التّفسیر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الامثل 3
سورة المائدة / الآیة 15 ـ 16 سورة المائدة / الآیة 17

بعد أنّ تحدثت الآیات السابقة عن نقض الیهود والنصارى لمیثاقهم، جاءت الآیة الأخیرة لتخاطب أهل الکتاب بصورة عامّة وتدعوهم إلى الإسلام الذی طهّر الدیانتین الیهودیة والمسیحیة من الخرافات التی لصقت بهما، والذی یهدیهم إلى الصراط السّوی المستقیم، والذی لیس فیه أی انحراف أو اعوجاج.

وتبیّن الآیة ـ فی البدایة ـ أنّ رسول الله (صلى الله علیه وآله) المبعوث إلیهم جاء لیظهر الکثیر من الحقائق الخاصّة بالکتب السماویة التی أخفوها هم (أهل الکتاب) وکتموها عن الناس، وأنّ هذا الرّسول یتغاضى عن کثیر من تلک الحقائق التی انتفت الحاجة إلیها وزال تأثیرها بزوال العصور التی نزلت لها، فتقول الآیة فی هذا المجال: (یا أهل الکتاب قد جاءکم رسولنا یبیّن لکم کثیراً ممّا کنتم تخفون من الکتاب ویعفو عن کثیر ).

وتدّل هذه الجملة القرآنیة على أنّ أهل الکتاب کانوا قد أخفوا وکتموا الکثیر من الحقائق، لکن نبیّ الإسلام (صلى الله علیه وآله) قد أظهر من تلک الحقائق ما یفی منها بحاجة البشریة فی عصر الإسلام، مثل بیان حقیقة التوحید وطهارة الأنبیاء وتنزههّم عمّا نسب إلیهم فی التوراة والإنجیل المزورین، کما بیّن تحریم الربا، والخمرة وأمثالهما، بینما بقیت حقائق تخص

الاُمم السابقة والأزمنة الغابرة ممّا لا أثر لذکرها فی تربیة الأجیال الإسلامیة، فلم یتمّ التطرق إلیها.

وتشیر الآیة الکریمة ـ أیضاً ـ إلى أهمّیة وعظمة القرآن المجید وآثاره العمیقة فی هدایة وإرشاد وتربیة البشریة، فتقول: (قد جاءکم من الله نور وکتاب مبین ) النور الذی یهدی به الله کل من یبتغی کسب مرضاته إلى سبل السلام، کما تقول الآیة الاُخرى: (یهدی به الله من اتّبع رضوانه سبل السلام ) وینقذهم من أنواع الظلمات (کظلمة الشرک وظلمة الجهل وظلمة التفرقة والنفاق وغیرها...) ویهدیهم إلى نور التوحید والعلم والإتحاد، حیث تقول الآیة: (ویخرجهم من الظلمات إلى النّور بإذنه ).

وإضافة إلى ذلک کلّه یرشدهم إلى الطریق المستقیم الذی لا اعوجاج ولا انحراف فی جانبیه العقائدی والعملی أبداً، کما تقول الآیة: (ویهدیهم إلى صراط مستقیم ).

لقد اختلف المفسّرون فی المعنى المراد من کلمة «النّور» الواردة فی الآیة، فذهب البعض منهم إلى أنّها تعنی شخص النّبی محمّد (صلى الله علیه وآله)، وقال مفسّرون آخرون: إنّ المعنى بالنور هو القرآن المجید.

وحین نلاحظ آیات قرآنیة عدیدة تشبه القرآن بالنور، یتبیّن لنا أنّ کلمة «النور» الواردة فی الآیة ـ موضوع البحث ـ إنّما تعنی القرآن، وعلى هذا الأساس فإنّ عطف عبارة «کتاب مبین» على کلمة (النور» یعتبر من قبیل عطف التوضیح، کما نقرأ فی الآیة 157 من سورة الأعراف: (فالذین آمنوا به وعزّروه ونصروه واتبعوا النور الذی اُنزل معه اُولئک هم المفلحون ) وفی الآیة 8 من سورة التغابن نقرأ ما یلی: (فآمنوا بالله ورسوله والنور الذی أنزلنا... ) وآیات عدیدة اُخرى تشیر إلى نفس المعنى، بینما لا نجد فی القرآن آیة اُطلقت فیها کلمة النور على شخص النّبی (صلى الله علیه وآله).

وإضافة إلى ما ذکر فإنّ الضمیر المفرد الوارد فی عبارة «به» الواردة فی الآیة الثانیة من الآیتین الأخیرتین، یؤکّد هذا الموضوع أیضاً، وهو أنّ النور والکتاب المبین هما إشارتان لحقیقة واحدة.

ومع أنّنا نجد روایات عدیدة تفسّر کلمة «النّور» على أنّها إشارة إلى الإمام علی بن أبی طالب أمیرالمؤمنین (علیه السلام) أو الأئمّة الإثنی عشر (علیهم السلام) جمیعهم، لکن الواضح هو أنّ هذا التّفسیر یعتبر من باب بیان بواطن الآیات، لأنّنا کما نعلم أنّ للآیات القرآنیة ـ بالإضافة إلى معانیها

الظاهریة ـ معان باطنیة یعبّر عنها بـ «بواطن القرآن» أو «بطون القرآن»، ودلیل قولنا هذا أنّ الأئمّة (علیهم السلام) لم یکن لهم وجود فی زمن النّبی (صلى الله علیه وآله) لکی یدعو القرآن أهل الکتاب للإیمان بهم.

أمّا الأمر الثّانی الوارد فی الآیة الثانیة من الآیتین الأخیرتین، فهو أنّ القرآن یبشر اُولئک الذین یسعون لکسب مرضاة الله بأنّهم سیحظون فی ظل القرآن بنعم عظیمة ثلاثة هی:

أوّلا: الهدایة إلى سبل السلامة التی تشمل سلامة الفرد والمجتمع، والروح والجسد والعائلة، والسلامة الأخلاقیة، وکل هذه الاُمور تدخل فی الجانب العملی من العقیدة.

وثانیاً: نعمة النجاة من ظلمات الکفر والإلحاد.

وثالثاً: الهدایة إلى النور، وفی هذا دلالة على الطابع العقائدی، ویتمّ کل ذلک من خلال أقصر وأقرب الطرق وهو الذی أشارت إلیه الآیة بـ (الصراط المستقیم ).

وبدیهی أنّ هذه النعم لا یحظى بها إلاّ من أسلم وجهه للّه، وخضع للحق بالعبودیة والطاعة، وکان مصداقاً للعبارة القرآنیة القائلة: (من اتّبع رضوانه ) بینما لا یحضى المنافقون والمعاندون وأعداء الحق بأیّ فائدة مطلقاً، کما تشیر إلى ذلک آیات قرآنیة عدیدة.

وبدیهی ـ أیضاً ـ أنّ کل هذه النتائج والآثار، إنّما تحصل بمشیئة الله وإرادته وحده دون سواه، کما تشیر عبارة «بإذنه» الواردة فی الآیة الأخیرة.

 

سورة المائدة / الآیة 15 ـ 16 سورة المائدة / الآیة 17
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma