أحکام الصّید عند الإحرام

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الامثل 3
سبب النّزولحکمة تحریم الصّید حال الإحرام

تبیّن هذه الآیات أحکام صید البر والبحر أثناء الإحرام للحج أو للعمرة.

فی البدایة إشارة إلى ما حدث للمسلمین فی عمرة الحدیبیة، فیقول سبحانه وتعالى: (یا أیّها الذین آمنوا لیبلونّکم الله بشیء من الصید تناله أیدیکم ورماحکم ).

یستفاد من تعبیر الآیة أنّ الله تعالى یرید إنباء الناس عن قضیة سوف تقع فی المستقبل، کما یظهر أیضاً أنّ وفرة الصید فی ذلک المکان لم یکن أمراً مألوفاً، فکان هذا إمتحاناً للمسلمین، على الأخص إذا أخذنا بنظر الاعتبار حاجتهم الماسة إلى الحصول على طعامهم من لحوم ذلک الصید الذی کان موفوراً وفی متناول أیدیهم، إنّ تحمّل الناس فی ذلک العصر الحرمان من ذلک الغذاء القریب یعتبر إمتحاناً کبیراً لهم.

قال بعضهم: أنّ المقصود من عبارة (تناله أیدیکم ) هو أنّهم کانوا قادرین على صیدها بالشباک أو بالفخاخ، ولکن ظاهر الآیة یشیر إلى أنّهم کانوا حقّاً قادرین على صیدها بالید.

ثمّ یقول من باب التوکید: (لیعلم الله من یخافه بالغیب ) سبق أن أوضحنا فی المجلد الأوّل من هذا التّفسیر فی ذیل الآیة 143 من سورة البقرة أنّ تعبیر «لنعلم» أو «لیعلم» وأمثالها لا یقصد بها، أنّ الله لم یکن یعلم شیئاً، وأنّه یرید أن یعلمه عن طریق اختبار الناس، بل المقصود هو إلباس الحقیقة المعلومة لدى الله لباس العمل والتحقق الخارجی، وذلک لأنّ الإعتماد على نوایا الأشخاص الداخلیة واستعدادهم غیر کاف للتکامل وللمعاقبة والإثابة، بل یجب أن ینکشف کلّ ذلک خلال أعمال خارجیة لکی یکون لها تلک الآثار (لمزید من التوضیح انظر ذیل الآیة المذکوره).

والآیة فی الخاتمة تتوعّد الذین یخالفون هذا الحکم الإلهی بعذاب شدید: (فمن اعتدى بعد ذلک فله عذاب ألیم ).

على الرّغم من أنّ الجملة الأخیرة فی الآیة تدل على تحریم الصید أثناء الإحرام، ولکن الآیة التّالیة لها تصدر حکماً قاطعاً وصریحاً وعاماً بشأن تحریم الصید أثناء الإحرام، إذ تقول: (یا أیّها الذین آمنوا لا تقتلوا الصید وأنتم حرم ).

وهل تحریم الصید (وهو صید البر بدلالة الآیة التی تلیها) یشمل جمیع أنواع الحیوانات البرّیة، سواء أکان لحمها حلالا أم حراماً، أم أنّه یختص بحلال اللحم منها؟

لا تتفق آراء المفسّرین والفقهاء بهذا الشأن، إلاّ أنّ المشهور بین فقهاء الإمامیة

ومفسّریهم أنّ الحکم عام، ویؤیّد ذلک الرّوایات المرویة عن أئمّة أهل البیت (علیهم السلام)، (1) أمّا فقهاء أهل السنّة فمنهم ـ مثل أبی حنیفة ـ من یتفق مع الإمامیة فی ذلک، ومنهم ـ کالشافعی ـ من یرى الحکم مقصوراً على الحیوانات المحللة اللحوم ولکن الحکم، على کلّ حال، لا یشمل الحیوانات الأهلیة، لأنّ الحیوانات الأهلیة لا توصف بالصید، وما یلفت النظر فی روایاتنا هو أنّ الصید لیس وحده المحرّم أثناء الإحرام، بل التحریم یشمل حتى الإعانة على الصید، والإشارة أو الدلالة علیه أیضاً. (2)

قد یظن بعض أنّ الصید لا یشمل ذوات اللحم الحرام، إلاّ أنّ الأمر لیس کذلک، لأنّ الغرض من صید الحیوان متنوّع، فمرّة یکون الغرض لحمها، واُخرى جلدها، وثالثة لدفع أذاها، ثمّة بیت ینسب إلى الإمام علی (علیه السلام) من الممکن أن یکون شاهداً على هذا التعمیم: یقول:

صید الملوک أرانب وثعالب *** وإذا رکبت فصیدی الأبطال

وللإستزادة من المعرفة بشأن أحکام الصید الحلال والحرام یمکن الرجوع إلى الکتب الفقهیة.

ثمّ بعد ذلک یشار إلى کفارة الصید فی حال الإحرام، فیقول: (ومن قتله منکم متعمداً فجزاء مثل ما قتل من النعم ).

فهل المقصود من «مثل» هو التماثل فی الشکل والحجم أی إذا قتل أحد حیواناً وحشیاً کبیراً مثل النعامة ـ مثلا ـ فهل یجب علیه أن یختار الکفارة من الحیوانات الکبیرة، کالبعیر مثلا أو إذا صاد غزالا، فهل کفارته تکون شاة تقاربه فی الحجم والشکل؟ أم أنّ «مثل» هو التماثل فی القیمة؟

إنّ المشهور والمعروف بین الفقهاء والمفسّرین هو الرأی الأوّل، کما أنّ ظاهر الآیة أقرب إلى هذا المعنى، وذلک لأنّه بالنظر لعمومیة الحکم على الحیوانات ذوات اللحم الحلال وذوات اللحم الحرام، فإنّ أکثر هذه الحیوانات لیس لها قیمة ثابتة لکی یمکن اختیار مثیلاتها من الحیوانات الأهلیة.

وهذا ـ على کلّ حال ـ قد یکون ممکناً فی حالة وجود المثیل من حیث الشکل والحجم، أمّا فی حالة انعدام المثیل، فلا مندوحة من تقدیر قیمة للصید بشکل من الأشکال، ویمکن اختیار حیوان أهلی حلال اللحم یقاربه فی القیمة.

ولمّا کان من الممکن أن تکون قضیة التماثل موضع شک عند بعضهم فقد أصدر القرآن حکمه بأنّ ذلک ینبغی أن یکون بتحکیم شخصین مطّلعین وعادلین: (یحکم به ذوا عدل منکم ).

أمّا عن مکان ذبح الکفارة، فیبیّن القرآن أنّه یکون بصورة «هدی» یبلغ أرض الکعبة: (هدیاً بالغ الکعبة ).

والمشهور بین فقهائنا هو أنّ «کفارة الصید أثناء الإحرام للعمرة» یجب أن تذبح فی «مکّة» و«کفارة الصید أثناء الإحرام للحج» یجب أن تذبح فی «منى»، وهذا لا یتعارض مع الآیة المذکورة، لأنّها نزلت فی إحرام العمرة، کما قلنا.

ثمّ یضیف أنّه لیس ضروریاً أن تکون الکفّارة بصورة أضحیة، بل یمکن الإستعاضة عنها بواحد من اثنین آخرین: (أو کفارة طعام مساکین ) و (أو عدل ذلک صیاماً ).

مع أنّ الآیة لا تذکر عدد المساکین الذین یجب إطعامهم، ولا عدد الأیّام التی یجب أن تصام، فإنّ إقتران الاثنین معاً من جهة، والتصریح بلزوم الموازنة فی الصیام، یدل على أنّ المقصود لیس إطلاق عدد المساکین الذین یجب إطعامهم بحسب رغبتنا، بل المقصود تحدید ذلک بمقدار قیمة الأضحیة.

أمّا کیف یتمّ التوازن بین الصیام وإطعام المسکین، فیستفاد من بعض الرّوایات أنّ مقابل کلّ «مدّ» من الطعام (ما یعادل نحو 750 غراماً من الحنطة وأمثالها) یصوم یوماً واحداً، (3)ویستفاد من روایات اُخرى أنّه یصوم یوماً واحداً فی مقابل کلّ «مدّین» من الطعام، (4) وهذا یعود فی الواقع إلى أنّ الذی لا یستطیع صوم رمضان یکفّر عن کل یوم منه بمدّ واحد أو بمدّین اثنین من الطعام للمحتاجین (5) (لمزید من الإطلاع بهذا الخصوص انظر الکتب الفقهیة).

أمّا إذا ارتکب محرم صیداً فهل له أن یختار أیّاً من هذه الکفارات الثلاث، أو أنّ علیه أن یختار بالترتیب واحدة منها، أی الذبیحة أوّلا، فإن لم یستطع فإطعام المسکین، فإن لم یستطع فالصیام، فالفقهاء مختلفون فی هذا، ولکن ظاهر الآیة یدل على حریة الاختیار.

إنّ الهدف من هذه الکفارات هو (لیذوق وبال أمره ) (6).

ثمّ لمّا لم یکن لأىّ حکم أثر رجعی یعود إلى الماضی، فیقول: (عفا الله عما سلف ).

أمّا من لم یعتن بهذه التحذیرات المتکررة ولم یلتفت إلى أحکام الکفارة وکرر مخالفاته لحکم الصید وهو محرم فإنّ الله سوف ینتقم منه فی الوقت المناسب: (ومن عاد فینتقم الله منه والله عزیز ذو انتقام ).

ثمّة نقاش بین المفسّرین عمّا إذا کانت کفارة صید المحرم تتکرر بتکرره، أو لا. ظاهر الآیة یدل على أنّ التکرار یستوجب انتقام الله، فلو استلزم تکرار الکفارة لوجب أن لا یکتفی بذکر الإنتقام الإلهی، وللزم ذکر تکرار الکفارة صراحة، وهذا ما جاء فی الرّوایات التی وصلتنا عن أهل البیت (علیهم السلام). (7)

بعد ذلک یتناول الکلام صید البحر: (اُحلّ لکم صید البحر وطعامه ).

لکن ما المقصود من الطعام؟ فإنّ بعض المفسّرین یرون أنّه ذلک النوع من السمک الذی یموت بدون صید ویطفو على سطح الماء، مع أنّنا نعلم أنّ هذا الکلام لیس صحیحاً، لأنّ السمک المیت بهذا الشکل حرام، مع أنّ بعض الرّوایات التی یرویها أهل السنّة تدل على حلّیته. (8)

إنّ ما یستفاد من التعمّق فی ظهور الآیة هو أنّ القصد من الطعام ما یهیّأ للأکل من سمک الصید إذ أنّ الآیة ترید أن تحلل أمرین، الأوّل هو الصید، والثّانی هو الطعام المتخذ من هذا الصید.

وبهذه المناسبة، ثمّة فتوى معروفة بین فقهائنا تعتمد مفهوم هذا التعبیر، وذلک فیما یتعلّق بصید البر، فإنّ هذا الصید لیس وحده حراماً، بل إنّ طعامه حرام أیضاً.

ثمّ تشیر الآیة إلى الحکمة فی هذا الحکم وتقول: (متاعاً لکم وللسیارة )، أی لکیلا تعانوا المشقّة فی طعامکم وأنتم محرمون، فلکم أن تستفیدوا من نوع واحد من الصید، ذلکم هو صید البحر.

ولمّا کان من المألوف أن یکون السمک الذی یحمله المسافر معه هو السمک المملح، فقد ذهب بعض المفسّرین إلى تفسیر العبارة المذکورة فی الآیة بأنّه یجوز «للمقیمین» أن یطعموا السمک الطازج و«للمسافرین» السمک المملح.

ولابدّ من التنبیه إلى أنّ حکم (أحلّ لکم صید البحر وطعامه ) لیس حکماً مطلقاً وعاماً فی حلّیة صید البحر کافة کما یظن بعضهم، وذلک لأنّ الآیة لیست فی معرض بیان أصل حکم صید البحر، بل هدف الآیة هو أنّ تبیّن للمحرم أنّ صید البحر الذی کان حلالا قبل الإحرام له أن یطعمه فی حال الإحرام أیضاً، وبعبارة اُخرى: لاتبیّن الآیة أصل تشریع القانون، وإنّما تشیر إلى خصائص قانون سبق تشریعه فلیست الآیة فی معرض عمومیة الحکم، بل هی تبیّن حکم المحرم فحسب.

وللتوکید تعود الآیة إلى الحکم السابق مرّة اُخرى وتقول: (وحرّم علیکم صید البر ما دمتم حرماً ).

ولتوکید جمیع الأحکام التی ذکرت، تقول الآیة فی الخاتمة: (واتقوا الله الذی إلیه تحشرون ).


1. التهذیب، ج 5، ص 300; وسائل الشیعة، ج 12، ص 415 و416.
2. وسائل الشیعة، ج 12، ص 415 باب تحریم صید البرّ کله على المحرم اصطیاداً ودلالةً.
3. بحارالانوار، ج 69، ص 158; واصول الکافی، ج 14، ص 386.
4. اصول الکافی، ج 4، ص 85 و387.
5. لمزید الایضاح، راجع کتب الفقهی.
6. فی «مفردات الراغب» أنّ «وبال» من «الوبل والوابل» وهو المطر الغزیر، ثمّ أطلق على العمل الشاق الجسیم، ولمّا کان العقاب شدیداً وثقیلا عادة، فقد وصف بأنّه «وبال».
7. اصول الکافی، ج 4، ص 394; وسائل الشیعة، ج 13، ص 94 و95.
8. سنن کبرى للبیهقی، ج، ص 255.

 

سبب النّزولحکمة تحریم الصّید حال الإحرام
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma