المهاجرون الاُوَل فی الإسلام

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الامثل 3
سورة المائدة / الآیة 82 ـ 86 حقد الیهود ومودّة النصارى

کثیر من المفسّرین ـ ومنهم الطبرسی فی «مجمع البیان»، والفخر الرازی، وصاحب «المنار» - ینقلون فی تفاسیرهم عن المفسّرین السابقین أنّ هذه الآیات قد نزلت بحقّ «النّجاشی» صاحب الحبشة على عهد رسول الله (صلى الله علیه وآله)وأتباعه، وفی تفسیر «البرهان» حدیث یشرح هذا الموضوع شرحاً وافیاً. (1)

یمکن تلخیص الرّوایات الإسلامیة والتواریخ وأقوال المفسّرین بهذا الخصوص فی مایلی:

فی السنوات الاُولى من بعثة رسول الله (صلى الله علیه وآله) ودعوته العامّة کان المسلمون أقلیة ضعیفة، وکانت قریش قد تواصت أن تضیّق الخناق على موالیها وأتباعها الذین یؤمنون برسول الله (صلى الله علیه وآله)، وعلى هذا فقد أصبح کلّ مسلم واقعاً تحت ضغط عشیرته وقومه ویومئذ لم یکن عدد المسلمین یکفی للقیام بجهاد تحرری.

ولکی یحافظ رسول الله (صلى الله علیه وآله) على حیاة هذه الجماعة القلیلة، ویهیّىء قاعدة للمسلمین خارج الحجاز، إختار لهم الحبشة وأمرهم بالهجرة إلیها قائلا: «إنّ بها ملکاً صالحاً لا یظلم ولا یُظلم عنده أحد فاخرجوا إلیه حتى یجعل الله عزّ وجلّ للمسلمین فرجاً». (2)

کان رسول الله (صلى الله علیه وآله) یقصد النجاشی (النجاشی اسم عام لجمیع سلاطین الحبشة، مثل کسرى لملوک إیران، أمّا النجاشی المعاصر لرسول الله (صلى الله علیه وآله) فهو (أصحمة)، أی العطیة والهبة بلغة الأحباش).

فهاجر أحد عشر رجلا وأربع نساء من المسلمین إلى الحبشة بحراً على ظهر سفینة صغیرة استأجروها، کان ذلک فی شهر رجب من السنة الخامسة من البعثة، وقد اُطلق علیها اسم الهجرة الاُولى.

ولم یمض على ذلک وقت طویل حتى لحقهم جعفر بن أبی طالب وجمع من المسلمین، فکانوا مع السابقین جمعاً مؤلفاً من 82 رجلا سوى النساء والصبیان، وشکّلت هذه المجموعة النواة الاُولى للتجمّع الإسلامی المنظّم.

کان لظاهرة الهجرة وقع شدید على عبدة الأصنام، لأنّهم أدرکوا جیّداً أنّه لن یمضی زمن طویل حتى یکون علیهم أن یواجهوا جمعاً قویّاً من المسلمین الذین اعتنقوا الإسلام ـ بالتدریج ـ دیناً لهم فی أرض الحبشة حیث الأمن والأمان.

فشمّروا عن ساعد الجد لإحباط تلک الفکرة، فاختاروا اثنین من فتیانهم الأذکیاء المعروفین بالدهاء والمکر، وهما (عمرو بن العاص) و(عمارة بن الولید) وحمّلوهما مختلف الهدایا والتحف إلى النجاشی لیوغروا صدره على المسلمین فیطردهم من بلاده. وعلى ظهر السفینة التی أقلت هذین إلى الحبشة سکرا وتخاصما إلاّ أنّهما ـ لکی ینفذا المهمّة التی جاءا من أجلها ـ نزلا إلى البر الحبشی، وحضرا مجلس النجاشی بکثیر من الأبهّة، وخاصّة بعد أن اشتریا ضمائر حاشیة النجاشی بالکثیر من الهدایا والرشاوی، فوعدهم هؤلاء بالوقوف إلى جانبهما وتأییدهما.

بدأ عمرو بن العاص کلامه للنجاشی قائلا: «أیّها الملک، إنّ قوماً خالفونا فی دیننا وسبّوا آلهتنا، وصاروا إلیک فردّهم إلینا». (3)

ثمّ قدّما ما حملاه من هدایا إلى النجاشی.

فوعدهم النجاشی أن یبتّ بالأمر بعد استجواب ممثلی اللآجئین وبعد التشاور مع حاشیته.

وفی یوم آخر عقدت جلسة حافلة حضرتها حاشیة النجاشی وجمع من العلماء المسیحیین، وممثل المسلمین جعفر بن أبی طالب، ومبعوثا قریش، وبعد أن استمع النجاشی إلى أقوال مبعوثی قریش، إلتفت إلى جعفر وطلب منه بیان ما لدیه.

قال جعفر: یا أیّها الملک سلهم، أنحن عبید لهم؟

فقال عمرو: لا، بل أحرار کرام.

جعفر: سلهم ألهم علینا دیون یطالبوننا بها؟

عمرو: لا، ما لنا علیکم دیون.

جعفر: فلکم فی أعناقنا دماء تطالبونا بها؟

عمرو: لا.

جعفر: فما تریدون منّا؟ أذیتمونا فخرجنا من دیارکم، ثمّ قال: «نعم أیّها الملک خالفناهم، فبعث الله فینا نبیّاً أمرنا بخلع الأنداد وترک الإستقسام بالأزلام، وأمرنا بالصّلاة والزّکاة، وحرّم الظلم والجور وسفک الدّماء بغیر حقّها، والزنا والربا والمیتة والدّم ولحم الخنزیر، وأمرنا بالعدل والإحسان وإیتاء ذی القربى، ونهانا عن الفحشاء والمنکر والبغی».

فقال النّجاشی: بهذا بعث الله عیسى، ثمّ قال النجاشی لجعفر:

هل تحفظ ممّا أنزل الله على نبیّک شیئاً؟

قال جعفر: نعم، فقرأ سورة مریم، فلمّا بلغ قوله: (وهزی إلیکِ بجذع النخلة تساقط علیک رطباً جنیا ) (4) قال: هذا والله هو الحقّ.

فقال عمرو: إنّه مخالف لنا فردّه إلینا.

فرفع النجاشی یده وضرب بها وجه عمرو وقال: اسکت، والله لئن ذکرته بعد بسوء لأفعلنّ بک وقال: أرجعوا إلى هذا هدیّته، وقال لجعفر وأصحابه: إمکثوا فإنّکم آمنون.

کان لهذا الحدث أثر بالغ بعید المدى، ففضلا عمّا کان له من أثر إعلامی عمیق فی تعریف الإسلام لجمع من أهل الحبشة، فإنّه شدّ من عزیمة المسلمین فی مکّة وحملهم على الإطمئنان والثقة بقاعدتهم فی الحبشة لإرسال المسلمین الجدد إلیها، إلى أن یشتد ساعدهم وتقوى شوکتهم.

ومضت سنوات، وهاجر رسول الله (صلى الله علیه وآله) إلى المدینة، وارتفع شأن الإسلام، وتمّ التوقیع على صلح الحدیبیة، وتوجّه رسول الله (صلى الله علیه وآله) لفتح خیبر، وفی ذلک الیوم الذی کان فیه المسلمون یکادون یطیرون فرحاً لتحطیمهم أکبر قلعة للأعداء الیهود، فإذا بهم یشهدون من بعید قدوم جمع من الناس صوبهم، ثمّ ما لبثوا حتى عرفوا أنّ اُولئک لم یکونوا سوى المهاجرین الأوائل إلى الحبشة وقد عادوا فی ذلک الیوم إلى أوطانهم بعد أن تحطّمت قوى الأعداء الشیطانیة، وقویت جذور شجیرة الإسلام النامیة.

وإذ شاهد رسول الله (صلى الله علیه وآله) مهاجری الحبشة، قال قولته التّاریخیة: «لا أدری أنا بفتح خیبر أسر أم بقدوم جعفر»؟! (5)

یروى أنّ جعفر وأصحابه جاؤوا إلى رسول الله (صلى الله علیه وآله) ومعهم سبعون رجلا، اثنان وستون من الحبشة وثمانیة من أهل الشام فیهم بحیراء الراهب، فقرأ علیهم رسول الله (صلى الله علیه وآله) سورة «یس» إلى آخرها فبکوا حین سمعوا القرآن وآمنوا وقالوا: ما أشبه هذا بما کان ینزل على عیسى، فأنزل الله فیهم هذه الآیات.

وروی عن سعید بن جبیر فی سبب نزول الآیة أنّ النجاشی أرسل ثلاثین شخصاً من أخلص أتباعه إلى المدینة لإظهار حبّه لرسول الله (صلى الله علیه وآله) وللإسلام، اُولئک هم الذین إستمعوا إلى آیات سورة «یس» فأسلموا، فنزلت الآیات المذکورة تقدیراً لاُولئک المؤمنین. (6)

(لا یتعارض سبب النّزول هذا مع کون سورة المائدة قد نزلت فی أواخر عمر رسول الله (صلى الله علیه وآله))، إذ إنّ هذا القول یرجع إلى معظم آیات السورة، ولیس ثمّة ما یمنع أن تکون بعض تلک الآیات قد نزلت فی حوادث سابقة، ثمّ وضعت ـ لأسباب ـ بأمر من رسول الله (صلى الله علیه وآله) فی هذه السّورة.


1. تفسیر مجمع البیان، والتفسیر الکبیر، ذیل الآیة مورد البحث; وتفسیر البرهان، ج 2، ص 344.
2. تفسیر مجمع البیان، ج 3، ص 400; وبحارالانوار، ج 18، ص 412.
3. بحارالانوار، ج 18، ص 412 و413.
4. مریم، 25.
5. وسائل الشیعة، ج 8، ص 52.
6. لمزید الایضاح راجع، بحارالانوار، ج 18، ص 410 ومابعد.

 

سورة المائدة / الآیة 82 ـ 86 حقد الیهود ومودّة النصارى
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma