التّفسیر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الامثل 3
سبب النّزولسورة المائدة / الآیة 70 ـ 71

لاحظنا فی ما سبق من تفسیر آیات هذه السورة أنّ قسماً کبیراً منها یدور حول العقبات التی کان یضعها أهل الکتاب «الیهود والنصارى» فی طریق المسلمین وما کانوا یوردونه من مجادلة وتساؤل، هذه الآیة ـ أیضاً ـ تشیر إلى جانب آخر من ذلک الموضوع، تردّ فیها على منطقهم الواهی الداعی إلى اعتبار التّوراة کتاباً متّفقاً علیه بین المسلمین والیهود، وترک القرآن باعتباره موضع خلاف.

لذلک فالآیة تخاطب الرّسول (صلى الله علیه وآله) قائلة: (قل یا أهل الکتاب لستم على شیء حتى تقیموا التّوراة والإنجیل وما أنزل إلیکم من ربّکم ).

وذلک لأنّ هذه الکتب ـ کما قلنا ـ صادرة عن مبدأ واحد وأصولها واحدة، ولمّا کان آخر هذه الکتب السماویة أکملها وأجمعها فإنّه هو الأجدر بالعمل به، کما أنّ الکتب السابقة تحمل بشائر وإرشادات إلى آخر الکتب، وهو القرآن، فإذا کانوا ـ حسب زعمهم ـ یقبلون التّوراة والإنجیل، وکانوا صادقین فی زعمهم، فلا مندوحة لهم عن القبول بتلک البشائر أیضاً، وإذا وجدوا تلک العلامات فی القرآن، فإنّ علیهم أن یحنوا رؤوسهم خضوعاً لها.

هذه الآیة تقول أنّ الإدّعاء لا یکفی، بل لابدّ من إتّباع ما جاء فی هذه الکتب السماویة عملیاً، ثمّ أنّ القضیة لیست «کتابنا» و«کتابکم»، بل هی الکتب السماویة وما أنزل من الله، فکیف تریدون بمنطقکم الواهی هذا أن تتجاهلوا آخر کتاب سماوی؟

ویعود القرآن لیشیر إلى حالة أکثریتهم، فیقرّر أنّ أکثرهم لا یأخذون العبرة والعظة من هذه الآیات ولا یهتدون بها، بل إنّهم ـ لما فیهم من روح العناد ـ یزدادون فی طغیانهم وکفرهم (ولیزیدن کثیراً منهم ما أنزل إلیک من ربک طغیاناً وکفراً ).

وهکذا یکون التأثیر المعکوس للآیات الصادقة والقول المتّزن فی النفوس المملوءة عناداً ولجاجاً.

وفی ختام الآیة یخفف الله من حزن رسوله (صلى الله علیه وآله) إزاء تصلّب هذه الأکثریة من المنحرفین وعنادهم، فیقول له (فلا تأس على القوم الکافرین ) (1).

هذه الآیة لیست مقصورة على الیهود ـ طبعاً ـ فالمسلمون أیضاً إذا اکتفوا بادّعاء الإسلام ولم یقیموا تعالیم الأنبیاء، وخاصّة ما جاء فی کتابهم السماوی، فلن تکون لهم منزلة ومکانة لا عند الله، ولا فی حیاتهم الفردیة والاجتماعیة، بل سیظلّون دائماً أذلاّء ومغلوبین على أمرهم.

الآیة التّالیة تعود لتقرر مرّة اُخرى هذه الحقیقة، وتؤکّد أنّ جمیع الأقوام وأتباع کلّ المذاهب دون إستثناء، مسلمین کانوا أم یهوداً أم صابئین (2) أم مسیحیین، لا منقذ لهم من الخوف من المستقبل والحزن على ما فاتهم إلاّ إذا آمنوا بالله وبیوم الحساب وعملوا صالحاً: (إنّ الذین آمنوا والذین هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله والیوم الآخر وعمل صالحاً فلا خوف علیهم ولا هم یحزنون ).

هذه الآیة، فی الحقیقة ردّ قاطع على الذین یظنون النجاة فی ظل قومیة معیّنة، ویفضّلون تعالیم بعض الأنبیاء على بعض، ویتقبّلون الدعوة الدینیة على أساس من تعصّب قومی، فتقول الآیة إنّ طریق الخلاص ینحصر فی نبذ هذه الأقوال.

وکما أشرنا فی تفسیر الآیة 62 من سورة البقرة، التی تقترب فی مضمونها من مضمون هذه الآیة سعى بعضهم بجد لیثبت أنّ هذه الآیة تعتبر دلیلا على «السلام العام» وعلى أنّ أتباع جمیع الأدیان ناجون، وأن یتجاهل فلسفة نزول الکتب السماویة بالتتابع الذی یدل على تقدّم الإنسان فی مسیرته التکاملیة التدریجیة.

ولکن ـ کما قلنا ـ تضع الآیة حدّاً فاصلا بقولها (وعمل صالحاً ) لکلّ قول، وتشخّص الحقیقة، بخصوص تباین الأدیان، فتوجب العمل بآخر شریعة إلهیّة، لأنّ العمل بقوانین منسوخة لیس من العمل الصالح، بل العمل الصالح هو العمل بالشرائع الموجودة وبآخرها (لمزید من الشرح والتوضیح بهذا الشأن راجع ذیل الآیة 62 من سورة البقرة.

ثمّ إنّ هناک احتمالا مقبولا فی تفسیر عبارة (من آمن بالله والیوم الآخر وعمل صالحاً )وهو أنّها تختص بالیهود والنصارى والصابئین، لأنّ (الذین آمنوا ) فی البدایة لا تحتاج إلى مثل هذا القید، وعلیه، فإنّ معنى الآیة یصبح هکذا:

إنّ المؤمنین من المسلمین، وکذلک الیهود والنصارى والصابئین - بشرط أن یؤمنوا وأن یتقبّلوا الإسلام ویعملوا صالحاً ـ سیکونون جمیعاً من الناجین وإنّ ماضیهم الدینی لن یکون له أىّ أثر فی هذا الجانب، وإنّ الطریق مفتوح للجمیع (تأمل بدقّة).


1. فلا تأس من الأسى، بمعنى الغم والحزن.
2. «الصابئون» هم أتباع یحیى أو نوح أو إبراهیم، وقد ذکرناهم بتفصیل أکثر فی ذیل الآیة 62 من سورة البقرة.

 

سبب النّزولسورة المائدة / الآیة 70 ـ 71
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma