التّفسیر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الامثل 3
سورة المائدة / الآیة 54 سورة المائدة / الآیة 55

بعد الانتهاء من موضوع المنافقین، یأتی الکلام ـ فی هذه الآیة الکریمة ـ عن المرتدین الذین تنبّأ القرآن بارتدادهم عن الدین الإسلامی الحنیف، وهذه الآیة أتت بقانون عام یحمل انذاراً لجمیع المسلمین، فأکّدت أنّ من یرتد عن دینه فهو لن یضر الله بارتداده هذا أبداً، ولن یضر الدین ولا المجتمع الإسلامی أو تقدّمه السریع، لأنّ الله کفیل بإرسال من لدیهم الإستعداد فی حمایة هذا الدین، حیث تقول الآیة الکریمة: (یا أیّها الذین آمنوا من یرتد منکم عن دینه فسوف یأتی الله بقوم ).

ثمّ تتطرق الآیة إلى صفات هؤلاء الحماة الذین یتحمّلون مسؤولیة الدفاع العظیمة، وتبیّنها على الوجه التّالی:

إنّهم یحبّون الله ولا یفکّرون بغیر رضاه، فالله یحبّهم وهم یحبّونه، کما تقول الآیة: (یحبّهم ویحبّونه ).

2 و3ـ یبدون التواضع والخضوع والرأفة أمام المؤمنین، بینما هم أشدّاء أقویاء أمام الأعداء الظالمین، حیث تقول الآیة: (أذلّة على المؤمنین أعزّة على الکافرین ).

إنّ شغلهم الشاغل هو الجهاد فی سبیل الله، إذ تقول الآیة: (یجاهدون فی سبیل الله ).

وآخر صفة تذکرها الآیة لهؤلاء العظام، هی أنّهم لا یخافون لومَ اللائمین فی طریقهم لتنفیذ أوامر الله والدفاع عن الحق، حیث تقول الآیة: (ولا یخافون لومة لائم ) فهؤلاء بالإضافة إلى امتلاکهم القدرة الجسمانیة، یمتلکون الجرأة والشّجاعة لمواجهة التقالید

الخاطئة، والوقوف بوجه الأغلبیة المنحرفة التی اعتمدت على کثرتها فی الإستهزاء بالمؤمنین.

وهناک الکثیر من الأفراد المعروفین بصفاتهم الطیّبة، لکنّهم یبدون الکثیر من التحفّظ أمام الفوضى السائدة فی المجتمع وهجوم الأفکار الخاطئة لدى سواد الناس أو من الأغلبیة المنحرفة، ویتملّکهم الخوف والجبن، وسرعان ما یترکون الساحة ویخلونها للمنحرفین، فی حین أنّ القائد المصلح ومن معه من الأفراد بحاجة إلى الجرأة والشهامة لتطبیق أفکارهم واصلاحاتهم، وعلى عکس هؤلاء فالذین لا یمتلکون هذه الصفات الروحیة الرفیعة، یقفون سدّاً وحائلا دون حصول الإصلاحات المطلوبة.

وتؤکّد الآیة - فی الختام ـ على أنّ إکتساب أو نیل مثل هذه الإمتیازات السامیة (بالإضافة إلى الحاجة لسعی الإنسان نفسه) مرهون بفضل الله الذی یهبها لمن یشاء، ولمن یراه کفؤاً لها من عباده، حیث تقول الآیة فی هذا المجال: (ذلک فضل الله یؤتیه من یشاء ).

وفی النهایة تبیّن الآیة أنّ مجال فضل الله وکرمه واسع، وهو یعرف الأکفاء والمؤهلین من عباده، وکما تقول الآیة: (والله واسع علیم ).

لقد نقلت الرّوایات الإسلامیة التی أوردها المفسّرون أقوالا کثیرة حول هویّة الأشخاص المعنیین بهذه الآیة، فمن هم أنصار الإسلام هؤلاء الذین مدحهم الله بهذه الصفات؟

فی الکثیر من الرّوایات الواردة عن طرق الشیعة والسنّة نقرأ أنّ هذه الآیة نزلت فی حقّ (علی بن أبی طالب (علیه السلام)) وقتاله للناکثین والقاسطین والمارقین (مثیری حرب الجمل، وجیش معاویة، والخوارج)، وممّا یدل على ذلک قول النّبی (صلى الله علیه وآله) حین رأى عجز قادة جیش الإسلام عن فتح حصن خیبر، حیث وجّه (صلى الله علیه وآله)لهم الخطاب فی إحدى اللیالی وفی مقر جیش الإسلام قائلا: «لاُعطین الرایة غداً رجلا یحبّ الله ورسوله ویحبّه الله ورسوله، کراراً غیر فرار، لا یرجع حتى یفتح الله على یده» (1).

ونقرأ فی روایة اُخرى أنّ النّبی (صلى الله علیه وآله) سُئل عن هذه الآیة فوضع (صلى الله علیه وآله) یده الشریفة على کتف «سلمان» وقال ما مضمونه: «هذا وأنصاره وبنی قومه...» وبذلک تنبّأ النّبی عن اسلام الإیرانیین وجهودهم ومساعیهم المثمرة فی خدمة هذا الدین فی المجالات المختلفة، ثمّ قال (صلى الله علیه وآله): «لو کان الدین (وفی روایة اُخرى لو کان العلم) معلقاً بالثریا لتناوله رجال من أبناء فارس» (2).

وذکرت روایات اُخرى أنّ هذه الآیة نزلت فی شأن أنصار المهدی المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشریف الذین سیواجهون الإرتداد والمرتدین بکلّ قوّة وحزم، ویملؤون العالم قسطاً وعدلا وإیماناً.

وممّا لا شک فیه أنّه لا تناقض بین هذه الرّوایات الواردة فی تفسیر الآیة مورد البحث، لأنّ الآیة ـ جریاً على أسلوب القرآن الکریم ـ تبیّن مفهوماً کلیاً عاماً، بحیث تعتبر «علی بن أبی طالب (علیه السلام)» أو «سلمان الفارسی» مصداقین مهمّین ضمن هذا المفهوم الذی یشمل أفراداً آخرین یسیرون على نفس النهج، حتى لو لم تتطرّق الرّوایات إلى أسمائهم.

إنّ الأمر الذی یثیر الأسف فی هذا المجال، هو تدخّل العصبیات الطائفیة والقومیة فی تفسیر هذه الآیة، والتی أدخلت أفراداً لا یمتلکون أىّ کفاءة ولا یتمتعون بأىّ من الصفات المذکورة ضمن مصادیق هذه الآیة واعتبرتهم ممّن نزلت الآیة فی شأنهم، ومن هؤلاء الأفراد «أبو موسى الأشعری» الذی ارتکب تلک الحماقة التّاریخیة المعروفة التی دفعت بالإسلام نحو هاویة السقوط، ووضعت أمیرالمؤمنین علی بن أبی طالب (علیه السلام)فی أحرج موقف (3).

والغریب فی هذا الأمر هو انتقال آثار التطرّف الذی نلاحظه فی الکتب العلمیة ـ بشکل رهیب ـ إلى سواد الناس، بل إلى متعلّمیهم، وکأنّ هناک یداً خفیّة تسعى إلى تشتیت صفوف المسلمین، وتحول دون اتحاد کلمتهم، وقد سرى هذا التطرّف لیشمل تاریخ ما قبل الإسلام، بحیث نرى هؤلاء المتطرّفین وقد سمّوا شارعاً فخماً یقع بجوار بیت الله الحرام باسم «أبی سفیان» وهذا الشارع هو أکبر وأفخم بکثیر من شارع «إبراهیم الخلیل (علیه السلام)» مؤسس الکعبة الشریفة.

وأخذ أمثال هؤلاء المتطرّفین یتّهمون کثیراً من المسلمین وبکلّ بساطة بالشرک، لا لشیء إلاّ لأنّ تحرّک هؤلاء المسلمین لا یتّفق مع أهوائهم وطریقتهم الخاصة، وکأنّ الإسلام ینحصر فی هذه الطریقة، أو کأنّهم ـ وحدهم ـ سدنة القرآن وحفظته دون غیرهم، أو کأنّهم هم المکلّفون ـ دون غیرهم ـ ببیان من هو المسلم ومن هو الکافر، فیشیرون بکلمة واحدة إلى هذا بأنّه مشرک وإلى ذاک بأنّه مسلم، وفق ما تشتهیه أهواؤهم ورغباتهم.

فی حین أنّنا نقرأ فی الرّوایات الواردة فی تفسیر هذه الآیة، أنّ الإسلام حین یصبح غریباً بین أهله یبرز أشخاص کسلمان الفارسی لإعادة مجد الإسلام وعظمته، وهذه بشارة وردت على لسان النّبی (صلى الله علیه وآله) لقوم سلمان.

والمثیر للدهشة والحیرة أنّ کلمة التوحید التی هی رمز لوحدة المسلمین، أصبحت الیوم تستخدم من قبل جهات معلومة للتفریق بین المسلمین واتهامهم بالشرک والوثنیة، وقد خاطب أحد العلماء هؤلاء المتطرّفین بقوله: إنّکم قد وصلت بکم الحالة إلى درجة أنّ إسرائیل إذا تسلّطت على جماعة منکم فرحت جماعة اُخرى بهذا التسلّط، وإذا ضربت إسرائیل الجماعة الاُخرى فرحت الجماعة الاُولى بهذا العمل، أو لیس هذا هو ما یبتغیه ویهدف إلیه أعداء الإسلام؟

ومن الإنصاف القول بأنّ اللقاءات المتکررة التی حصلت بیننا وبین عدد من علماء هؤلاء المتعصّبین المتطرّفین، کشفت القناع عن أنّ الواعین منهم کثیراً ما لا یرضون بهذا الوضع، وقد التقیت بأحد علماء الیمن فی المسجد الحرام فقال أمام جمع من کبار مدرسی الحرم المکی: إنّ إتهام أهل القبلة بالشرک یعتبر ذنباً کبیراً، استقبحه السلف الصالح کثیراً، وقد صدر هذا القول منه حین کان الحدیث یدور حول مسألة حدود الشرک، وقد أعرب هذا العالم عن استیائه لما یقوم به بعض الجهلاء من اتهام الناس بالشرک مشیراً إلى أنّ هؤلاء یتحمّلون بعملهم هذا مسؤولیة عظیمة.


1. وقد ورد فی تفسیر البرهان وتفسیر نورالثقلین العدید من الرّوایات منقولة عن أئمّة أهل البیت (علیهم السلام) فی هذا المجال، کما نقل الثعلبی وهو أحد علماء السنة هذه الرّوایات، راجع إحقاق الحق، ج 3، ص 200.
2. مجمع البیان، ج 3، ص 208; ونورالثقلین، ج 1، ص 642، أبو نعیم الإصفهانی فی الحلیة، ج 6، ص 64 نقلوا هذا الحدیث على الوجه التالی: «لو کان العلم منوطاً بالثریا لتناوله رجال من أبناء فارس» أمّا ابن عبد البر فقد نقل الحدیث على الصورة التّالیة: «لو کان الدین عند الثریا لناله سلمان...» وذلک فی الإستیعاب، ج 2، ص 577.
3. تفسیر الطبری، ج 6، ص 184، إلاّ أنّ بعض الرّوایات ذکرت فقط «قوم أبی موسى» للإشارة إلى أهل الیمن الذین هبوا لنصرة الإسلام فی أحرج اللحظات، واستثنى أبو موسى تلمیحاً إلى قومه، بینما تصرّح الرّوایات الاُخرى بأنّ (سلمان الفارسی) وقومه هم المشمولون بهذه الآیة.

 

سورة المائدة / الآیة 54 سورة المائدة / الآیة 55
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma