التّفسیر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الامثل 3
سورة المائدة / الآیة 46 سورة المائدة / الآیة 47

بعد الآیات التی تحدّثت عن التّوراة جاءت هذه الآیة، وهی تشیر إلى حال الإنجیل وتؤکّد بعثة ونبوّة المسیح (علیه السلام) بعد الأنبیاء الذین سبقوه، وتطابق الدلائل التی جاء بها مع تلک التی وردت فی التّوراة، حیث تقول الآیة: (وقفینا على آثارهم بعیسى ابن مریم مصدقاً لما بین یدیه من التّوراة ) ولهذه الجملة القرآنیة تفسیر آخر وهو أنّ عیسى المسیح (علیه السلام)قد أقرّ بحقیقة کلّ ما نزل فی التّوراة على النّبی موسى (علیه السلام) کاقرار جمیع الأنبیاء (علیهم السلام) بنبوّة من سبقوهم من الأنبیاء، وبعدالة ما جاؤوا به من أحکام.

ثمّ تشیر الآیة الکریمة إلى انزال الإنجیل على المسیح (علیه السلام) وفیه الهدایة والنّور فتقول: (وآتیناه الإنجیل فیه هدى ونور ) وقد أطلق اسم النّور فی القرآن المجید على التّوراة والإنجیل والقرآن نفسه، حیث نقرأ بشأن التّوراة قوله تعالى: (إنّا أنزلنا التّوراة فیها هدى ونور ) (1).

وأمّا الإنجیل فقد وصفته هذه الآیة الشریفة بصفة النور..

والقرآن ـ أیضاً ـ حیث نقرأ قوله تعالى: (قد جاءکم من الله نور وکتاب مبین ) (2).

فکما أنّ النّور یعتبر ـ فی الحقیقة ـ ضرورة حتمیة لجمیع الموجودات من أجل أن تواصل حیاتها، کذلک تکون الأدیان الإلهیّة والشرائع والکتب السماویة ضرورة حتمیة لنضوج وتکامل بنی الإنسان.

 

وقد ثبت من حیث المبدأ أنّ مصدر کل الطاقات والقوى والحرکات وکل أنواع الجمال هو النّور، فکذلک الحال فی تعلیمات الأنبیاء وإرشاداتهم، فلولاها لساد الظلام کل القیم الإنسانیة سواء الفردیة منها أو الاجتماعیة، وهذا ما نلاحظه فی المجتمعات المادیة بکلّ وضوح.

لقد کرر القرآن الکریم فی مجالات متعددة أنّ التّوراة والإنجیل هما کتابان سماویان، ومع أنّ هذین الکتابین ـ دون شک ـ منزلان فی الأصل من قبل الله سبحانه وتعالى، لکنّهما ـ بالتأکید ـ قد تعرّضا بعد حیاة الأنبیاء إلى التحریف، فحذفت منهما حقائق وأضیفت إلیهما خرافات، وأدّى ذلک إلى أن یفقدا قیمتهما الحقیقیة، أو أنّ الکتب الأصلیة تعرّضت للنسیان والتجاهل وحلّت محلّها کتب اُخرى حوت على بعض الحقائق من الکتب الأصلیة (3).

وعلى هذا الأساس فإنّ کلمة النّور التی اُطلقت فی القرآن الکریم على هذین الکتابین، إنّما عنت التّوراة والإنجیل الأصلیین الحقیقیین.

بعد ذلک تکرر الآیة التأکید على أنّ عیسى (علیه السلام) لم یکن وحده الذی أیّد وصدّق التّوراة، بل إنّ الإنجیل ـ الکتاب السماوی الذی نزل علیه ـ هو الآخر شهد بصدق التّوراة حیث تقول الآیة: (مصدقاً لما بین یدیه من التّوراة ).

وفی الختام تؤکّد الآیة أنّ هذا الکتاب السماوی قد حوى سبل الرشاد والهدایة والمواعظ للناس المتقین، حیث تقول: (وهدى وموعظة للمتقین ).

وتشبه هذه العبارة، عبارة اُخرى وردت فی بدایة سورة البقرة، حین کان الحدیث یدور عن القرآن الکریم، حیث جاء قوله تعالى: (هدى للمتقین ).

إنّ هذه الصفة لا تنحصر بالقرآن وحده، بل إنّ کلّ الکتب السماویة تحتوی على سبل الهدایة للناس المؤمنین المتقین، والمراد بالمتقین هم اُولئک الذین یبحثون عن الحق والحقیقة والمستعدون لقبول الحق، وبدیهی أنّ الذین یغلقون أبواب قلوبهم اصراراً وعناداً بوجه الحق، لن ینتفعوا بأىّ حقیقة أبداً.

والملفت للنظر فی هذه الآیة أیضاً، أنّها ذکرت أوّلا أنّ الإنجیل (فیه هدى) ثمّ کررت الآیة کلمة (هدى) بصورة مطلقة، وقد یکون المراد من هذا الاختلاف فی التعبیر هو بیان أنّ الإنجیل والکتب السماویة الاُخرى تشتمل على دلائل الهدایة للناس ـ جمیعاً ـ بصورة عامّة، ولکنّها بصورة خاصّة، تکون باعثاً لهدایة وتربیة وتکامل الأتقیاء من النّاس الذی یتفکّرون فیها بعمق وتدبّر.


1. المائدة، 44.
2. المائدة، 15.
3. راجع کتابی الهدى إلى دین المصطفى وأنیس الأعلام لمعرفة تفاصیل التحریف الوارد فی الإنجیل والدلائل التّأریخیة على ذلک.

 

سورة المائدة / الآیة 46 سورة المائدة / الآیة 47
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma