التّفسیر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الامثل 3
سورة المائدة / الآیة 19 سورة المائدة / الآیة 20 ـ 26

تکرر هذه الآیة الخطاب إلى أهل الکتاب من الیهود والنصارى، فتبیّن لهم أنّ النّبی المرسل إلیهم مرسل من عند الله، أرسله فی عصر ظلت البشریة قبله فترة دون أن یکون لها نبیّ، فبیّن لهم هذا النّبی الحقائق، لکی لا یقولوا بعد هذا إنّ الله لم یرسل إلیهم من یهدیهم إلى الصراط السوی ویبشرهم بلطف الله ورحمته ویحذّرهم من الانحراف والإعوجاج، وینذرهم بعذاب الله، حیث تقول الآیة: (یا أهل الکتاب قد جاءکم رسولنا یبیّن لکم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشیر ولا نذیر ).

نعم، فالبشیر والنذیر هو نبیّ الإسلام محمّد (صلى الله علیه وآله) الذی یبشّر المؤمنین الذین یعملون الصالحات برحمة الله وثوابه، وینذر الذین کفروا والعاصین بعذاب الله وعقابه، وقد جاء لیبشر ولینذر أهل الکتاب والبشریة جمعاء، حیث تؤکّد الآیة هذا بقوله تعالى: (فقد جاءکم بشیر ونذیر ).

أمّا کلمة «فترة» الواردة فی الآیة فهی تعنی فی الأصل الهدوء والسکینة کما تطلق على الفاصلة الزمنیة بین حرکتین أو جهدین أو نهضتین أو ثورتین.

وقد شهدت الفاصلة الزمنیة بین موسى (علیه السلام) وعیسى (علیه السلام) عدداً من الأنبیاء والرسل، بینما لم یکن الأمر کذلک فی الفاصلة الزمنیة بین عیسى (علیه السلام) والنّبی محمّد (صلى الله علیه وآله)، ولذلک أطلق القرآن الکریم على هذه الفاصلة الأخیرة اصطلاح (فترة من الرسل ) والمعروف أن هذه الفترة دامت ستمائة عام تقریب (1).

 

أمّا ما جاء فی القرآن ـ فی سورة یس الآیة 14 ـ وما ذکره المفسّرون، فیدلان على أنّ ثلاثة من الرسل ـ على الأقل ـ قد بعثوا فی الفاصلة الزمنیة بین النّبی عیسى (علیه السلام) ونبیّ الإسلام (صلى الله علیه وآله)، وقد ذکر البعض أنّ أربعة من الرسل بعثوا فی تلک المدّة، وعلى أی حال لابدّ أن تکون هناک فترة خلت من الرسل بین وفاة اُولئک الرسل والنّبی محمّد (صلى الله علیه وآله)، ولذلک عبّر القرآن عن تلک الفترة الخالیة من الرسل بقوله: (على فترة من الرسل ).

سؤال: وقد یعترض البعض بأنّه کیف یمکن القول بوجود مثل تلک الفترة مع أنّ الاعتقاد السائد لدینا یقضی بأن المجتمع البشری لا یمکن أن یخلو ولو للحظة من رسول أو إمام معین من قبل الله سبحانه وتعالى؟

الجواب: إنّ القرآن الکریم حین یقول: (على فترة من الرسل ) إنّما ینفی وجود الرسل فی تلک المدّة، ولا یتنافى هذا الأمر مع القول بوجود أوصیاء للرسل فی ذلک الوقت.

وبعبارة اُخرى، فإنّ الرسل هم أشخاص کانوا یمارسون الدعوة على نطاق واسع، وکانوا یبشرون وینذرون الناس، ویثیرون الحرکة والنشاط فی المجتمعات، ویوقظونها من سباتها بهدف إیصال ندائهم إلى الجمیع، بینما لم یکن جمیع أوصیاء الرسل لیحملوا مثل تلک المهمّة، بل یحتمل ـ أیضاً ـ إنّهم لظروف وعوامل اجتماعیة خاصّة، کانوا یعیشون بین الناس أحیاناً متخفین متنکّرین.

ویقول أمیرالمؤمنین علی بن أبی طالب (علیه السلام) فی إحدى خطبه الواردة فی کتاب «نهج البلاغة» فی هذا المجال ما یلی: «اللّهم بلى، لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة إمّا ظاهراً مشهوراً أو خائفاً مغموراً لئلا تبطل حجج الله وبیناته، یحفظ الله بهم حججه وبیّناته حتى یودعوها نظراءهم ویزرعوها فی قلوب أشباههم» (2).

وواضح أن المجتمع البشری لو خلا من الرسل الثوریین والدعاة العالمین، لعمّت هذه المجتمع الخرافات والوساوس الشیطانیة والانحرافات والجهل بالتعالیم الإلهیة، وتکون مثل هذه الحالة خیر حجة بأیدی اُولئک الذین یریدون الفرار والتخلی عن المسؤولیات، لذلک فإنّ الله یبطل هذه الحجة عن طریق الرجال الرسالیین المرتبطین به والموجودین دائماً بین أبناء البشر.

وفی الختام تؤکّد الآیة على شمولیة قدرة الله عزَّوجلَّ فتقول: (والله على کل شیء قدیر )وهذا بیان بأنّ إرسال الأنبیاء والرسل وتعیین أوصیائهم أمر یسیر بالنسبة لقدرة الله العزیز المطلقة.

 


1. ویرى البعض أنّ هذه الفترة تبلغ أکثر من ستمائة عام، وآخرون یرون أنّها أقل من هذه المدّة واستناداً على قول البعض فإنّ الفاصلة الزمنیة بین ولادة المسیح (علیه السلام) وهجرة نبی الإسلام محمّد (صلى الله علیه وآله) ووفق التاریخ المیلادی تبلغ 621 عاماً و95 یوماً (تفسیر روح الجنان، ج 4، ص 154).
2. نهج البلاغة، الکلمات القصار، الکلمة 147.

 

سورة المائدة / الآیة 19 سورة المائدة / الآیة 20 ـ 26
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma