2ـ الرّد على اعتراضات ثمانیة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الامثل 3
1ـ شهادة الأحادیث والمفسّرین والمؤرخینسورة المائدة / الآیة 56

لقد أصّرت جماعة من المتطرّفین من أهل السنّة على تکرار الإعتراضات حول نزول هذه الآیة فی حق علی بن أبی طالب (علیه السلام)، وکذلک على تفسیر(الولایة) الواردة فی الآیة الکریمة بمعنى الإشراف والتصرّف والإمامة، وفیما یلی نعرض أهم هذه الإعتراضات للبحث والنقد، وهی:

الإشکال الاوّل: قالوا: أنّ عبارة «الذین» المقترنة بکلمة «آمنوا» الواردة فی الآیة: لا یمکن أن تطبّق على المفرد، وذلک ضمن اعتراضهم على الرّوایات التی تقول بنزول هذه الآیة فی حق علی بن أبی طالب (علیه السلام) وقالوا: أنّ الآیة أشارت بصیغة الجمع قائلة (الذین یقیمون الصّلاة ویؤتون الزّکاة وهم راکعون ) فکیف یمکن أن تکون هذه الآیة فی حقّ شخص واحد کعلی (علیه السلام)؟

الجواب: لقد زخرت کتب الأدب العربی بجمل تمّ التعبیر فیها عن المفرد بصیغة الجمع، وقد اشتمل القرآن الکریم على مثل هذه الجمل، کما فی آیة المباهلة، حیث وردت کلمة «نساءنا» بصیغة الجمع مع أنّ الرّوایات التی ذکرت سبب نزول هذه الآیة أکّدت أنّ المراد من هذه الکلمة هی فاطمة الزهراء (علیها السلام) وحدها، وکذلک فی کلمة (أنفسنا) فی نفس الآیة وهی صیغة جمع، فی حین لم یحضر من الرجال فی واقعة المباهلة مع النّبی (صلى الله علیه وآله) غیر علی (علیه السلام).

وکذلک نقرأ فی الآیة 173 من سورة آل عمران فی واقعة أحد قوله تعالى: (الذین قال لهم الناس إنّ الناس قد جمعوا لکم فاخشوهم فزادهم ایماناً... ).

وقد بیّنا فی الجزء الثّالث من تفسیرنا هذا عند تفسیر هذه الآیة، أنّ بعض المفسّرین ذکروا أنّها نزلت بشأن (نعیم بن مسعود) الذی لم یکن إلاّ واحداً.

ونقرأ فی الآیة 52 من هذه السّورة ـ أیضاً ـ قوله تعالى: (... یقولون نخشى أن تصیبنا دائرة... ) فی حین أنّ هذا الجزء من الآیة نزل فی شخص واحد، کما جاء فی سبب النّزول، وهو (عبد الله بن أبی) وقد مضى تفسیر ذلک.

وکذلک فی الآیة الاُولى من سورة الممتحنة، والآیة الثامنة من سورة المنافقون والآیتین 215 و274 من سورة البقرة، نقرأ فیها کلّها عبارات جاءت بصیغة الجمع، بینما الذی ذکر فی أسباب نزول هذه الآیات هو أنّ المراد فی کلّ منها شخص واحد.

والتعبیر بصیغة الجمع عن شخص واحد فی القرآن الکریم إمّا أن یکون بسبب أهمیّة موقع هذا الشخص ولتوضیح دوره الفعّال، أو لأجل عرض الحکم القرآنی بصیغة کلیة عامّة حتى إذا کان مصداقه منحصراً فی شخص واحد، وقد ورد فی کثیر من آی القرآن

ضمیر الجمع للدلالة على الله الواحد الأحد، وذلک تعظیماً له جلّ شأنه.

وبدیهی أنّ استخدام صیغة الجمع للدلالة على الواحد یعتبر خلافاً للظاهر، ولا یجوز بدون قرینة ولکن مع وجود الرّوایات الکثیرة الواردة فی شأن نزول الآیة تکون لدینا قرینة واضحة على هذا التّفسیر وقد اکتفی فی موارد اُخرى بأقل من هذه القرینة؟!

الإشکال الثّانى: وقال الفخر الرّازی ومتطرّفون آخرون: أنّ علیّ (علیه السلام) بما عرف عنه من خشوع وخضوع إلى الله، بالأخص فی حالة الصّلاة (إلى درجة، أنّهم استلوا أثناء صلاته سهماً کان مغروزاً فی رجله، دون أن یحس بالألم کما فی الروایة المعروفة) فکیف یمکن القول بأنّه سمع أثناء صلاته کلام السائل والتفت إلیه؟!

الجواب: إنّ الذین جاؤوا بهذا الإعتراض قد غفلوا عن أنّ سماع صوت السائل والسعی لمساعدته لا یعتبر دلیلا على الإنصراف والتوجّه إلى النفس، بل هو عین التوجّه إلى الله، وعلی (علیه السلام) کان أثناء صلاته یتجرّد عن ذاته وینصرف بکلّه إلى الله، ومعروف أنّ التنصّل عن خلق الله یعتبر تنصّلا أیضاً عن الله، وبعبارة أوضح: أنّ أداء الزّکاة أثناء الصّلاة یعد عبادة ضمن عبادة اُخرى، ولیس معناه القیام بمباح ضمن العبادة، بعبارة ثالثة: إنّ مالا یلائم روح العبادة هو الإنشغال والإنصراف أثناءها إلى الاُمور الخاصّة بالحیاة الشخصیة، بینما التوجّه إلى ما فیه رضى الله تعالى یتلائم بصورة تامّة مع روح العبادة ویؤکّدها.

ومن الضروری أن نؤکّد هنا أنّ الذوبان فی التوجّه إلى الله، لیس معناه أن یفقد الإنسان الإحساس بنفسه، ولا أن یکون بدون إرادة، بل الإنسان بإرادته یصرف عن نفسه التفکیر فی أىّ شیء لا صلة له بالله.

والطّریف فی الأمر أنّ الفخر الرازی قد أوصله تطرّفه إلى الحدّ الذی اعتبر فیه ایماءة الإمام علی (علیه السلام) إلى السائل بأصبعه ـ لکی یأخذ الخاتم ـ مصداقاً للفعل الکثیر المنافی للصلاة، فی حین أنّ هناک أفعالا یمکن القیام بها أثناء الصّلاة أکثر بکثیر من تلک الإیماءة التی قام بها الإمام (علیه السلام)، وفی نفس الوقت لا تضرّ ولا تمسّ الصّلاة بشیء، ومن هذه الأفعال قتل الحشرات الضارة کالحیّة والعقرب، ورفع الطفل من محلّه ووضعه فیه، وإرضاع الطفل الرضیع، وکلّ هذه الأفعال لا تعتبر من الفعل الکثیر فی نظر الفقهاء، فکیف یمکن القول بأنّ تلک الإیماءة تعتبر من الفعل الکثیر؟!

وقد لا یکون هذا الخطأ غریباً عن عالم استولى علیه التطرّف!

الإشکال الثالث: أمّا الإعتراض الآخر فی هذا المجال، فهو أنّ کلمة (ولی) الواردة فی الآیة تعنی الصدیق والناصر وأمثالهما، ولیست بمعنى المتصرّف أو المشرف أو ولی الأمر.

الجواب: لقد بیّنا فی تفسیر هذه الآیة أنّ کلمة (ولی) ـ الواردة فیها ـ لا یمکن أن تکون بمعنى الصدیق أو الناصر، لأنّ هاتین الصفتین قد ثبتت شمولیتهما لکلّ المسلمین المؤمنین، ولیستا منحصرتین بالمؤمنین المذکورین فی الآیة والذین یقیمون الصّلاة ویؤتون الزّکاة أثناء الرکوع، وبعبارة اُخرى: إنّ الصداقة والنصرة حکمان عامّان، بینما الآیة ـ موضع البحث ـ تهدف إلى بیان حکم خاص بشخص واحد.

الاشکال الرابع: وقالوا ـ أیضاً ـ أنّ علیّ (علیه السلام) لم یکن یمتلک شیئاً من حطام الدنیا حتى تجب علیه الزّکاة، ولو قلنا بأنّ المراد فی الآیة هو الصدقة المستحبة فهی لا تسمّى زکاة؟!

الجواب: أوّلا: إنّ التّاریخ یشهد على امتلاک علی (علیه السلام) المال الوفیر الذی حصل علیه من کدّ یمینه وعرق جبینه وتصدّق به فی سبیل الله، وقد نقلوا فی هذا المجال أنّ علیّ (علیه السلام) اعتق وحرر ألف رقبة من الرقیق، کان قد اشتراهم من ماله الخاص الذی کان حصیلة کدّه ومعاناته، أضف إلى ذلک فقد کان (علیه السلام) یحصل ـ أیضاً ـ على حصّته من غنائم الحرب، وعلى هذا الأساس فقد کان علی (علیه السلام) یمتلک ذخیرة من المال، أو من نخلات التمر ممّا یتعیّن فیهما الزّکاة.

ونحن نعلم ـ أیضاً ـ أنّ الفوریة الواجبة فی أداء الزّکاة هی «فوریة عرفیة» لا تتنافی مع أداء الصّلاة، أی لا فرق فی اداء الزّکاة سواء کان وقت الأداء قبل وقت الصّلاة أو أثناءها.

ثانیاً: لقد أطلق القرآن الکریم فی کثیر من الحالات کلمة الزّکاة على الصدقة المستحبة، وبالأخص فی السور المکّیة، حیث وردت هذه الکلمة للدلالة على الصدقة المستحبة، لأنّ وجوب الزّکاة کان قد شرّع بعد هجرة النّبی (صلى الله علیه وآله) إلى المدینة، کما فی (الآیة 3 من سورة النمل، والآیة 39 من سورة الروم، والآیة 4 من سورة لقمان، والآیة 7 من سورة فصّلت وغیرها).

الإشکال الخامس: ویقولون: إنّهم حتى لو أذعنوا بأنّ علی (علیه السلام) هو الخلیفة بعد النّبی مباشرة، فهذا لا یعنی أن یکون علی (علیه السلام) ولیاً فی زمن الرّسول (صلى الله علیه وآله)، لأنّ ولایته فی زمن النّبی لم تکن ولایة فعلیة، بل کانت ولایة بالقوّة، وأنّ ظاهر الآیة ـ موضع البحث ـ یدل على الولایة الفعلیة.

الجواب: نلاحظ کثیراً فی کلامنا الیومی ـ وکذلک فی النصوص الأدبیة ـ اطلاق اسم

معیّن أو صفة خاصّة على أفراد لا یتمتعون بمزایاها الفعلیة، بل یمتلکون المزیة أو المزایا بالقوّة، وهذا مثل أن یوصی إنسان فی حیاته ویعیّن لنفسه وصیّاً وقیّماً على أطفاله فیکون الشخص الثّانی فور اقرار الوصیة من قبل الشخص الأوّل وصیّاً وقیّماً، ویدعى بهذین العنوانین حتى لو کان الإنسان الموصی باقیاً على قید الحیاة.

ونحن نقرأ فی الرّوایات التی نقلت فی مصادر الشّیعة والسنّة أنّ النّبی (صلى الله علیه وآله) دعا علیاً: وصیه وخلیفته، فی حین أنّ هذین العنوانین لم یکونا لیتحققا فی زمن النّبی (صلى الله علیه وآله).

والقرآن المجید ـ أیضاً ـ یشتمل على مثل هذه التعابیر، ومن ذلک ما ورد عن (زکریا) الذی توسّل إلى الله بقوله: (فهب لی من لدنک ولیاً * یرثنی ویرث من آل یعقوب... ) (1)والمعروف أنّ المراد ـ هنا ـ من کلمة (ولی) المشرف الذی یتولّى شؤون الإشراف بعد الموت کما یعیّن الکثیر من الناس فی حیاتهم من یقوم مقامهم بعد الموت، ویسمّى الشخص المعیّن منذ لحظة تعیینه بالنائب أو الخلیفة مع کون هذه الصفات بالقوّة، ولیست بالفعل.

الإشکال السادس: واحتجّوا ـ أیضاً ـ بقولهم: لماذا لم یعتمد علی (علیه السلام) على هذا الدلیل الواضح للدفاع عن حقّه؟

الجواب: لقد لاحظنا ـ من خلال البحث الذی تناول الرّوایات فی سبب نزول هذه الآیة ـ أنّ هذا الحدیث قد نقل فی کتب عدیدة عن الإمام علی (علیه السلام) نفسه، ومن ذلک ما جاء فی مسند «ابن مردویه» و«ابن الشّیخ» و«کنز العمال» وهذا بذاته دلیل على استدلال الإمام علی (علیه السلام) بهذه الآیة الشریفة.

ونقل فی کتاب (الغدیر) القیّم عن کتاب (سلیم بن قیس الهلالی) حدیث مفصّل مفاده أنّ علیّ (علیه السلام) حین کان منشغلا بحرب صفین، تحدّث فی میدان الحرب أمام جمع من الناس مستدلا بدلائل عدیدة فی إثبات حقّه، وکان من جملة ما استدل به الإمام (علیه السلام) هذه الآیة الکریمة (2).

وجاء فی کتاب (غایة المرام) نقلا عن أبی ذر (رضی الله عنه) أنّ علیّ (علیه السلام) استدل فی یوم الشورى بهذه الآیة (3).

الإشکال السابع: وقد ادّعوا ـ أیضاً ـ أنّ هذا التّفسیر الذی أوردناه فی الآیة موضع البحث لا یتناسب أو لا یتلاءم مع الآیات الواردة قبل وبعد هذه الآیة، لأنّ تلک الآیات جاءت فیها کلمة «الولایة» بمعنى الصداقة.

الجواب: لقد قلنا - مراراً ـ أنّ الآیات القرآنیة بسبب نزولها بصورة تدریجیة، وبحسب الوقائع المختلفة تکون دائماً ذات صلة بالأحداث التی نزلت الآیات فی شأنها، أی إنّ الآیات الواردة فی سورة واحدة أو الآیات المتعاقبة، لیست دائماً ذات مفهوم مترابط، کما لا تشیر دائماً إلى معنى واحد، ولذلک یحصل کثیراً أن تروى لآیتین متعاقبتین حادثتان مختلفتان أو سببان للنزول، وتکون النتیجة أن ینفصل مسیر واتجاه کل آیة ـ لصلتها بحادثة خاصّة ـ عن مسیر الآیة التّالیة لها، لاختلاف الحادثة التی نزلت بشأنها، وبما أنّ آیة (إنّما ولیکم الله... ) بدلالة سبب نزولها جاءت فی شأن تصدّق الإمام علی (علیه السلام) أثناء الرکوع، أمّا الآیات السابقة واللاحقة لها ـ کما رأینا وسنرى ـ فقد نزلت فی أحداث اُخرى، لذلک لا یمکن الإعتماد ـ هنا - کثیراً على مسألة ترابط المفاهیم فی الآیات.

وهناک نوع من التناسب بین الآیة ـ موضع البحث ـ والآیات السابقة واللاحقة لها، لأنّ الآیات الاُخرى تضمّنت الحدیث عن الولایة بمعنى النصرة والإعانة، بینما الآیة ـ موضع البحث ـ تحدّثت عن الولایة بمعنى القیادة والتصرّف، وبدیهی أنّ القائد والزعیم والمتصرّف فی اُمور جماعة معیّنة، یکون فی نفس الوقت حامیاً وناصراً وصدیقاً ومحبّاً لجماعته، أی إنّ مسألة النصرة والحمایة تعتبر من مستلزمات وشؤون الولایة المطلقة.

الإشکال الثامن: وأخیراً قالوا: من أین أتى علی (علیه السلام) بذلک الخاتم النفیس؟

وسألوا أیضاً: ألا یعتبر ارتداء خاتم بتلک القیمة العالیة نوعاً من الإسراف؟

ألا تعتبر هذه الاُمور دلیلا على عدم صحة التّفسیر المذکور؟

الجواب: إنّ المبالغات الواردة بشأن قیمة الخاتم الذی تصدّق به علی (علیه السلام) أثناء الرکوع لا أساس لها مطلقاً، ولا یقوم علیها أىّ دلیل مقبول، وما جاء فی قیمة ذلک الخاتم من أنّه کان یعادل خراج الشام مبالغة أقرب إلى الأسطورة منه إلى الحقیقة، وقد جاء ذلک فی روایة ضعیفة (4) ولعل هذه الروایة وضعت لتشویه حقیقة القضیة الأصلیة واظهارها بمظهر الأمر التافه، وقد خلت الرّوایات الصحیحة ـ التی وردت حول سبب نزول هذه الآیة ـ من أىّ أثر لمثل هذه الأسطورة.

وعلى هذا الإساس لم یتمکن أحد من تهمیش هذه الواقعة التّأریخیة التی أشارت إلیها الآیة الکریمة، بمثل هذه الحکایة التافهة.


1. مریم، 5 و6.
2. الغدیر، ج 1، ص 196.
3. نقل عن منهاج البراعة، ج 2، ص 363.
4. جاءت هذه الروایة مرسلة فی تفسیر البرهان، ج 1، ص 485.

 

1ـ شهادة الأحادیث والمفسّرین والمؤرخینسورة المائدة / الآیة 56
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma