التّفسیر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الامثل 3
سبب النّزولسورة المائدة / الآیة 109

من أهم المسائل التی یؤکّدها الإسلام هی مسألة حفظ حقوق الناس وأموالهم وتحقیق العدالة الاجتماعیة، وهذه الآیات تبیّن جانباً من التشریعات الخاصّة بذلک، فلکیلا تغمط حقوق ورثة المیت وأیتامه الصغار، یصدر الأمر للمؤمنین قائلا: (یا أیّها الذین آمنوا شهادة بینکم إذا حضر أحدکم الموت حین الوصیة اثنان ذوا عدل منکم ).

المقصود بالعدل هنا العدالة، وهی تجنّب الذنوب الکبیرة ونظائرها، ولکن یحتمل فی معنى الآیة أیضاً أن یکون المقصود من العدالة: الأمانة فی الشؤون المالیة، إلاّ إذا ثبت بدلائل اُخرى ضرورة توفّر شروط اُخرى فی الشاهد.

و«منکم» تعنی من المسلمین بازاء غیر المسلمین، الذین تأتی الإشارة إلیهم فی العبارة التّالیة من الآیة.

لابدّ من القول بأنّ القضیة هنا لا تتعلّق بالشهادة العادیة المألوفة، بل هی شهادة مقرونة بالوصایة، أی إنّ هذین وصیّان وشاهدان فی الوقت نفسه، أمّا الاحتمال القائل باختیار شخص ثالث کوصی بالإضافة إلى الشاهدین هنا، فإنّه خلاف ظاهر الآیة ویخالف سبب نزولها، لأنّنا لاحظنا أنّ ابن أبی ماریة لم یکن یرافقه فی السفر غیر اثنین اختارهما وصیین وشاهدین.

ثمّ تأمر الآیة: إذا کنتم فی سفر ووافاکم الأجل ولم تجدوا وصیّاً وشاهداً من المسلمین فاختاروا اثنین من غیر المسلمین: (أو آخران من غیرکم إن أنتم ضربتم فی الأرض فأصابتکم مصیبة الموت ).

وعلى الرغم من عدم وجود ما یفهم من الآیة أنّ اختیار الوصی والشاهد من غیر المسلمین مشروط بعدم وجودهما من المسلمین، إلاّ أنّ مثل هذا الشرط واضح، لأنّ الإستعاضة تکون عندما لا تجد من المسلمین من توصیه، کما أنّ ذکر قید السفر یفید هذا المعنى أیضاً، وعلى الرغم من أنّ (أو) تفید «التخییر» عادة، إلاّ أنّها هنا ـ وفی کثیر من المواضع الاُخرى ـ تفید «الترتیب»، أی اخترهما أوّلا من المسلمین، فإن لم تجد، فاخترهما من غیر المسلمین.

وغنی عن القول أنّ المقصود من غیر المسلمین هم أهل الکتاب من الیهود والنصاری طبعاً، لأنّ الإسلام لم یقم وزناً فی أیّة مناسبة للمشرکین وعبدة الأصنام مطلقاً.

ثمّ تقرر الآیة حمل الشاهدین عند الشهادة على القسم بالله بعد الصّلاة، فی حالة الشک والتردد: (تحبسونهما من بعد الصّلاة فیُقسمان بالله إن ارتبتُم ).

ویجب أن تکون شهادتهما بما مفاده: إنّنا لسنا على استعداد أن نبیع الحقّ بمنافع مادیة فنشهد بغیر الحقّ حتى وإن کانت الشهادة ضدّ أقربائنا: (لا نشتری به ثمناً ولو کان ذا قربى )وإنّنا لن نخفی أبداً الشهادة الإلهیّة، وإلاّ فسنکون من المذنبین: (ولا نکتم شهادة الله إنّا إذاً لمن الآثمین ).

ولابدّ أن نلاحظ مایلی:

أوّلا: إنّ هذه التفاصیل فی أداء الشهادة إنّما تکون عند الشک والتردد.

وثانیاً: لا فرق بین المسلم وغیر المسلم فی هذا کما یبدو من ظاهر الآیة، وإنّما هو فی الحقیقة وسیلة لإحکام أمر حفظ الأموال فی إطار الإتهام، ولیس فی هذا ما یناقض القبول بشهادة عدلین بغیر تحلیف، لأنّ هذا یکون عند انتفاء الشک فی الشاهدین، لذلک فلا هو ینسخ الآیة ولا هو مختص بغیر المسلمین (تأمل بدقّة).

ثالثاً: الصّلاة بالنسبة لغیر المسلمین یقصد بها صلاتهم التی یتوجّهون فیها إلى الله ویخشونه، أمّا بالنسبة للمسلمین فیقول بعض: إنّها خاصّة بصلاة العصر، وفی بعض الرّوایات الواردة عن أهل البیت (علیهم السلام) إشارة إلى ذلک، إلاّ أنّ ظاهر الآیة هو الإطلاق ویشمل الصلوات جمیعها، ولعلّ ذکر صلاة العصر فی روایاتنا یعود إلى جانبه الإستحبابی، إذ أنّ الناس یشترکون أکثر فی صلاة العصر، ثمّ إنّ وقت العصر کان الوقت المألوف للتحکیم والقضاء بین المسلمین.

رابعاً: اختیار وقت الصّلاة للشهادة یعود إلى أنّ المرء فی هذا الوقت یعیش آثار الصّلاة التی (تنهى عن الفحشاء والمنکر ) (1) وأنّه فی هذا الظرف الزمانی والمکانی یکون أقرب إلى الحقّ، بل قال بعضهم: إنّ من الأفضل أن تکون الشهادة فی «مکّة» عند الکعبة وبین «الرکن» و«المقام» باعتباره من أقدس الأمکنة، وفی المدینة تکون جنب قبر رسول الله (صلى الله علیه وآله).

وفی الآیة التّالیة یدور الکلام على ثبوت خیانة الشاهدین إذا شهدا بغیر الحقّ، کما جاء فی سبب نزول الآیة، فالحکم فی مثل هذه الحالة ـ أی عند الإطلاع على أنّ الشاهدین قد إرتکبا إثمّ العدوان على الحقّ واضاعته ـ هو أن تستعیضوا عنهما باثنین آخرین ممن ظلمهما الشاهدان الأوّلان (أی ورثة المیت) فیشهدان لإحقاق حقهما: (فإن عثر على أنّهما استحقا إثماً فآخران یقومان مقامهما من الذین استحق علیهم الأولیان ).

یذهب العلاّمة الطبرسی فی «مجمع البیان» إلى أنّ هذه الآیة تعتبر من حیث المعنى والإعراب من أعقد الآیات وأصعبها، (2) ولکن بالإلتفات إلى نقطتین نجد أنّها لیست بتلک الصعوبة والتعقید.

فالنّقطة الاُولى: هی أنّ معنى «استحق» هنا بقرینة کلمة «إثم» هو إثمّ العدوان على حقّ الآخرین.

والنّقطة الثّانیة: هی أنّ «الأولیان» تعنی هنا «الأوّلان» أی الشاهدان اللذان کانا علیهما أنّ یشهدا أوّلا ولکنّهما انحرفا عن طریق الحقّ.

وعلیه یکون المعنى: إذا ثبت أنّ الشاهدین الأوّلین إرتکبا مخالفة، فیقوم مقامهما اثنان آخران ممن وقع علیهم ظلم الشاهدین الأولین (3).

ثمّ یبیّن ما ینبغی على هذین الشاهدین أن یفعلاه (فیقسمان بالله لشهادتنا أحقّ من شهادتهما وما اعتدینا إنّا إذاً لمن الظالمین ).

لمّا کان أولیاء المیت على علم بالأموال والأمتعة التی أخذها معه عند سفره أو التی یملکها عموماً، فیمکن أن یشهدوا على أنّ الشاهدین الأولین قد خانا وظلما، وتکون هذه الشهادة حسیة مبنیّة على القرائن، لا حدسیة.

والآیة الأخیرة، فی الحقیقة، بیان لحکمة الأحکام التی جاءت فی الآیات السابقة بشأن الشهادة وهی أنّه إذا أجریت الاُمور بحسب التعالیم، أی إذا طلب الشاهدان للشهادة بعد الصّلاة بحضور جمع، ثمّ ظهرت خیانتهما، وقام اثنان آخران من الورثة مقامهما للکشف عن الحقّ، فذلک یحمل الشهود على أن یکونوا أدق فی شهادتهم، خوفاً من الله أو خوفاً من الناس: (ذلک أدنى أن یأتوا بالشهادة على وجهها أو یخافوا أن ترد أیمان بعد أیمانهم ).

فی الواقع سیکون هذا سبباً فی الخشیة من المسؤولیة أمام الله وأمام الناس، فلا ینحرفان عن محجّة الصواب.

ولتوکید الأحکام المذکورة یأمر الناس قائلا: (واتقوا الله واسمعوا والله لا یهدی القوم الفاسقین ).


1. العنکبوت، 45.
2. تفسیر مجمع البیان، ج 3، ص 441.
3. على هذا یکون إعراب «آخران» مبتدأ، وجملة «یقومان مقامهما» خبر، و«أولیان» فاعل «إستحقا» و«من الذین» أی من ورثة المیت الذین وقع علیهم الظلم، والجار والمجرور صفة لـ«آخران» «تأمل بدقّة».

 

سبب النّزولسورة المائدة / الآیة 109
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma