التّفسیر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الامثل 3
سبب النّزولسورة المائدة / الآیة 61 ـ 63

فی هذه الآیة یأمر الله نبیّه (صلى الله علیه وآله) أن یسأل أهل الکتاب عن سبب اعتراضهم وانتقادهم للمسلمین، وهل أنّ الإیمان بالله الواحد الأحد والإعتقاد بما أنزل على نبی الإسلام والأنبیاء الذین سبقوه یجابه بالإعتراض والإنتقاد، حیث تقول الآیة: (قل یا أهل الکتاب هل تنقمون منّا إلاّ أن آمنا بالله وما أنزل إلینا وما أنزل من قبل ) (1).

وتشیر هذه الآیة ـ أیضاً ـ إلى جانب آخر من جوانب صلف ووقاحة الیهود وتطرّفهم غیر المبرر، ونظرتهم الضیّقة الأحادیة الجانب التی دفعت بهم إلى الإستهانة بکلّ شخص ودین غیر أنفسهم ودینهم، وهم لتطرّفهم ذلک کانوا یرون الحقّ باطلا والباطل حقّاً.

وتأتی فی آخر الآیة عبارة تبیّن علّة الجملة السابقة، حیث تبیّن أنّ اعتراض الیهود وانتقادهم للمسلمین الذین آمنوا بالله وبکتبه، ما هو إلاّ لأنّ أکثر الیهود من الفاسقین الذین انغمسوا فی الذنوب، ولذلک فهم ـ لإنحرافهم وتلوّثهم بالآثام ـ یعیبون على کلّ انسان شریف اتباعه للصواب وسیره فی طریق الحقّ حیث تؤکّد الآیة: (وإنّ أکثرکم فاسقون ).

وبدیهی أنّ المقاییس فی محیط موبوء بالفساد والفسق، تنقلب ـ أحیاناً ـ بحیث یصبح الحقّ باطلا والباطل حقاً، ویصبح العمل الصالح والإعتقاد النزیه شیئاً قبیحاً مثیراً للإعتراض والإنتقاد، بینما یعتبر کلّ عمل قبیح شیئاً جمیلا جدیراً بالاستحسان والمدیح، وهذه هی طبیعة المسخ الفکری الناتج عن الإنغماس فی الخطایا والذنوب إلى درجة الإدمان.

وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه الآیة تنتقد جمیع أهل الکتاب، وواضح أنّها عزلت حساب الأقلیة الصالحة بدقة عن الأکثریة الآثمة باستخدام کلمة (أکثرکم) فی العبارة الأخیرة منها.

الآیة الثّانیة تقارن المعتقدات المحرّفة وأعمال أهل الکتاب والعقوبات التی تشملهم بوضع المؤمنین الأبرار من المسلمین لکی یتبیّن أىّ الفریقین یستحق النقد والتقریع، وهذا بذاته جواب منطقی للفت انتباه المعاندین والمتطرّفین فی عصبیّتهم.

وفی هذه المقارنة تطلب الآیة من النّبی (صلى الله علیه وآله) أن یسأل هؤلاء: هل أنّ الإیمان بالله الواحد وبکتبه التی أنزلها على أنبیائه أجدر بالنقد والإعتراض، أم الأعمال الخاطئة التی تصدر من أناس شملهم عقاب الله؟

فتخاطب الآیة النّبی بأن یسأل هؤلاء: إن کانوا یریدون التعرّف على أناس لهم عند الله أشدّ العقاب جزاء ما اقترفوه من أعمال، حیث تقول: (قل هل أنبئکم بشرّ من ذلک مثوبة عند الله ) (2).

ولا شک أنّ الإیمان بالله وکتبه لیس بالأمر غیر المحمود، وأنّ المقارنة الجاریة فی هذه الآیة بین الإیمان وبین أعمال وأفکار أهل الکتاب، هی من باب الکنایة، کما ینتقد إنسان فاسد إنساناً تقیّاً فیسأل الإنسان التقی ردّاً على هذا الفاسد: أیّهما أسوأ الأتقیاء أم الفاسدون.

بعد هذا تبادر الآیة إلى شرح الموضوع، فتبیّن أنّ اُولئک الذین شملتهم لعنة الله فمسخهم قروداً وخنازیر، والذین یعبدون الطاغوت والأصنام، إنّما یعیشون فی هذه الدنیا وفی الآخرة وضعاً أسوأ من هذا الوضع، لأنّهم ابتعدوا کثیراً عن طریق الحقّ وعن جادة الصواب، تقول الآیة الکریمة: (من لعنه الله وغضب علیه وجعل منهم القردة والخنازیر وعبد الطاغوت اُولئک شرّ مکاناً وأضل عن سواء السبیل ) (3).

وسنتطرق إلى معنى المسخ الذی یتغیّر بموجبه شکل الإنسان، وهل أنّ هذا التغیّر فی الشکل یشمل صورته الجسمیة، أم المراد التغیّر الفکری والأخلاقی؟ وذلک عند تفسیر الآیة 163 من سورة الأعراف، وبصورة مفصّلة باذن الله.


1. إنّ کلمة «تنقمون» مشتقة من المصدر «نقمة» وتعنی فی الأصل إنکار شیء معیّن نطقاً أو فعلا کما تأتی بمعنى إیقاع العقاب أو الجزاء.
2. إنّ کلمة «مثوبة» وکذلک کلمة «ثواب» تعنیان ـ فی الأصل ـ الرجوع أو العودة إلى الحالة الاُولى، کما تطلقان ـ أیضاً ـ لتعنیا المصیر والجزاء (الأجر أو العقاب) لکنّهما فی الغالب تستخدمان فی مجال الجزاء الحسن، وأحیاناً تستخدم کلمة (الثواب) بمعنى العقاب وفی الآیة جاءت بمعنى المصیر أو العقاب.
3. إنّ کلمة «سواء» تعنی فی اللغة المساواة والإعتدال والتساوی وأنّ وجه تسمیة الصراط المستقیم فی الآیة ب ( سواء السبیل )لأنّ جمیع أجزاء هذا الطریق مستویة ولأنّ طرفیه متساویان وممهّدان، کما تطلق هذه التسمیة على کلّ طریقة تتسم بالإعتدال وتخلو من الانحراف، ویجب الإنتباه هنا ـ أیضاً ـ إلى أنّ عبارة ( عبد الطاغوت )عطف على جملة ( من لعنه الله )وکلمة (عبد) فعل ماض ولیست صیغة جمع لعبد مثلما احتمله البعض من المفسّرین وإطلاق تسمیة ( عبد الطاغوت ) على أهل الکتاب، إمّا أن یکون إشارة إلى عبادة العجل من قبل الیهود، أو إشارة إلى انقیاد أهل الکتاب الأعمى لزعمائهم وکبارهم المنحرفین.

 

سبب النّزولسورة المائدة / الآیة 61 ـ 63
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma