التّفسیر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الامثل 3
سبب النّزولسورة المائدة / الآیة 51 ـ 53

تکرر هذه الآیة تأکید الباری عزّ وجلّ على نبیّه محمّد (صلى الله علیه وآله) فی أن یحکم بین أهل الکتاب طبقاً لأحکام الله، وأن لا یستسلم لأهواءهم ونزواتهم، فتقول: (وأن احکم بینهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم ).

والتکرار للأمر هنا إمّا أن یکون بسبب المواضیع التی اشتملت علیها الآیة، وإمّا لأنّ موضوع الحکم فی هذه الآیة یختلف عن موضوع الحکم فی الآیات السابقة، حیث کان موضوع الحکم فی الآیات السابقة هو الزنا مع المحصنة، وموضوع الحکم فی هذه الآیة هو القتل أو شیء آخر.

ثمّ تحذّر الآیة النّبی (صلى الله علیه وآله) من مؤامرة هؤلاء الذین أرادوا عدول النّبی (صلى الله علیه وآله)عن شرعة الحقّ والعدل، وطالبته بأن یراقب تحرّکاتهم، حیث تقول: (واحذرهم أن یفتنوک عن بعض ما أنزل الله إلیک ).

وأکّدت هذه الآیة استمراراً لخطابها لنبی الإسلام محمّد (صلى الله علیه وآله) أنّ أهل الکتاب هؤلاء إن لم یذعنوا لحکمه العادل فإنّ ذلک یکون دلالة على أنّ ذنوبهم وآثامهم قد طوّقتهم فحرمتهم من التوفیق، وأنّ الله یرید أن یعاقبهم ویعذّبهم بسبب بعض ذنوبهم، حیث تقول الآیة: (فإن تولوا فاعلم أنّـما یرید الله أن یصیبهم ببعض ذنوبهم ).

وسبب ذکر «بعض الذنوب» لا کلّها، قد یکون لأنّ عقاب کلّ الذنوب لا یتم فی الحیاة الدنیا بل یذوق وبال بعضها، والباقی منها یوکّل أمرها إلى العالم الثّانی، أی بعد الموت.

ولم تصرّح هذه الآیة بنوع الذنوب التی طوّقت وأحاطت بهؤلاء، ویحتمل أن تکون إشارة إلى المصیر الذی أحاط بیهود المدینة، بسبب الخیانات المتوالیة التی مارسوها، ممّا اضطرّهم إلى ترک بیوتهم ومغادرة المدینة المنورة، أو أن یکون فشل هؤلاء وحرمانهم من التوفیق نوعاً من العقاب لهم على ذنوبهم السابقة، لأنّ الحرمان من التوفیق یعتبر ـ بحدّ ذاته ـ نوعاً من العقاب، أی أنّ الذنوب المتتالیة والعناد والإصرار على الذنب، جزاؤهما الحرمان من الأحکام العادلة، والتورّط بالضّلال والحیرة فی متاهات الحیاة.

وتشیر الآیة فی النهایة إلى أنّ إصرار هؤلاء القوم من أهل الکتاب على باطلهم یجب أن لا یکون باعثاً للقلق عند النّبی، لأنّ الکثیر من الناس منحرفون عن طریق الحق، أی أنّهم فاسقون، حیث تقول الآیة: (وإنّ کثیراً من الناس لفاسقون ).

سؤال: یمکن أن یعترض البعض بأنّ هذه الآیة توحی باحتمال صدور الانحراف عن النّبی (صلى الله علیه وآله) - والعیاذ بالله - وأنّ الله یحذّره من ذلک، فهل أنّ هذا الأمر یتلائم ومنزلة العصمة التی یتمتع بها النّبی (صلى الله علیه وآله)؟

الجواب: إنّ العصمة لا تعنی مطلقاً استحالة صدور الخطأ من المعصوم، ولو کان کذلک لما بقیت لهم مکرمة أو فضل، ومعنى العصمة هو أنّ النّبی (صلى الله علیه وآله) والأئمّة (علیهم السلام) مع وجود احتمال صدور الذنب أو الخطأ منهم إلاّ أنّهم لا یرتکبون الذنب أبداً وإن کان عدم ارتکاب الذنب من قبل المعصوم ناشىء عن التنبیه والتحذیر والتذکیر الإلهی للمعصوم، أی إنّ التنبیه الإلهی یعتبر جزءاً من عامل العصمة لدى النّبی (صلى الله علیه وآله) والذی یحول دون ارتکاب الخطأ، وسنبادر إلى توضیح موضوع العصمة لدى الأنبیاء ـ بتفصیل أکثر ـ عند تفسیر آیة التطهیر (الآیة 33 من سورة الأحزاب باذن الله).

أمّا الآیة الاُخرى فتساءلت بصیغة استفهام استنکاری: هل أنّ هؤلاء الذین یدّعون أنّهم أتباع الکتب السماویة یتوقّعون أن تحکم بینهم (الخطاب للنّبی (صلى الله علیه وآله)) بأحکام الجاهلیة التی فیها أنواع التمایز المقیت؟ حیث تقول الآیة: (أفحکم الجاهلیة یبغون ).

لکنّ أهل الإیمان لا یرون أىّ حکم أرفع وأفضل من حکم الله، حیث تتابع الآیة قولها: (ومن أحسن من الله حکماً لقوم یوقنون ).

ولقد بیّنا ـ عند تفسیر الآیات السابقة ـ أنّ نوعاً من التمایز الغریب کان یسود الأوساط الیهودیة بحیث لو أنّ فرداً من یهود بنی قریظة قتل فرداً من یهود بنی النضیر لتعرّض للقصاص، بینما لو حصل العکس لم یکن لیطبّق حکم القصاص فی القاتل، وقد شمل هذا التمایز المقیت ـ أیضاً ـ حکم الغرامة والدیة عند هؤلاء، فکانوا یأخذون ضعف الدیة من جماعة، ولا یأخذونها من جماعة اُخرى، أو یأخذون أقل من الحدّ المقرر، ولذلک استنکر القرآن هذا النوع من التمایز واعتبره من أحکام الجاهلیة، فی حین أنّ الأحکام الإلهیّة تشمل البشر أجمعین وتطبّق دون أىّ تمایز.

وجاء فی کتاب «الکافی» عن أمیرالمؤمنین علی بن أبی طالب (علیه السلام) أنّه قال: «الحکم حکمان: حکم الله، وحکم الجاهلیة، فمن أخطأ حکم الله حکم بحکم الجاهلیة» (1).

وهکذا یتّضح أنّ أىّ مسلم یتبع الأحکام الوضعیة ولا یلتزم بالأحکام والقوانین الإلهیّة السماویة إنّـما یسیر فی الحقیقة فی طریق الجاهلیة.


1. اصول الکافی، ج 7، ص 407; وتفسیر نورالثقلین، ج 1، ص 640.

 

سبب النّزولسورة المائدة / الآیة 51 ـ 53
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma