کیف خاطب الشیطان اللّه تعالى؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 4
قیاس منصوص العلة: إبلیس أوّل القائلین بالجبر:

بقی هنا سؤال وهو: کیف کان یتحدّث الشیطان مع الله، فهل کان ینزل علیه الوحی؟

الجواب هو: أنّ کلام الله لا یکون بالوحی دائماً، فالوحی عبارة عن رسالة النبوّة، فلا مانع من أن یکلّم الله أحداً لا بعنوان الوحی والرسالة، بل عن طریق الباطنی أو بواسطة بعض الملائکة، سواء کان من یحادثه الله من الصالحین الأبرار مثل مریم واُمّ موسى، أو من غیر الصالحین مثل الشیطان!

ولنعد الآن إلى تفسیر بقیة الآیات:

حیث إنّ امتناع الشیطان من السجود لآدم (علیه السلام) لم یکن امتناعاً بسیطاً وعادیاً ولم یکن معصیة عادّیة، بل کان تمرّداً مقروناً بالاعتراض والإنکار للمقام الربوبی، لأنّه قال: أنا أفضل منه، وهذه الجملة تعنی فی حقیقة الأمر أنّ أمرک بالسجود لآدم أمرٌ مخالفٌ للحکمة والعدالة وموجب لتقدیم «المرجوح» على «الراجح» لهذا فإنّ مخالفته کانت تعنی الکفر وإنکار العلم والحکمة الإلهیین، فوجب أن یخسر جمیع مراتبه ودرجاته، وبالتالی کلّ ما له من مکانة عند الله، ولهذا أخرجه الله من ذلک المقام الکریم، وجرّده من تلک المنزلة السامقة التی کان یتمتع بها فی صفوف الملائکة، فقال له: (قال فاهبط منها ).

وقد ذَهَبَ جمعٌ من المفسّرین فی ضمیر «منها» إلى إرجاعه إلى «السماء» أو «الجنّة» وذَهَبَ آخرون إلى إرجاعه إلى «المنزلة والدرجة»، وهما لا یختلفان کثیراً من حیث النتیجة.

ثمّ إنّه تعالى شرح له منشأ هذا السقوط والتنزّل بالعبارة التّالیة: (فما یکونُ لَکَ أن تتکبّر فیها ).

وأضاف للتأکید قائلا: (فاخرج إنّک من الصّاغرین ) یعنی إنّک بعملک وموقفک هذا لم تصبح کبیراً، بل على العکس من ذلک أصبتَ بالصغار والذلة.

إنّ هذه الجملة توضّح بجلاء أنّ شقاء الشیطان کلّه کان ولیدَ تکبّره، وإنّ أنانیته هذه هی التی جعلته یرى نفسه أفضلَ ممّا هو، وهی التی تسببت فی أن لا یکتفی بعدم السجود لأدم، بل وینکر علم الله وحکمته، ویعترض على أمر الله، وینتقده، فخسر على أثر ذلک منزلته ومکانته، ولم یحصد من موقفه إلاّ الذلة والصغار بدل العظمة وهذه یعنی أنّه لم یصل إلى هدفه فحسب، بل بات على العکس من ذلک.

ونحن نقرأ فی نهج البلاغة «الخطبة القاصعة» فی کلام أمیرالمؤمنین (علیه السلام) عند ذمّه للتکبّر والعجب مایلی: «فاعتبروا بما فعل الله بإبلیس إذ أحبط عمله الطویل، وجهده الجهید، وکان قد عبد الله ستة آلاف سنة... عن کبر ساعة واحدة، فمن ذا بعد إبلیس یسلَم على الله بمثل معصیته؟ کلاّ، ما کان الله سبحانه لیدخل الجنّة بشراً بأمر أخرج به منها مَلَکاً، إنّ حکمه فی أهل السماء وأهل الأرض لواحد» (1).

وقد جاء أیضاً عن الإمام علی بن الحسین (علیه السلام) أنّه قال: «إنّ للمعاصی شعباً، فأوّل ما عصی الله به الکبر، وهی معصیة إبلیس حین أبى واستکبر وکان من الکافرین، والحرص وهی معصیة آدم وحواء... ثمّ الحسد وهی معصیة ابن آدم حیث حسد أخاه فقتله» (2).

وکذا نقل عن الإمام الصادق (علیه السلام) أنّه قال: «اُصول الکفر ثلاثة: الحرص والاستکبار والحسد، فأمّا الحرص فإنّ آدم حین نهی عن الشجرة حمله الحرص على أن أکل منها، وأمّا الاستکبار فإبلیس حیث اُمِر بالسجود لآدم فأبى، وأمّا الحسد فإبنا آدم حیث قتل أحدهما صاحبه» (3).

ولکن قصّة الشیطان لم تنته إلى هذا الحدّ، فهو عندما عرف بأنّه صار مطروداً من حضرة ذی الجلال زاد من طغیانه ولجاجته، وبدل أن یتوب ویثوب إلى الله ویعترف بخطئه فإنّ الشیء الوحید الذی طلبه من الله تعالى هو أن یمهله ویؤجّل موته إلى یوم القیامة: (قال أنظرنی إلى یوم یُبعثون )

.

 

ولقد استجاب الله لهذا الطلب، ف (قال إنّک من المنظَرین ).

إنّ هذه الآیات وان لم تصرّح بالمقدار الذی استجیب من طلب الشیطان من حیث الزمن، إلاّ أنّنا نقرأ فی الآیة 37 و38 من سورة الحجر أنّه تعالى قال له: (إنّک من المنظرین * إلى یوم الوقت المعلوم ) وهذا یعنی أنّ مطلب الشیطان لم یستجب له بتمامه وکماله، بل استجیب إلى الوقت الذی یعلمه الله تعالى (وسوف نبحث عند تفسیر الآیة 38 من سورة الحجر حول معنى قوله (إلى یوم الوقت المعلوم ) إن شاء الله).

غیر أنّ الشیطان لم یبغ من مطلبه هذا (أی الإمهال الطویل) الحصول على فرصة لجبران مافات منه أو لیعمّر طویلا، إنّما کان هدَفه من ذلک هو إغواء بنی البشر (قال فبما أغویتنی لأقعدنّ لهم صراطک المستقیم ) أی لأغوینّهم کما غویتُ، ولاُضِلنّهم کما ضللتُ.


1. إطلاق «المَلَک» على الشیطان إنّما هو لأجل أنّه کان له مکان فی صفوف الملائکة، وکان ردیفاً لهم لا أنّه کان منهم ومن جنسهم کما قلنا سابقاً.
2. سفینة البحار، مادة (کبر).
3. أصول الکافی، ج 2، ص 219، باب اُصول الکفر.
قیاس منصوص العلة: إبلیس أوّل القائلین بالجبر:
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma