جزاء مرتکب العدوان

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الامثل 3
سبب النّزولسورة المائدة / الآیة 35

تکمّل الآیة الاُولى ـ من الآیتین الأخیرتین ـ البحث الذی تناولته الآیات السابقة حول قتل النفس، وتبیّن جزاء وعقاب من یشهر السلاح بوجه المسلمین، وینهب أموالهم عن طریق التهدید بالقتل أو بإرتکاب القتل، فتقول: (إنّما جزاء الذین یحاربون الله ورسوله ویسعون فی الأرض فساداً أن یقتلوا أو یصلّبوا أو تقطّع أیدیهم وأرجلهم من خلاف أو ینفوا من الأرض ).

ومعنى قطع الأیدی والأرجل من خلاف هو أن تقطع الید الیمنى والرجل الیسرى.

ویجدر الإنتباه هنا إلى عدّة اُمور، وهی:

إنّ المراد جملة (الذین یحاربون الله ورسوله ) الواردة فی الآیة ـ کما تشیر إلیه أحادیث أهل البیت ویدلّ علیه سبب نزول الآیة ـ هو إرتکاب العدوان ضد أرواح أو أموال الناس باستخدام السلاح والتهدید به، سواء کان هذا العدوان من قبل قطاع الطرق خارج المدن أو داخلها، وعلى هذا الأساس فإنّ الآیة تشمل أیضاً الأشرار الذین یعتدون على أرواح الناس وأموالهم ونوامیسهم.

والذی یلفت الإنتباه فی هذه الآیة هو أنّها اعتبرت العدوان الممارس ضد البشر بمثابة إعلان الحرب وممارسة العدوان ضد الله ورسوله، وهذه النقطة تبیّن بل تثبت مدى اهتمام الإسلام العظیم بحقوق البشر ورعایة أمنهم وسلامتهم.

المراد بقطع الید أو الرجل ـ المذکور فی الآیة، وکما أشارت إلیه کتب الفقه ـ هو القطع بنفس المقدار الذی ینفذ بحق السارق لدى قطع یده، أی مجرّد قطع أربعة من أصابع الید أو الرجل (1).

هل أنّ العقوبات الأربع المذکورة فی الآیة لها طابع تخییری؟ أی هل أنّ الحکومة الإسلامیة مخیرة فی استخدام أی منهما بحق الفرد الذی تراه یستحق ذلک، أم أن العقوبة یجب أن تتناسب ونوع الجریمة التی إرتکبها الفرد؟ أی إذا إرتکب الفرد المحارب جریمة قتل ضد أفراد أبریاء تطبق بحقّه عقوبة الإعدام، وإن إرتکب سرقة عن طریق التهدید بالسلاح تنفذ فیه عقوبة قطع أصابع الید أو الرجل، وإذا إرتکب الجریمتین معاً یکون عقابه الإعدام والصلب على الأعواد لفترة معینة لکی یعتبر به الناس، وإذا شهر الفرد المحارب السلاح على الناس دون أن یراق أیّ دم أو تتم سرقة شیء یکون عقابه النفی إلى بلد آخر؟

لا شک أنّ الاحتمال الثّانی ـ وهو تطبیق العقوبة المتناسبة مع الجریمة أقرب إلى الحقیقة، وقد أید هذا المعنى ما ورد فی أحادیث عن أئمّة أهل البیت (علیهم السلام) أیض (2).

وبالرغم من أنّ بعض الأحادیث أشارت إلى أنّ الحکومة الإسلامیة مخیرة فی إنتخاب أی من العقوبات الأربع الواردة، لکننا ـ نظراً للأحادیث التی أشرنا إلیها قبل قلیل ـ نرى أنّ المراد من التخییر لا یعنی أن تنتخب الحکومة الإسلامیة واحداً من العقوبات المذکورة إنتخاباً اعتباطیاً دون أن تأخذ نوع الجریمة بنظر الاعتبار، حیث من المستبعد کثیراً أن تکون عقوبتا الإعدام والصلب متساویتین مع عقوبة النفی، أو أن تکونا بمنزلة واحدة!

ویلاحظ هذا الأمر أیضاً فی الکثیر من القوانین الوضعیة المعاصرة بصورة واضحة، حیث تعیّن عقوبات مختلفة لنوع واحد من الجرائم، وعلى سبیل المثال نرى أنّ بعض الجرائم تتراوح عقوبتها بین 3 سنین إلى 10 سنین من السجن، والقاضی یتعامل فی هذا المجال وفق ما یراه مناسباً لواقع الحال، ولیس وفق ما یشتهیه هو، فتارة یکون المناسب فی الجریمة أن تطبق العقوبة المشددة، واُخرى یتناسب معها تخفیف العقوبة، نظراً للظروف المحیطة والملابسات الواردة فی حالة إرتکاب الجریمة.

وهذا القانون الإسلامی الذی جاء بحق المحاربین، یتفاوت فیه اُسلوب العقاب ونوعه مع اختلاف الجریمة التی یرتکبها الفرد المحارب أو الجماعة المحاربة.

وغنی عن القول أنّ العقوبات المشددة التی جاء بها الإسلام لقطاع الطریق تتوضح فلسفتها فی الأهمیة القصوى التی أعارها هذا الدین للدماء البریئة، لکی یحول دون إعتداء الأفراد الأشقیاء الأشرار القتلة على أرواح وأموال وأعراض الناس الأبریاء (3).

وفی الختام تشیر الآیة إلى أنّ هذه العقوبات هی لفضح المجرمین فی الدنیا، وسوف لا یتوقف الأمر على هذه العقوبات، بل سینالون یوم القیامة عقاباً أشد وأقسى حیث تقول الآیة: (ذلک لهم خزی فی الدّنیا ولهم فی الآخرة عذاب عظیم ).

ویستدل من هذه الجملة القرآنیة على أنّ العقوبات الإسلامیة الدنیویة التی تنفذ فی المجرمین لن تکون حائلا دون نیلهم لعقاب الآخرة، ولکن طریق العودة والتوبة لا یغلق حتى بوجه مجرمین خطیرین کالذین ذکرتهم الآیة إن هم عادوا إلى رشدهم وبادروا إلى إصلاح أنفسهم، ولکی یبقى مجال التعویض عن الأخطاء مفتوحاً تقول الآیة الثانیة: (إلاّ الذین تابوا من قبل أن تقدروا علیهم فاعلموا أنّ الله غفور رحیم ).

والذی یظهر من هذه الآیة هو أنّ العقاب والحدّ الشرعی یرفعان عن اُولئک المجرمین فی حالة انصرافهم طوعاً عن إرتکاب الجریمة وندمهم قبل أن یلقى القبض علیهم فقط.

وبدیهی أنّ توبة هؤلاء لا تسقط العقاب عنهم إن کانوا قد إرتکبوا جریمة قتل أو سرقة، إلاّ فی حالة إرتکاب جریمة التهدید بالسلاح فإن العقوبة تسقط إن هم تابوا وندموا قبل إلقاء القبض علیهم.

وبعبارة اُخرى فإنّ التوبة فی مثل هذه الجرائم لها تأثیر فی ما یخص الله فقط، أمّا حق الناس فلا یسقط بالتوبة ما لم یرض صاحب الحق.

وهکذا فإنّ عقاب المحارب یکون أشدّ وأقسى من عقاب السارق أو القاتل العادی، فهو إن تاب نجا من العقوبة التی تشمله لکونه محارباً، لکنه لا یتخلّص من عقوبة السرقة والقتل العادیین.

سؤال: وقد یطرأ هنا سؤال وهو کیف یمکن إثبات التوبة مادامت هی عملیة قلبیة باطنیة؟

والجواب: هو أن طرق إثبات التوبة فی هذا المجال کثیرة وافرة، وأحدها: أن یشهد عادلان على أنّهما سمعا توبة المجرم فی مکان ما، وأنّه تاب دون أن یرغمه أحد على التوبة، والآخر: أنّ یغیر المجرم اُسلوب حیاته بشکل تظهر علیه آثار التوبة بجلاء.


1. تفسیر کنزالعرفان، ج 2، ص 352.
2. تفسیر نورالثقلین، ج 1، ص 622.
3. إنّ الأحکام التی تطرقنا إلیها جاءت على شکل بحث تفسیری ملخص، وتفاصیل هذه الأحکام وشروطها موجودة فی کتب الفقه.

 

سبب النّزولسورة المائدة / الآیة 35
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma