خمس صفات خاصّة بالمؤمنین:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 5
سورة الأنفال / الآیة 2 ـ 4 سورة الأنفال / الآیة 5 ـ 6

کان الکلام فی الآیة السابقة عن تقوى الله وطاعته وطاعة رسوله بعد المشاجرة اللفظیة بین بعض المسلمین فی شأن الغنائم.

وإکمالا لهذا الموضوع فالآیات ـ محل البحث ـ تذکر صفات المؤمنین بحق فی عبارات موجزة غزیرة المعنى.

فیشیر الذکر الحکیم فی هذه الآیات إلى خمس صفات بارزة فی المؤمنین: ثلاث منها ذات جانب معنوی وروحانی وباطنی، واثنتین منها لها جانب عملی وخارجی...

فالثلاث الاُولى عبارة عن «الإحساس بالمسؤولیة» و«الإیمان» و«التوکل».

والإثنتان الاُخریان هما «الإرتباط بالله» و«الإرتباط بخلق الله سبحانه».

فتقول الآیات أوّلا: (إنّما المؤمنون الذین إذا ذکر الله وجلت قلوبهم ).

و«الوجل» حالة الخوف التی تنتاب الإنسان، وهو ناشیءٌ عن أحد أمرین: فقد ینشأ عند إدراک المسؤولیة واحتمال عدم القیام بالوظائف اللازمة التی ینبغی على الإنسان أداؤها بأکمل وجه امتثالا لأمر الله تعالى.

وقد ینشأ عند إدراک عظمة مقام الله، والتوجه إلى وجوده المطلق الذی لا نهایة له، ومهابته التی لا حدّ لها.

وتوضیح ذلک: قد یتفق للإنسان أن یمضی لرؤیة شخص عظیم هو ـ بحق ـ جدیر بالعظمة من جمیع الجوانب، فالإنسان الذی یمضی لرؤیته قد یقع تحت تأثیر ذلک المقام وتلک العظمة، بحیث یحس بنوع من الرهبة فی داخله ویضطرب قلبه حتى أنّه لو أراد الکلام لتعلثم، وقد ینسى ما أراد أن یقوله، حتى لو کان ذلک الشخص یحب هذا الإنسان ویحب الآخرین جمیعاً ولم یصدر عنه ما یدعو إلى القلق.

فهذا الخوف والإضطراب أو المهابة مصدرها عظمة ذلک الشخص، یقول القرآن الکریم فی هذا الصدد: (لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأیته خاشعاً متصدّعاً من خشیة الله ) (1) .

کما نقرأ فی آیة اُخرى من قوله تعالى: (إنّما یخشى الله من عباده العلماء ) (2) .

وهکذا فإن العلاقة قائمة بین العلم والخوف أیضاً، وبناءً على ذلک فمن الخطأ أن نعدّ أساس الخوف والخشیة عدم أداء الوظائف المطلوبة فحسب.

ثمّ تبیّن الآیة الصفة الثّانیة للمؤمنین فتقول: (وإذا تلیت علیهم آیاته زادتهم إیماناً ).

إنّ النمو والتکامل من خصائص جمیع الموجودات الحیة، فالموجود الفاقد للنمو والتکامل إمّا أن یکون میتاً أو فی طریقه إلى الموت. والمؤمنون حقّاً لهم إیمان حیّ ینمو غرسه یوماً بعد یوم بسقیه من آیات الله، وتتفتح أزهاره وبراعمه، ویؤتی ثماره أکثر فأکثر، فهم لیسوا کالموتى من الجمود وعدم التحرک، ففی کل یوم جدید یکون لهم فکر جدید وتکون صفاتهم مشرقة جدیدة...

والصفة الثالثة لهؤلاء المؤمنین هی أنّهم یتّکلون على اللّه فقط (و على ربّهم یتوکلون )فهم یعیشون سعة الافق وسلامة التفکیر بحیث یرون ضعف جمیع المخلوقات مهما کانت فی الظاهر قویة ومقتدرة ولذلک یرفضون الخضوع والاعتماد على أی موجود غیر اللّه تعالى، فمنه یقتبسون قوتهم ومنه یطلبون حاجاتهم.

و لا ینبغی الوقوع فی المفهوم الخاطی للتوکل حیث تصوّر البعض أنّ التوکل یعنی عدم الأخذ بقانون العلیة والابتعاد معن السعی والعمل، والصحیح أنّ مفهومه الحقیقی هو عدم التعلقق والاعتماد بالقوى الظاهریة والاّ فان الاستفادة من عالم الاسباب المسببات فی الطبیعة هو عین التوکل لأنّ کل تّثیر لهذه الاسباب فی الواقع الخارجی إنّما یحصل باذن اللّه ومشیئته.

و بعد أن ذکرت الآیات الصفات الروحانیة للمؤمنین الحقیقین تقول: (الذین یقیمون الصلاة وممّا رزقناهم ینفقون ).

فهؤلاء ینطلقون من الشعور بالمسؤولیة وادراک عمة الحقیقة الإلهیّة وإیمانهم العمیق وتکلهم التام للتقویة إرتباطهم بالخالق جلّ وعلا من موقع العمل والممارسة أیضاً، تجلى إرتباطهم العملی بالله تعالى باقامة الصلاة وإیتان الزکاة.

التعبیر بـ (یقیمون الصلاة ) لیس إشارة الى ممارستهم الدائمة للصلاة فحسب، بل إنّهم یتحرکون فی هذا الاتجاه اتقویة دعائهم الصلاة فی المجتمع وفی کل مکان. وعبارة (وممّا رزقناهم ) تتضمن معنى واسعاً یستوعب المواهب المادیة والمعنویة کافة، فهم ینفقون من جمیع مارزقهم اللّه تعالى من المال والعلم والجاه والمکانة الاجتماعیة وأمثال ذلک.

و تتحرک «آخر آیة» من الآیات مورد البحث لبیان مقام هؤلاء ومکانتهم عند اللّه تعالى وما ینتظرهم من الثواب العظیم، فتقول فی البدایة: (اولئک هم المؤمنون حقّاً ).

ثم تذکر الآیة ثلاثة أنواع من الثواب لهؤلاء: (لهم درجات عند ربهم ).

وهذه الدّرجات مبهمة لم یعین مقدارها ومیزانها، وهذا الإبهام یشیر إلى أنّها درجات کریمة عالیة.

وللمؤمنین إضافة لدرجاتهم رحمة من الله (ومغفرة ورزق کریم ).

والحق أنّنا ـ نحن المسلمین ـ الذین ندّعی الإسلام وقد نرى أنفسنا اُولی فضل على الإسلام والقرآن، نتهم القرآن والإسلام جهلا بأنّهما سبب التأخر والإنحطاط، وتُرى لو أنّنا طبقنا فقط مضامین هذه الآیات محل البحث على أنفسنا والتی تمثل صفات المؤمنین بحق، ولم نتکل على هذا وذاک، وأن نطوی کل یوم مرحلة جدیدة من الإیمان والمعرفة، وأن نحس دائماً بالمسؤولیة لتقویة علاقتنا بالله وبعباده فننفق ما رزقنا الله فی سبیل تقدم المجتمع، أنکون بمثل ما نحن علیه الیوم؟!

وینبغی ذکر هذا الموضوع أیضاً، وهو أنّ الإیمان ذو مراحل ودرجات، فقد یکون ضعیفاً فی بعض مراحله حتى أنّه لا یبدو منه أی شیء عملی مؤثر، أو یکون ملوّثاً بکثیر من السیّئات. إلاّ أنّ الإیمان المتین الراسخ من المحال أن یکون غیر بناءً أو غیر مؤثر ومایراه البعض من أنّ العمل لیس جزءاً من الإیمان، فلإقتصارهم على أدنى مراحل الإیمان.


1. الحشر، 21.
2. فاطر، 28.
سورة الأنفال / الآیة 2 ـ 4 سورة الأنفال / الآیة 5 ـ 6
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma