هل قاتلت الملائکة؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 5
دروس مفیدة من ساحة المعرکة: سورة الأنفال / الآیة 15 ـ 18

لقد جرى البحث فی هذه المسألة کثیراً بین المفسّرین، فبعضهم یرى أنّ الملائکة دخلت ساحة القتال وهاجمت الأعداء بأسلحتها الخاصّة، وقتلت بعضهم. ونقلت بعض الرّوایات فی تأیید ذلک.

إلاّ أنّ القرائن تؤید الرأی الذی یقول: إنّ الملائکة نزلت لتقویة قلوب المؤمنین یزداد عزمهم، وهذا الرأی أقرب إلى الواقع لعدّة أدلة:

أوّلا: لقد قرأنا فی الآیة قوله تعالى: (ولتطمئنّ قلوبکم ). فإذا ما علم المسلمون بهذا المدد فإنّهم یقاتلون بصورة أفضل، لا أنّ الملائکة شارکت فی الحرب.

ثانیاً: إذا کانت الملائکة هی التی قتلت جنود الأعداء، فأیّة فضیلة للمجاهدین فی معرکة بدر وما ورد عن مقامهم ومنزلتهم من روایات کثیرة؟

ثالثاً: کان عدد المقتولین فی بدر هو (70 نفراً) وقد کان الکثیر منهم قد سقط بسیف علی (علیه السلام)، والقسم الآخر بید المقاتلین الآخرین، وهؤلاء معروفون بأسمائهم فی التاریخ، فبناءً على ذلک ـ من الذی ـ بقی لتقتله الملائکة؟!

ثمّ تذکر الآیة النعمة الثّانیة التی اکتنفت المؤمنین فتقول: (إذ یغشّیکم النّعاس أمنةً منه ).

و (یغشى) من مادة (الغشیان) بمعنى تغطیة الشیء وإحاطته. فکأنّ النوم کالغطاء الذی وُضعَ علیهم فغطّاهم.

و(النعاس) یطلق على بدایة النوم، أو النوم القلیل أو الخفیف الناعم ولعلها إشارة إلى أنّه بالرغم من هدوئکم النفسی لم یأتکم نوم عمیق یمکّن الأعداء من استغلاله والهجوم علیکم. وهکذا استفاد المسلمون من هذه النعمة العظیمة فی تلک اللیلة.

والرحمة الثّالثة التی وصلتکم هی: (وینزّل علیکم من السماء ماء لیطهّرکم به ویذهب عنکم رجز الشّیطان ).

وهذا الرّجز قد یکون وساوس الشیطان، أو رجزاً بدنیاً کجنابة بعضهم، أو الأمرین معاً، وعلى أیة حال، فإنّ الماء ملأ الودیان من أطراف بدر بعد أن استولى الأعداء على آبار بدر وکان المسلمون بحاجة ماسة للغسل ورفع العطش، فاذا بهذا الماء قد ذهب بکل تلک الأرجاس.

ثمّ إنّ الله تعالى أراد بذلک تقویة معنویات المسلمین وکذلک تثبیت الرمال المتحرکة تحت أقدامهم بواسط المطر: (ولیربط على قلوبکم ویثبّت به الأقدام )... ویمکن أن یکون المراد من تثبیت الأقدام هو رفع المعنویات وزیادة الثبات والإستقامة ببرکة تلک النعمة، أو إشارة إلى هذین الأمرین.

والنعمة الاُخرى التی أنعمها الله على المجاهدین فی بدر، هی الرعب الذی أصاب به الله قلوب أعدائهم، فزلزل معنویاتهم بشدّة، فیقول تعالى (إذ یوحی ربّک إلى الملائکة أنّی معکم فثبّتوا الذین آمنوا ).

(سألقی فی قلوب الذین کفروا الرّعب ).

وإنّه لمن العجب والغرابة أن ینهار جیش قریش القوی أمام جیش المسلمین القلیل، وأن تذهب معنویاتهم ـ کما ینقل التاریخ ـ بصورة یخاف معها الکثیر منهم من منازلة المسلمین، وحتى أنّهم کانوا یفکرون بأنّ المسلمین لیسوا أشخاصاً مألوفین، وکانوا یقولون بأنّ المسلمین قد جاؤوکم من قرب یثرب (المدینة) بهدایا یحملونها على إبلهم هی الموت.

ولا شک أنّ هذا الرعب الذی أصاب قلوب المشرکین، والذی کان من عوامل النصر، لم یکن جزافاً، فلقد أثبت المسلمون شجاعتهم وأقاموا صلاة الجماعة، وکانت شعارتهم قویة،

فإظهار المؤمنین الصادقین وفاءهم وخطبة بعضهم مثل سعد بن معاذ نیابة عن الأنصار أمام النّبی (صلى الله علیه وآله) قائلا: «بأبی أنت وأمّی، یا رسول الله (صلى الله علیه وآله) إنّنا قد آمنا بک وصدقناک وشهدنا أنّ ما جئت به حق من عندالله فمرنا بما شئت وخذ من أموالنا ما شئت، واترک منه ما شئت والذی أخذت منه أحبّ الیّ من الذی ترکت منه، والله لو أمرتنا أن نخوض هذا البحر لنخضناه معک... إنّنا لنرجوا أن یقرّ الله عزّوجلّ عینیک بنا...».

مثل هذا الحدیث سرعان ما انتشر بین الأعداء والأصدقاء، أضف إلى ذلک ما رآه المشرکون من ثبات راسخ عند المسلمین یوم کانوا فی مکّة رجالا ونساءً.

اجتمعت کل هذه الاُمور لترسم صورة الخوف عند المشرکین.

ثمّ الریح العاتیة التی کانت تهب على المشرکین والمطر الشدید علیهم والخواطر المخفیة لرؤیا (عاتکة) فی مکّة، وغیرها من العوامل التی کانت تبعث فیهم الخوف والهلع الشدید.

ثمّ إنّ القرآن یذکّر المسلمین بالأمر الذی أصدره النّبی (صلى الله علیه وآله) للمسلمین بأنّ علیهم اجتناب الضرب غیر المؤثر فی المشرکین حال القتال لئلا تضیع قوتهم فیه، بل علیهم توجیه ضربات مؤثرة وقاطعة (فأضربوا فوق الأعناق وأضربوا منهم کلّ بنان ).

و(البنان) جمع (البنانة) بمعنى رؤوس أصابع الأیدی أو الأرجل، أو الأصابع نفسها، وفی هذه الآیة یمکن أن تکون کنایة عن الأیدی والأرجل أو بالمعنى الأصلی نفسه، فإنّ قطع الأصابع من الأیدی یمنع من حمل السلاح، وقطعها من الأرجل یمنع الحرکة، ویحتمل أن یکون المعنى هو إذا کان العدو مترجلا، فیجب أن تکون الأهداف رؤوسهم، وإذ کان راکباً فالأهداف أیدیهم وأرجلهم.

کما أنّ بعضاً یرى أنّ هذه الجملة هی خطاب للملائکة، إلاّ أنّ القرائن تدل على أنّ المخاطبین هم المسلمون، وإذا کان الملائکة هم المخاطبین فیها فیمکن أن یکون الهدف من الضرب على الرؤوس والأیدی والأرجل، هو إیجاد الرعب فیهم لترتبک أیدیهم وأرجلهم فتسقط وتنحنی رؤوسهم. (وبالطبع فإنّ هذا التّفسیر یخالف الظاهر من العبارة، ویجب إثباته بالقرائن وقد تحدثنا سابقاً فی مسألة عدم قتال الملائکة).

وبعد کل تلک الأحادیث، ولکیلا یقول شخص بأنّ هذه الأوامر الصادقة تخالف الرحمة والشفقة وأخلاق الرجولة، فإنّ الآیة تقول: (ذلک بأنّهم شاقّوا الله ورسوله ).

و(شاقوا) من مادة (الشقاق) وهی فی الأصل بمعنى الإنفطار والإنفصال، وبما أنّ المخالف أو

العدو ویبتعد عن الآخرین فقد سمی عمله شقاقاً: (ومن یشاقق الله ورسوله فإنّ الله شدید العقاب ).

ثمّ یؤکّد هذا الموضوع ویقول: ذوقوا العذاب الدنیوی من القتل فی میدان الحرب والأسر والهزیمة السافرة، وعلاوة على ذلک انتظروا عذاب الآخرة أیضاً: (ذلکم فذوقوه وأنّ للکافرین عذاب النّار ).

دروس مفیدة من ساحة المعرکة: سورة الأنفال / الآیة 15 ـ 18
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma