لیس المراد فی هذه الآیة الأقرباء کلّهم ولا أقرباء النّبی (صلى الله علیه وآله) جمیعاً، بل هم الأئمّة من أهل البیت (علیهم السلام)، والدلیل على هذا الأمر هو الرّوایات المتواترة التی وردت عن النّبی (صلى الله علیه وآله) عن طرق أهل البیت (1) ، وتوجد أدلة اُخرى على ذلک فی کتب أهل السنّة.

فبناءً على ذلک فإنّ من یرى أنّ سهماً من الخمس یتعلق بکل أقرباء النّبی (صلى الله علیه وآله) یواجه هذا السؤال وهو: ما هذا الإمتیاز الذی أولاه الإسلام لأقرباء النّبی (صلى الله علیه وآله) وقومه، مع أنّ الإسلام بعید عن القبلیة والقومیة والعرقیة؟!

لکنّنا إذا خصصنا «ذی القربى» بالأئمّة من أهل البیت (علیهم السلام) مع ملاحظة أنّهم خلفاء النّبی (صلى الله علیه وآله) وقادة الحکومة الإسلامیة، یتّضح السبب فی إعطائهم هذا السهم من الخمس.

وبعبارة اُخرى: إنّ السهام الثّلاثة «سهم الله وسهم النّبی وسهم ذی القربی» ترجع جمیعها إلى قائد الحکومة الإسلامیة، فیصرف منها فی شؤون حیاته البسیطة، وینفق الباقى منها فی ما یوجبه مقام القیادة، أی إنّه یصرفها فی الحقیقة فی حاجات الناس والمجتمع!.

وبما أنّ بعض المفسّرین من أهل السنّة «کصاحب المنار» یرى أنّ ذا القربى هو جمیع الأقارب، فقد تخبط فی الإجابة على السؤال آنف الذکر وظلَّ فی حیرة من أمره، حتى جعل النّبی (صلى الله علیه وآله) أشبه بالملوک والسلاطین، فأوجب علیه أن یجذب قومه وقبیلته الیه بالأموال التی عنده!

ومن الواضح بطلان هذا المنطق، إذ یتنافی ومنطق الحکومة العالمیة الإنسانیة التی لا تعترف بالإمتیازات القبلیّة «وسیأتی إیضاح هذا الموضوع بصورة أکثر فی البحوث المقبلة، إن شاء اللّه».

1. وسائل الشیعة، ج 6، باب الخمس; اصول الکافی، ج 1، ص 294، 414.