التّفسیر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الامثل 3
سورة المائدة / الآیة 109 سورة المائدة / الآیة 110

هذه الآیة، فی الحقیقة، تکملة للآیات السابقة، ففی ذیل تلک الآیات الخاصّة بالشهادة الحقّة والشهادة الباطلة، کان الأمر بالتقوى والخشیة من عصیان أمرالله، وفی هذه الآیة تذکیر بذلک الیوم الذی یجمع الله الرسل فیه ویسألهم عن رسالتهم ومهمّتهم وعمّا قاله الناس ردّاً على دعواتهم (یوم یجمع الله الرسل فیقول ماذا أجبتم ).

لقد نفوا عن أنفسهم العلم، وأوکلوا جمیع الحقائق إلى علم الله و (قالوا لا علم لنا إنّک أنت علاّم الغیوب ) وعلیه فإنّکم أمام علاّم الغیوب وأمام محکمة هذا شأنها، فاحذروا أن تنحرف شهادتکم عن الحقّ والعدل (1).

هنا یبرز سؤالان: الأوّل: إنّ ما یستفاد من الآیات القرآنیة أنّ الأنبیاء شهداء على أممهم، بینما نجدهم فی هذه الآیة ینکرون کل علم ویوکلون کل شیء إلى الله.

ولکن لیس فی هذا اختلاف ولا تضاد، بل هو یحکی عن مرحلتین، فی المرحلة الاُولى - وهی التی تشیر إلیها الآیة التی نحن بصددها - یُظهر الأنبیاء الأدب بازاء سؤال الله، فینفون العلم عن أنفسهم، ویوکلون کلّ شیء إلى علم الله، ولکنّهم فی المراحل التّالیة یبیّنون ما یعرفونه عن أممهم ویشهدون، وهذا یکاد یشبه المعلّم الذی یطلب من تلمیذه أن یجیب على سؤال فیظهر التلمیذ التأدب أوّل الأمر ویقول: أنّ علمه لا شیء بالنسبة لعلم المعلّم، ثمّ بعد ذلک یدلی بما یعرف.

والسؤال الآخر: کیف ینفی الأنبیاء العلم عن أنفسهم مع أنّهم إضافة إلى العلوم العادیة یعلمون الکثیر من الحقائق الخفیّة التی علّمها الله لهم.

رغم أنّ للمفسّرین کلاماً کثیراً فی جواب هذا السؤال، نرى أنّ الموضوع واضح وهو أنّ الأنبیاء یرون علمهم لا شیء بالنسبة لعلم الله، والحقّ کذلک، فوجودنا لا شیء بالنسبة لوجود الله الأبدی وعلمنا لا وزن له بازاء علم الله، فمهما یکن «الممکن» فإنّه لا یکون شیئاً بازاء «الواجب»، وبعبارة اُخرى: إنّ علم الأنبیاء، وإن کان فی حدّ ذاته غزیراً، لکنّه لا شیء بالقیاس إلى علم الله.

فی الحقیقة، العالم الحقیقی هو الذی یکون حاضراً وناظراً فی کلّ مکان وزمان، وعارفاً بترکیب کلّ ذرّة من ذرّات العالم، وبکلّ أجزاء هذا العالم المترابط فی وحدة واحدة، وهذه صفة تختص بالله سبحانه.

یتّضح ممّا قلناه أنّ هذه الآیة لیست دلیلا على نفی کلّ علم بالغیب عن الأنبیاء والأئمّة کما زعم بعضهم، وذلک لأنّ «علم الغیب» بالذات یختص بمن یکون حاضراً فی کلّ مکان وزمان، وأمّا غیره تعالى فإنّه لا علم له بالغیب سوى ما یعلّمه الله.

وهذا مأخوذ من آیات عدیدة فی القرآن، منها الآیة 26 و27 من سورة الجن: (عالم الغیب فلا یظهر على غیبه أحداً * إلاّ من ارتضى من رسول ) والآیة 49 من سورة هود: (تلک من أنباء الغیب نوحیها إلیک ).

یستفاد من هذه الآیات وأمثالها أنّ علم الغیب مختص بذات الله، ولکنّه یُعلِّمه لمن یشاء وبالقدر الذی یشاء.


1. یتّضح من هذا أنّ ( یوم... ) مفعول به لفعل محذوف تفسّره الآیة السابقة وتقدیره «اتقوا یوم».

 

سورة المائدة / الآیة 109 سورة المائدة / الآیة 110
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma