذهب الجبر، لأنّها تقول: إنّ الله یرید لکم الآخرة، ولکن بعضکم أغرته المنافع المادیّة العابرة ورکن إلیها.

وفی الآیة التالیة إشارة إلى حکم آخر من أحکام أسرى الحرب، وهو حکم أخذ الفداء.

وقد جاء فی بعض الرّوایات (3) الواردة فی شأن نزول هذه الآیات أنّه بعد إنتهاء معرکة بدر وأخذ الأسرى، وبعدما أمر النّبی أن تضرب عنقا الأسیرین الخطرین «عقبة بن أبی معیط» و«النضر بن الحارث» خافت الأنصار أن ینفذ هذا الحکم فی بقیة الأسرى فُیحرموا من أخذ الفداء، فقالوا: یا رسول الله إنّا قتلنا سبعین رجلا وأسرنا سبعین، وکلّهم من قبیلتک فهب لنا هؤلاء الأسرى لنأخذ الفداء منهم. وکان النّبی یترقب نزول الوحی، فنزلت هذه الآیات فأجازت أخذ الفداء فی قبال إطلاق سراح الأسرى.

وروی أنّ أکثر ما عُیّن فداءً على الأسرى من المال هو أربعة آلاف درهم، وأقلّه ألف درهم، فلمّا سمعت قریش أرسلت فداء الواحد تلو الآخر حتى حررت أسراها.

والعجیب أن صهر النّبی على إبنته زینب «أبا العاص» کان من بین أسرى معرکة بدر، فأرسلت زوجته زینب قلادتها التی أهدتها اُمّها خدیجة (علیها السلام) إلیها فی زفافها، لتفتدی بها زوجها، فلمّا وقعت عینا النّبی على تلک القلادة وتذکر تضحیة خدیجة وجهادها، وتجسّدت مواقفها أمام عینیه، قال (صلى الله علیه وآله): «رحم الله خدیجة، فهذه قلادة جعلتها خدیجة فی جهاز بنتی زینب».

ووفقاً لبعض الرّوایات فإنّه امتنع عن قبول القلادة احتراماً لخدیجة وإکراماً، واستجاز المسلمین فی إرجاع القلادة، فأذنوا له أن یرجع القلادة إلى زینب، ثمّ أطلق (4) النّبی (صلى الله علیه وآله)سراح أبی العاص، شریطة أن یرسل ابنته زینب ـ التی کانت قد تزوجت من أبی العاص قبل الإسلام ـ إلى المدینة، فوافق أبو العاص على هذا الشرط ووفى به بعدئذ (5) .

وعلى أیة حال، فإنّ الآیة محل البحث أجازت للمسلمین التصرف فی غنائم المعرکة، والمبلغ الذی یأخذونه فداءً من الأسیر، فقالت: (فکلوا ممّا غنمتم حلالا طیباً ).

ویمکن أن تکون هذه الجملة ذات معنى واسع یشمل حتى الغنائم الاُخرى غیر الفداء.

ثمّ تأمرهم الآیة بالتقوى فتقول: (واتقوا الله ). وهذا إشارة إلى أنّ جواز أخذ مثل هذه الغنائم لا ینبغی أن یجعل هدف المجاهدین فی المعرکة هو جمع الغنائم وأن یأسروا العدوّ حتى یأخذوا فداءه، وإذا کان فی القلوب مثل هذه النیّات السیئة فعلیهم أن یطهروا قلوبهم منها، ویعدهم الله بالعفو عمّا مضى فتقول الآیة: (إنّ الله غفور رحیم ).


1. تفسیر المنار، ج 10، ص 90; تفسیر روح المعانی، ج 10، ص 32; والتفسیر الکبیر، ج 15، ص 198.
2. تفسیر نورالثقلین، ج 2، ص 135.
3. تفسیر نورالثقلین، ج 2، ص 136.
4. ورد فی الکامل لابن الأثیر، ج 2، ص 134 أنّه «فلمّا رآها رسول الله (صلى الله علیه وآله) رقّ لها رقة شدیدة وقال: «إن رأیتم أن تطلقوا لها أسیرها؟ وتردوا علیها الذی لها فافعلوا»، فأطلقوا لها أسیرها وردوا القلادة.
5. تفسیر المیزان، ج 9، ص 139.
أسرى الحرب: هل أن أخذ «الفداء» أمر منطقیٌّ عادل؟!
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma