ورد فی سبب نزول هاتین الآیتین الکریمتین، أنّ جماعة من المشرکین قدموا إلى النّبی (صلى الله علیه وآله)وأعلنوا إسلامهم لکنّهم ـ لعدم تعوّدهم على طقس ومناخ المدینة ـ أصیبوا ببعض الأمراض، فنصحهم النّبی (صلى الله علیه وآله) أن یذهبوا إلى منطقة ذات مناخ جید من الصحراء خارج المدینة، کانت مرتعاً لإبل الزکاة، وأجاز لهم الإنتفاع بلبن تلک الإبل بما یکفیهم، ففعلوا وتعافوا ممّا کانوا یعانون منه من الأمراض، لکنّهم بدل أن یقدّموا الشکر على صنیع النّبی (صلى الله علیه وآله) معهم، عمدوا إلى قتل الرعاة المسلمین والتمثیل بهم وسمل عیونهم، ونهبوا إبل الزکاة وإرتدوا عن الإسلام إلى الشرک، فأمر النّبی (صلى الله علیه وآله) بإلقاء القبض علیهم والقصاص منهم بمثل ما إرتکبوه بحق اُولئک الرعاة الأبریاء، وجزاء لهم على جرائمهم فسملت عیونهم وقطعت أوصالهم وقتلوا، لکی یصبحوا عبرة لغیرهم فلا تسوّل لأحد نفسه أن یرتکب مثل هذه الجرائم الوحشیة البشعة، وقد نزلت الآیتان الأخیرتان وهما تبیّنان حکم الإسلام فی هذه الجماعة (1).